أ. يوسف علي فرحات
هناك بعض الناس حباهم الله سبحانه وتعالى بحدة الذكاء وقوة الفراسة وكأنهم يرون بنور الله سبحانه وتعالى ومن هؤلاء الشيخ أحمد ياسين والذي تنبأ بزوال دولة إسرائيل في القرن الحادي والعشرين في الربع الأول منه وبالتحديد في عام 2027م . وقد تعجب البعض من هذا الكلام ومن تلك الفراسة في حينها ، ولكن يزول العجب حين نقرأ كتاب الأستاذ بسام جرار(زوال إسـرائيل عام 2022م، نبوءة أم صُدَف رقميـة )
بل يزول أكثر حين تَطلعُ علينا وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لتعلن أن انهيار إسرائيل خلال العشرين سنة المقبلة أمر محتوم ولا مفر منه وأعلنت الوكالة ذلك خلال تقرير نشرته مؤخراً ووزعته على نواب مجلس الشيوخ الأمريكي وأعضاء اللجنة المنتخبة في البرلمان وأضاف التقرير أن أكثر من مليوني شخص بينهم 500ألف يحملون البطاقة الخضراء أو جواز سفر سوف يتوجهون إلى أمريكا خلال الأعوام 15 المقبلة مضيفاً أن حوالي مليون و600ألف صهيوني يستعدون للعودة إلى أوطانهم في روسيا وأوربا والغرب الشرقية .
قد يبدو هذا الكلام غريباً لأول وهلة وذلك في ظل القوة العسكرية والاقتصادية التي تملكها دولة الاحتلال ، حتى ربما يعتقد البعض أن هذا الكلام نوع من الهراء والهذيان والدجل ، ولكن يزول هذا الاستغراب عندما نسمع للقيادات العسكرية والفكرية داخل هذا الكيان فضلاً عن حالة الرعب وعدم الاستقرار التي يعيشها الشعب الإسرائيلي .
ومن هؤلاء الساسة البروفسور أمنون روبنشتاين، الذي شغل في الماضي منصبي وزير العدل والتعليم في حكومتي رابين وبراك، والذي يرى أن إسرائيل لا يمكنها البقاء مطلقاً بسبب نوعين من التهديد ، خارجي يمثله فشل إسرائيل في ردع العرب عن مواصلة تهديدها والتربص بها، والتهديد الداخلي المتمثل في الفساد وتآكل ما يسميه " منظومة القيم الصهيونية " التي استند إليها الصهاينة في إقامة كيانهم. وفي مقابلة أجرته معه صحيفة " هآرتس "، يقول روبنشتاين أنه على الرغم من أن انتصارات إسرائيل في حروبها الكبيرة مع الدول العربية، إلا أن هذه الانتصارات فشلت في اجتثاث الرغبة العربية في محاربة إسرائيل. ويرى أن أكثر ما يجعل الأمور أكثر تعقيداً في وجه إسرائيل هو " أسلمة " الصراع، واتخاذه بعداً دينياً، الأمر الذي لا يزيد فقط رقعة العداء لإسرائيل، بل يجعله أكثر تصميماً. ويعتبر روبنشتاين أنه من الحمق الانطلاق من افتراض مفاده أن الأنظمة العربية الحالية ستبقى للأبد، مؤكداً أن إسرائيل قد تستيقظ في يومٍ ما وقد أحيطت بأنظمة حكم ذات توجه إسلامي، لا ترفض وجود إسرائيل فحسب، بل تتجند من أجل إزالتها .
وفي ذات السياق نفسه حث تيدي كوليك رئيس بلدية الاحتلال في القدس السابق، عبر نداء وجهه من خلال الإذاعة الإسرائيلية قيادة الدولة العبرية على بذل كل جهد مستطاع والعمل بكل إصرار من أجل وقف عملية " أسلمة الصراع "؛ حتى لو كان الثمن المطلوب أن تُقدم إسرائيل تنازلات كبيرة للأطراف العربية المعتدلة في المنطقة. ويخشى كوليك من أن التاريخ قد يعيد نفسه ، محذراً الإسرائيليين من أن " عمر بن الخطاب آخر يمكن أن يترجل مرة أخرى ليعلن عودة القدس للمسلمين "، على حد تعبيره.
