قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: عندما تخالف الأفعال الأقوال

بقلم: أ. وائل عبد الرزاق المناعمة   

لا أكاد أجد تفسيراً لتعارض أقوال وأفعال قادة حركة فتح حول المصالحة ففي الوقت الذي يظهر فيه أبو مازن وكأنه ينادي ليل نهار بسرعة انجاز المصالحة بين حركتي حماس وفتح ننظر باستغراب لما يجري في الضفة الفلسطينية المحتلة من هجمة غير مسبوقة تقوم بها الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة فتح ضد أبناء ومناصري حركة حماس، وضد جميع المقاومين من مختلف الفصائل, وحتى ضد الشباب المعتصم في دوار المنارة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في سجون حركة فتح.

لندرك مستوى الانحدار الذي وصلت إليه هذه الأجهزة، والتي باتت تنسق مع قوات الاحتلال الصهيوني بشكل فاضح لم نشهد له مثيل، حتى أثناء سيطرة هذه الأجهزة على قطاع غزة بعد قيام السلطة الفلسطينية على إثر اتفاق أوسلو في العام 1993م. وباعتراف من الصهاينة أنفسهم, ويبقى السؤال قائماً في هذا الجانب وهو: ما هدف هذه الحملة الشرسة التي تقوم بها تلك الأجهزة ضد حركة حماس وضد فصائل المقاومة؟  من الوهلة الأولى وكما يصرح بعض قادة أجهزة الأمن في الضفة أنهم يسعون إلى القضاء على حركة حماس وإنهاء وجودها في الضفة، بعد أن تم حظرها قانونياً، حيث بدأت الحملة بالسيطرة القهرية علي المجالس والبلديات التي فازت بها حركة حماس, وإغلاق الجمعيات والمؤسسات الإسلامية سواء جمعيات الإغاثة أم رعاية الأيتام والفقراء، وحتى مؤسسات تعليم أحكام القرآن الكريم، والمؤسسات التعليمية المتنوعة.

ثم اعتقال القائمين عليها، واعتقال المئات من أئمة وخطباء المساجد، ومدرسي الجامعات والطلبة، وغيرهم من المناصرين لحركة حماس، ثم القيام بفصل المئات من الموظفين في مختلف الدوائر الحكومية بحجة تأييدهم للحركة، عدا عن التعذيب الوحشي الذي يمارس على مدار الساعة بحق هؤلاء المجاهدين والمناضلين دون أي جريمة اقترفوها ضد السلطة أو أجهزتها في الضفة، حتى تطور الأمر بعد ذلك ليصل إلى اعتقال النساء وتعذيبهن داخل أقبية التحقيق.

إن هذه الأفعال والممارسات التي تقوم بها أجهزة ( دايتون, مولر ) لا يمكن أن تصل إلا إلى شئ واحد فقط، وهو إنهاء وجود هذه الأجهزة وسلطتها على الضفة الغربية، و في المقابل تزايد شعبية وجماهيرية حركة حماس، وهذا ما صرح به بعض العقلاء من قادة حركة فتح حينما أكدوا أن ما تقوم به هذه الأجهزة تحت رعاية ووصاية إسرائيلية لهو أمر يسيء لحركة فتح ويصب في صالح حركة حماس.

ونقول أن هذه الأجهزة بقادتها وأفرادها يبدو أنهم لم يأخذوا العبرة مما حدث في قطاع غزة، فعلى الرغم من أن الأجهزة في قطاع غزة كانت أكثر عدداً وعدة وتنظيماً وتمويلاً من مثيلاتها في الضفة، إلا أنها انهارت كحبات العقد المنفرط بسبب ممارساتها التي لم يرض عنها الشعب الفلسطيني المجاهد صاحب الحق المسلوب، فخسرت احترام وتأييد الشارع الذي لم يقبل لهذه الأجهزة الاستمرار في عملها الذي يتعارض مع مصالح وطموح الشعب الفلسطيني.

فاستمرار هذه الأعمال والممارسات بحق المجاهدين في الضفة سيعجل بزوال هذه الأجهزة ومن يقف وراءها، وحينها لن ينفعها من يحرضها على أعمالها من اليهود ومواليهم، وسيتخلون عنكم كما تخلوا عن حلفائهم من الرؤساء العرب عندما انتفضت شعوبهم, وكما تخلوا عنكم في قطاع غزة.

 

البث المباشر