أسطورة المقاومة أسطورة المقاومة

في ظل القصف (الإسرائيلي)

معاناة متواصلة.. أزمة مياه غير مسبوقة في غزة!

غزة _ خاص الرسالة نت 

وسط استمرار زئير الطائرات والقصف المتواصل على مدينة غزة، ومن بين الركام الذي يحيط بها، تسير المواطنة أم ملك حمودة بخطوات متعبة بين أزقة الشوارع للوصول إلى أقرب مركز إيواء، تحمل بيدها جالونًا بلاستيكيًا فارغًا، وعيناها تترقبان "شاحنة مياه صالحة للشرب" للحصول على ما يروي عطش عائلتها.
المواطنة حمودة، التي نزحت من شمال قطاع غزة قبل أيام، تقف يوميًا في طوابير طويلة عند نقاط توزيع المياه في محاولة للحصول على مياه صالحة للشرب، وتقول: "تفاقمت أزمة المياه خلال اليومين الماضيين بشكل غير مسبوق".
وتضيف المواطنة، التي تقطن في خيمة مصنوعة من "النايلون" في أرض بحي الشيخ رضوان برفقة عائلتها: "بعد عودة الاحتلال إلى حرب الإبادة على غزة ونزوح المواطنين من الشمال إلى وسط المدينة، تضاعفت الحاجة إلى المياه، والكميات التي نحصل عليها يوميًا لا تكفي العائلة".
وتشير إلى أن الاحتلال يتعمد خنق قطاع غزة واستخدام المياه سلاحًا لتحقيق أهدافه، مؤكدة أنها تعاني أيضًا من عدم توفر المياه للاستخدام اليومي، مثل تنظيف أواني الطهي والاستحمام.
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تفاقمت الأزمة الإنسانية المتعلقة بالحصول على المياه، لتصبح معركة يومية يخوضها الفلسطينيون بحثًا عن مياه صالحة للشرب أو الاستخدام العادي.
معاناة يومية!
أما المواطن علي سمور، أحد سكان مدينة غزة، فيصف هو الآخر معاناته اليومية في الحصول على المياه وسط تصاعد الأزمة الإنسانية التي تعصف بالقطاع بعد خرق الاحتلال اتفاق التهدئة واستئنافه حرب الإبادة.
ويقول سمور، الذي يقطن في شقة متضررة في الطابق الرابع بعد أن استصلح غرفة للسكن فيها إثر قصف الاحتلال: "أصبحت المياه في هذه الأوقات شحيحة جدًا، حيث نضطر للذهاب إلى مسافات بعيدة للحصول على مياه صالحة للشرب والاستخدام العادي".
ويضيف في حديثه لـ"الرسالة": "وفي حال حصلنا على المياه، تكون المعاناة أكثر إرهاقًا، إذ نضطر إلى حمل جالونات المياه للطابق الرابع، سواء للشرب أو للاستخدام اليومي".
ويتابع حديثه: "بيتي يحتاج إلى أكثر من 100 لتر من المياه للاستخدام العادي، وأضطر إلى حمل الجالونات على عدة مراحل، وهو أمر مرهق جدًا، خاصة ونحن في شهر رمضان".
ويختم سمور حديثه بحسرة: "لا نستطيع تأمين الحد الأدنى من احتياجاتنا اليومية، لا للشرب ولا للطهي أو حتى للنظافة".
فجر الثلاثاء الماضي، استأنف جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، لكن الاحتلال خرق بنود الاتفاق على مدار الشهرين.
المياه لا تكفي احتياجات المواطنين!
"بعد نزوح آلاف العائلات من شمال قطاع غزة، وفي ظل عدم توفر السولار، أصبح من الصعب توفير المياه الصالحة للشرب لجميع المواطنين بشكل يومي"، بهذه الكلمات بدأ محمد الشريف، صاحب محطة لتحلية المياه في وسط مدينة غزة، حديثه عن تفاقم الأزمة.
