بقلم: د. فايز أبو شمالة
بإمكان عباس زيارة قطاع غزة، وبإمكان سلام فياض، وكل الوزراء وجميع قادة الأجهزة الأمنية في رام الله، بإمكانهم جميعهم زيارة قطاع غزة، بل والإقامة فيها، وستفتح إسرائيل لهم الطرق، وتسهل لهم الوصول بأمن وسلام، ولكن؛ هل تسمح إسرائيل مقابل ذلك لإسماعيل هنية، ولنائب رئيس المجلس التشريعي، والوزراء، وقادة الأجهزة الأمنية في غزة، هل تسمح لهم إسرائيل بزيارة رام الله؟ وهل يضمن عباس انتقالهم إلى الضفة الغربية دون اعتقال، أو اعتداء من قبل المستوطنين؟
لا أهدف من وراء المقارنة هذه أن أتهم أحداً، ولا أنا صاحب الحق في توزيع الوطنية والانتماء، ولا أسعى إلى تلويث أجواء المصالحة بكلام الشقاق، وإنما واجبي الوطني يملي علي أن أنطق بالعدل بين شقيقين، ولاسيما أن الفكرة التي طرحها عباس لزيارة غزة تهدف إلى تشكيل حكومة توافق وطني، مهمتها الإشراف على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون ستة أشهر، وهذه فكرة تستخف بالمصالحة الفلسطينية الهادفة إلى تحقيق حلم الفلسطينيين جميعهم، وهو حلم الشراكة في القرار السياسي، وعدم تخويل الفرد مهما كان مخلصاً ومؤتمناً وفذاً وعبقرياً ورمزاً، عدم تخويله بالتصرف بالقضية الفلسطينية دون مرجعيات وطنية منتخبه بشكل ديمقراطي.
إن تقدم عباس إلى الانتخابات دون إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، يعني بقاء الوضع المسبب للانقسام على ما هو عليه، وإن تقدم عباس إلى الانتخابات دون الاتفاق على برنامج سياسي يعني مواصله إطلاق سراح المفاوض دون رقيب، وإن تقدم عباس إلى إجراء انتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة فيه تجاوز للأغلبية الفلسطينية المتواجدة في الشتات، والتي يستحيل أن تجري انتخابات ديمقراطية بينهم لأعضاء المجلس الوطني، وإن تقدم عباس إلى الانتخابات دون التفاهم على مسالة الأمن في الضفة الغربية وغزة فيه قفز في الهواء، وتحليق في فضاء الكلام الذي يرد فيه عباس على دعوة إسماعيل هنية، ليصير التنافس بينهما على كسب الرأي العام الفلسطيني عبر وسائل الإعلام!.
ستنجح زيارة عباس لقطاع غزة إذا نجح إسماعيل هنية في زيارة الضفة الغربية، وإذا سمح له بالتنقل بين مدنها، وقيامه بالحملة الانتخابية بالقدر ذاته الذي سيسمح فيه للسيد عباس بزيارة قطاع غزة، والتجوال بين مدنها ومخيماتها فاتحاً منتصراً.
كتب المبدع السوري محمد الماغوط، يقول: أعطونا العطر والخواتم وأخذوا الحب، أعطونا الأراجيح وأخذوا الأعياد، أعطونا الحليب المجفف وأخذوا الطفولة، أعطونا السماد الكيماوي وأخذوا الربيع، أعطونا الجوامع والكنائس وأخذوا الإيمان، أعطونا الحراس والأقفال وأخذوا الأمان، أعطونا الثوار وأخذوا الثورة.
ونحن نقول: أعطونا كلام المصالحة وأخذوا منا الصلح والوفاق والوئام!.