قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: المطار والميناء في بحر غزة خدعة إسرائيلية جديدة

بقلم / محسن أبو رمضان

الاقتراح الإسرائيلي الخاص باقتطاع جزء من بحر غزة لإنشاء عليه ميناء ومطار تحت إشراف حلف الناتو ، ينطوي على مخاطر سياسية واقتصادية كبيرة ، فهو بالوقت الذي يبرز به على المستوى الشكلاني ان إسرائيل لا تمانع بإنهاء الحصار عن قطاع غزة وانفتاح الأخير على العالم اقتصادياً من خلال عملية التبادل التجاري ، إلا أنه يهدف إلى مأسسة هذا الحصار دولياً عبر إشراف حلف شمال الأطلسي على كل من الميناء والمطار بما يترتب على ذلك من التحكم بالبضائع الصادرة والواردة وكذلك حركة الأفراد ، بحيث تبقى تحت اشتراطات اللجنة الرباعية الدولية المعتمدة أساسا على الشروط الإسرائيلية وبالتالي فإن الميناء والمطار كمسميان كبيران واللذان يعتبرا عنواناً ورمزاً لسيادة الدول ، يفقدان في هذه الحالة مضمونهما   ووظيفتهما في ظل الإبقاء على السيطرة الدولية والإسرائيلية عليهما .

كما تهدف إسرائيل من وراء هذا الاقتراح للتحرر من الأعباء الناتجة عن المطالب الدولية والتي تلزمها بفعل وثيقة جنيف الرابعة بالتزامات محددة تجاه الشعب الذي يخضع للاحتلال أي الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، حيث أن التوصيف القانوني للقطاع مازال ورغم تنفيذ خطة الانفصال أحادية الجانب في منتصف عام 2005 بان الاحتلال مازال باقياً في قطاع غزة بشقيه المادي والقانوني حيث ثم تحويل قطاع غزة إلى معتقل كبير مسيطر عليه براً وبحراً وجواً ، وقد تعمقت حالة المعتقل الكبير بعد العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة في نهاية 2008 بداية 2009 وكذلك عبر الاستمرار في حصار قطاع غزة ، الأمر الذي أدى إلى انعكاسات وخيمة على شعبنا بالقطاع عبر ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وسوء التغذية وتدمير البنية التحتية والقاعدة المؤسساتية وتعطيل عمليات الإنتاج والتنمية بالزراعة والصناعة والمنشآت والمباني والخدمات .

إن المتتبع لمسار الأحداث فيما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة ، يجد أن إسرائيل تقوم بإطلاق مقترحات ومبادرات لإجهاض أية توجهات عملية وجادة لإنهاء الحصار ، ولعلنا نتذكر ما قدمه نتنياهو من اقتراحات بعد حادثة أسطول الحرية في مايو / 2010 ، حيث قامت القوات الإسرائيلية البحرية بعملية قرصنة همجية أدت إلى استشهاد العديد من المتضامنين في أسطول مرمرة التركي ، الأمر الذي جوبه باستنكار دولي كبير ، امتصته الحكومة الإسرائيلية آنذاك عبر اقتراح يقضي باستبدال قائمة المسموحات بالممنوعات ، وقد قام طونى بلير مبعوث الرباعية الدولية حينها  بتمريرها على الرباعية من اجل مأسسة المقترح الإسرائيلي دولياً وقطع الطريق على المطالب الدولية الرسمية والشعبية التي طالبت بمحاكمة قادة إسرائيل على جريمة أسطول الحرية والعمل على إنهاء الحصار بصورة تامة وشاملة عن القطاع وليس عبر تسهيلات جزئية هدفها الالتفاف على الإرادة الشعبية الدولية .

وها نحن اليوم إذا نشهد تحولاً نوعياً ناتجاً عن الحالة الثورية العربية يفضي بإنهاء الحصار عن القطاع تخرج علينا الحكومة الإسرائيلية باقتراح المنطقة البحرية المراد استخدامها كمطار وميناء وذلك بهدف قطع الطريق مرة أخرى على المطالب الدولية والجهود العربية الرامية لإزالة الحصار بصورة نهائية، عبر هذا الاقتراح الذي يبدو من خارجه جذاباً ولكن في مضمونه مقيداً باشتراطات حلف الناتو والتحكمات الإسرائيلية الاحتلالية .

من الهام عدم الانبهار بتلك المقترحات الخادعة والاستمرار بتحمل الاحتلال لمسؤولياته بحكم وثيقة جنيف الرابعة وبالوقت الذي يجب أن نصر به على إنهاء الحصار عن القطاع ، يجب أن يكون مطلبنا التواصل مع الضفة الغربية ، وذلك في مواجهة السياسة الإسرائيلية الرامية إلى عزل القطاع عن الضفة بهدف تقويض مقومات الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة.

من حقنا أن نطالب بتطوير معبر رفح ليصبح فاعلاً للأفراد والبضائع وذلك من اجل التحرر من آليات التحكم والسيطرة الإسرائيلية ، وبهدف تعميق العلاقات الاقتصادية مع البلدان العربية والعالم ، خارج دائرة الوصاية والسيطرة الإسرائيلية ، ولكن من الهام الاستمرار بمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لفتح كافة المعابر لتعزيز الترابط مع الضفة الغربية لتحقيق مسعى الاحتلال الرامي للتحرر من مسؤولياته تجاه القطاع .

من الواضح أن إسرائيل عندما فشلت في محاولة قذف القطاع جنوباً تحاول هذه المرة ، إلقاء تبعات القطاع على المجتمع الدولي وخاصة على حلف الناتو ، وبالتالي استمرارية الهدف الرامي لمنع قدرة الفلسطينية من تقرير مصيرهم والتحكم بمواردهم ومسار حركتهم الاقتصادية والسياسية بصورة مستقلة خارج دائرة الوصاية الإسرائيلية أو الدولية .

وعليه فإننا يجب أن لا ننخدع من هذا الاقتراح ، لأننا بحاجة إلى مطار وميناء تحت السيطرة والسيادة الفلسطينية كمطلب وطني وحقوقي مشروع وليس تحت إشراف الناتو المستند للمحددات والقيود والاشتراطات الاحتلالية الإسرائيلية.

 

البث المباشر