ولعل أخطر ما يهدد مستقبل دولة إسرائيل ويعطي أكبر مؤشر إلى أنها تقترب من النهاية والهرم ضعف الانتماء للدولة والمشروع الصهيوني ، فبحسب استطلاع للرأي أعده مركز "غوتمتن" في معهد "إسرائيل للديمقراطية" ونشرت نتائجه صحيفة معاريف يوم الأحد 18-5-2008 فإن 60% من الإسرائيليين اليهود فقط يشعرون بأنهم جزء من "دولة إسرائيل" وهمومها. بينما كانت النسبة عام 1979 85% من الجمهور والنتائج الأخطر -وفقاً للصحيفة- تظهر لدى فئة الشباب الذين قال 48% منهم فقط إنهم يشعرون بالانتماء لهذه الدولة !!.
وبين الاستطلاع هذا العام أن تراجع الانتماء وصل جميع الأوساط وبشكل ملفت، وقد لوحظ أن معدل الانتماء إلى الدولة في أوساط اليهود المتدينين كان قد وصل إلى 85% في عام 2003 أما في العام الحالي فقد هبط إلى 42% .
أما في أوساط القادمين الجدد فقد كان هناك انخفاض واضح حيث كان معدل الانتماء في أوساط القادمين في عام 2003 هو 84% أما في هذا العام فقد انخفض إلى 58% فقط .
وفي هذه الأيام تزداد مخاوف قادة وذلك في ظل تنامي الثورات العربية وسقوط الأنظمة الاستبدادية . هذا ولم يخف قادة العدو مخاوفهم هذه ، فقد نقلت صحيفة " معاريف " عن مصدر صهيوني مسؤول ، وصفه للدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المصري الجديد بأنه " لا سامي " ويرفض التطبيع مع إسرائيل ولا يقبل بتواصل التعاون الاقتصادي مع تل أبيب، والأخطر من كل ذلك أنه جاء بناء على رغبة الثوار، ولأنه استمد شرعيته من الثورة .
كما اعتبرت المصادر العسكرية الإسرائيلية أن سقوط نظام حكم العقيد القذافي يمثل " خطراً إستراتيجياً " يهدد بشكل خاص الجبهة الجنوبية في إسرائيل.
هذا وقد كشف موقع صحيفة " معاريف " الإلكتروني النقاب عن خطة أعدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بهدف منع الحركات الإسلامية من الوصول للسلطة في العالم العربي. وذكر الموقع أن نتنياهو يعمل حالياً على إقامة صندوق دولي لتشجيع " التوجهات الديمقراطية " ويعمل على تحقيق نمو اقتصادي، على اعتبار أن هذه الوسيلة الأمثل للحيلولة دون سيطرة الحركات الإسلامية على الحكم في العالم العربي
من ناحية أخرى توقعت صحيفة " ذي ماركير " الاقتصادية الإسرائيلية أن تحل بإسرائيل كارثة اقتصادية كبيرة بعد زوال نظام مبارك. وفي تحليل اقتصادي شامل نشرته الصحيفة في عددها الصادر أمس توقعت الصحيفة أن تضطر إسرائيل إلى تقليص النفقات في مجالات مدنية كثيرة لتغطية زيادة النفقات الأمنية، مما يعني توجيه ضربة كاسحة للاستقرار الاقتصادي. كما حذَّر المفكر الإسرائيلي (آرييه شافيت ) من أن الثورات التي يشهدها العالم العربي تدلل بشكل لا يقبل التأويل على أن المارد العربي استيقظ من نومه .
واعتبر (شافيت ) أن مصير الشرق الأوسط بات محسوماً، مشدداً على أن هذه النقطة من العالم سيحسم مصيرها الإسلاميون والقوميون العرب بالإضافة للعثمانيون الجدد ممثلين في أوردغان وحكمه .
وفي الوقت الذي تثير سقوط الأنظمة الاستبدادية مخاوف قادة اليهود ، فإنها بشارة بقرب قيام خلافة إسلامية على منهاج النبوة مركزها مدينة القدس ، وهذا يعني أن المعركة التي ستنهي الاحتلال أصبحت قاب قوسين أو أدنى .
فهل يشهد العقد القادم مزيداً من الانحسار والتراجع في المشروع الصهيوني ؟! بل هل يشهد العقد القادم أو الذي يليه النهاية الحقيقة لهذا الكيان النكد ، وبهذا تتحقق فراسة الشيخ أحمد ياسين ؟!