ويقول الشريف في حديثه لـ"الرسالة": "بعد منع الاحتلال دخول السولار إلى غزة، توقفت المولدات الكهربائية التي كنا نعتمد عليها في تشغيل محطات تحلية المياه، وهذا يزيد من صعوبة توفير المياه الصالحة للشرب للمواطنين".
ويتابع: "اليوم تعتمد محطات تحلية المياه على الطاقة البديلة من الخلايا الشمسية، لكنها لا تستطيع تشغيل جميع مضخات المياه بقدرتها الكاملة، ما يؤدي إلى انخفاض كمية المياه المحلاة المنتجة، وهذا سيسبب معاناة كبيرة، خاصة إذا تعرضت غزة لمنخفض جوي أو تعطلت ألواح الطاقة الشمسية بسبب القصف المستمر".
وكان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" قد حذر في وقت سابق من أن الوضع في غزة يزداد تدهورًا مع استمرار العدوان الإسرائيلي للأسبوع الثاني، وتناقص الإمدادات والمياه الصالحة للشرب، وعدم دخول أي مساعدات إلى القطاع منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
الأوضاع الإنسانية تتفاقم!
بدورها، تؤكد بلدية غزة أن حركة النزوح من محافظة شمال غزة تؤثر سلبًا على الخدمات التي تقدمها، خصوصًا في غرب ووسط المدينة، لا سيما خدمات المياه والصرف الصحي، ما يزيد الضغط والأعباء على البنية التحتية.
وتوضح البلدية في بيان صحفي، وصل "الرسالة" نسخة منه، أن "بعض المرافق الحيوية تقع في المناطق المخلاة التي يستهدفها الاحتلال، ما يعيق الوصول إليها وتشغيلها، ويتسبب في تعطيلها، الأمر الذي ينعكس سلبًا على الخدمات المقدمة للمواطنين".
وتلفت إلى أن "حركة النزوح، إلى جانب نقص الإمكانيات، لا سيما المواسير والمولدات والوقود والآليات وقطع الغيار، فضلًا عن الدمار الكبير في البنية التحتية، يفاقم الأوضاع الكارثية في المدينة، ويزيد من معاناة المواطنين، سواء المقيمين فيها أو النازحين من المناطق الأخرى".
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد حذر في وقت سابق من كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد سكان القطاع، حيث يواصل الاحتلال تنفيذ سياسة الإبادة والقتل اليومي بحق المدنيين.
(إسرائيل) تحظر الوصول إلى المياه!
بدورها، تقول منظمة "أطباء بلا حدود": "إن (إسرائيل) تحظر فعليًا الوصول إلى المياه في قطاع غزة، عن طريق قطع الكهرباء والوقود"، داعيةً إلى السماح بمرور المساعدات الإنسانية للفلسطينيين لتجنب مزيد من الخسائر في الأرواح.
وتضيف منسقة المياه والصرف الصحي في غزة لدى المنظمة، بولا نافارو: "مع الهجمات الجديدة التي أسفرت عن مئات القتلى في أيام قليلة، تواصل القوات (الإسرائيلية) حرمان سكان غزة من المياه عبر إيقاف الكهرباء ومنع دخول الوقود".
وتتابع: "معاناة الفلسطينيين في غزة تتفاقم بسبب أزمة المياه، فالعديد منهم يضطرون إلى شرب مياه غير صالحة للاستخدام، بينما يفتقر البعض الآخر إليها تمامًا".
وفي 9 مارس الجاري، قرر وزير الطاقة والبنية التحتية (الإسرائيلي)، إيلي كوهين، وقف تزويد غزة بالكهرباء "فورًا"، علمًا بأن (إسرائيل) كانت تزود القطاع بقدرة محدودة من التيار الكهربائي لتشغيل محطة المياه وسط القطاع.

`
البث المباشر