طرابلس – الرسالة نت - وكالات
وجّه انشقاق وزير الخارجية الليبي موسى كوسة ضربة قوية لنظام العقيد معمر القذافي الذي فقد واحداً من أقرب المقربين إليه وأحد أهم حافظي أسرار نظامه نتيجة عمله في أجهزة الأمن منذ عقود.
وعلى رغم أن طرابلس سارعت إلى القول إن نظام القذافي لا يعتمد على أشخاص ولن يتأثر بانشقاق كوسة وفراره إلى لندن، إلا أن مصدراً مطلعاً في لندن قال إن ما حصل يدل على «تصدّع» خطير في هرم النظام الليبي بحيث بدأ القريبون من القذافي في التخلي عنه نتيجة يقينهم بأن «سفينته على وشك الغرق».
وجاء انشقاق كوسة وسط إشاعات واسعة عن انشقاقات أخرى في النظام شملت رئيس جهاز الأمن الخارجي أبو زيد عمر دوردة الذي حل محل كوسة على رأس هذا الجهاز بعد نقله إلى وزارة الخارجية قبل سنوات قليلة. وتردد ان دوردة غادر ليبيا إلى تونس.
وفي حين لم يمكن تأكيد انشقاق دوردة، وهو دبلوماسي مخضرم عمل دبلوماسيا لبلاده في الأمم المتحدة، كان لافتاً إعلان وزير الخارجية السابق علي عبد السلام التريكي، الموجود حالياً في مصر، إنه سيمتنع عن تسلّم أي منصب رسمي يُسند إليه، في رفض لتعيينه مندوباً لبلاده في الأمم المتحدة خلفاً للدبلوماسي المنشق عبد الرحمن شلقم.
وكانت الولايات المتحدة رفضت منح التريكي تأشيرة دخول، ما دفع بنظام القذافي إلى تعيين دبلوماسي نيكاراغوي ليمثّل ليبيا في المنظمة الدولية.
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في مؤتمر صحافي في لندن، أمس، إن بلاده لم تمنح كوسة حصانة من المحاكمة، مؤكداً أنه موجود في «مكان آمن» ويتحدث إلى مسؤولين بريطانيين.
وسارع الثوار الليبيون ومعارضون آخرون إلى الترحيب بانشقاق كوسة لكنهم دعوا في الوقت عينه إلى محاكمته بتهمة التورط في جرائم نظام القذافي منذ ثمانينات القرن الماضي عندما كان النظام يلاحق المعارضين الليبيين في العواصم الغربية ويقتلهم بحجة أنهم «كلاب ضالة».
ووصف وزير الخارجية الليبي السابق مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، عبد الرحمن شلقم، الوزير المنشق كوسة بأنه «الصندوق الأسود للنظام»،
وقال إن انشقاقه «ضربة على دماغ النظام وأنا متأكد أن معمر القذافي الآن في شبه غيبوبة».
وأضاف أن موسى كوسة كان «عمود الخيمة الأوسط» في النظام ومن «أهم الأشخاص في ليبيا» وانه «أقرب لمعمر من (ابنه) سيف الإسلام».
وأكد شلقم أن «المهمين في النظام تحت الاعتقال» الآن بعد انشقاق كوسة ومن بينهم «وزراء وكبار الضباط»، وأن قرار اعتقالهم جاء «ليس لحمايتهم وإنما خوفاً منهم» لأن الانشقاق بات «شبه قرار عام».
وأوضح أن «الكثيرين عندهم الرغبة في الإنشقاق لكن القليلين عندهم القدرة على ذلك»، مضيفاً أن «كثيرين منهم أعرفهم وتربطني بهم علاقة جيدة» وهم «حاولوا» الإنشقاق لا سيما بعد ما حدث في مصراتة وبعد انشقاق كوسة.
وأشار إلى «لا أخلاقية ودموية وجنون النظام» إلى درجة «أنهم يأتون برجال... ليغتصبوا البنات فوق سن الـ 12 ثم يركضن عاريات في الشوارع». واعتبر أن «فظاعة» ما يحدث في مصراتة جعلت الكثيرين يريدون الانشقاق.
وعلّق على الأنباء عن انشقاق السفير الليبي السابق لدى الأمم المتحدة أبو زيد دوردة قائلاً: «أستبعد ذلك، على الأقل الآن». ويرأس دوردة جهاز الأمن الخارجي واسمه على لوائح العقوبات التي صدرت على رجالات نظام القذافي في الأسابيع الماضية.
ووصف شلقم رئيس الجمعية العامة السابق ووزير خارجية نيكاراغوا السابق ديسكوتو الذي وافق على تمثيل نظام القذافي بأنه «مرتزق ديبلوماسية» و «يجب أن يُحاكَم». وقال «مستحيل» أن تقبل به الأمم المتحدة في منصب المندوب الليبي الدائم لأن القانون الليبي يمنع غير المواطن الليبي من تسلم هذا المنصب والقانون الحالي الليبي يعطي حق التصرف بالمال الليبي فقط لمواطن ليبي.
وأضاف أن الأمم المتحدة «طردته عملياً» في إشارة الى إلغائه مؤتمراً صحافي كان يعتزم عقده أمس الخميس، وأن رسالة اعتماده «مزورة» إذ «زعمت» أنها بتوقيع موسى كوسة و «هذا ليس توقيعه». وقال: «لم يعد معمر يجد ليبياً ليعمل معه».
وفي ما يتعلق بقرار موسى كوسة الانشقاق، قال شلقم: «كنت أتوقع أنه سينشق وكان عندي معلومات، ولذلك لم أكن أرغب بأن يوضع اسمه في القائمة» التي تبناها مجلس الأمن وضمت أركان النظام الخاضعين لإجراءات عقاب ضدهم.
وتابع: «التقيت به مطولاً» أثناء الزيارة الأخيرة التي قام بها لطرابلس و «حكى لي أنه غاضب» مما يجري في ليبيا. وقال إن «موسى كوسة ليس عبارة عن منصب» وزير الخارجية فقط، فهو كان لفترة 16 عاما في الاستخبارات والمسؤول الأول عما يجري «حتى التنصّت على أولاد القذافي» و «لو انشق سيف الإسلام نفسه لما كان أثر انشقاقه بالقوة والتأثير نفسهما كما انشقاق موسى كوسة عمود الخيمة الأوسط للنظام».