قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: القول الشافي ردا على مقالتكم بالصوت العالي (الحقونا قبل ما يقتلونا)

كمال صبحي موسى

المدير الإداري في مستشفى شهداء الأقصى

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا تهوي به في نار جهنم سبعين خريفا) فما بالكم بمقالة صحفية يقرأها الآلاف والمئات في الداخل والخارج.

مع كل الاحترام والتقدير والحب لأهمية ودور وسائل الإعلام في نقل الحقيقة وفقط الحقيقة والتي تستلزم الاستماع لجميع الأطراف بعيدا عن دغدغة العواطف واكتساب مزيد من القراء لصالح زيادة مبيعات الصحيفة التي نحترمها ونقدرها فكريا ووطنيا.

ننوه انه تردد على المستشفى المذكور في شهر مايو/2011 (12174 مريضا) منهم (1600) مريض دخلوا وخرجوا من المستشفى بعد تلقيهم العلاج توفي منهم 13 مريضا أي اقل من 1% وهي نسبة مقبولة عالميا ويمكنكم مراجعتها مع منظمة الصحة العالمية, هؤلاء المرضى يترددون على المستشفى شهريا ويسلمون أنفسهم لأطبائنا ولو كانت طريقتهم في العمل كما ذكرتم في مقالكم (حادي بادي) لما وصل للمستشفى هذا العدد الذي يزداد يوما بعد يوم في ظل شح الموارد البشرية والمادية والتي لا تخفى عليكم كصحفي مسئول.

المريض صاحب الشأن من لحظة دخوله للمستشفى ومن اليوم الأول تم تشخيصه كجلطة في الساق، وتحاليله وعلاجه تثبت ذلك والتي كانت تتم بشكل علمي يمكن لأي لجنة طبية متخصصة أن تعرف ذلك، أما رأي المريض الذي نحترمه ونقدره فهو رأي عام وليس رأي متخصص وهو يعبر عن توجع ومعاناة مريض يريد أن ينقل صورة ذهنية سلبية لكم وللجمهور لأنها لم تلب طموحه أو توقعاته، ويريد أن يكسب مزيدا من التعاطف والاهتمام من زائريه وهو ما أصبح جزءا من عادات وتقاليد شعبنا والتي هي بحاجة منا ومنكم إلى تصحيح وإعادة توجيه من وسائل الإعلام قبل غيرها من مؤسساتنا المختلفة.

أما موضوع تحويل المريض لمستشفى الشفاء حسب رغبة المريض والذي يرغب بمستشفى تناسب مستواه أو غرفة خاصة ليست متوفرة لدينا، إن مبنى المستشفى متواضع بخلاف إنتاجه الطبي الذي يضاهي المستشفيات الأخرى في القطاع حسب التخصصات المتوفرة ومن يحتاج إلى تحويل لمستشفى آخر يقوم الأطباء بتحويله ضمن معايير ومقاييس متفق عليها صحيا وطبيا وليس حسب رغبة المريض ولا يوجد لدى طواقمنا الطبية أية حساسية في الأمر إن استدعى ذلك.

لقد كانت حالة المريض مستقرة وخطة العلاج تسير حسب البرتوكول الطبي المعتمد ولم يحدث تدهور في حالة المريض الصحية, وبدون أدنى شك أن المريض طوال هذه الفترة يعيش حالة من القلق والخوف على صحته وهو أمر مبرر ومفهوم, لكن ذلك لا يبرر ما ذكرتم في مقالتكم السابقة الذكر.

للمريض الحق أن يفكر بالذهاب إلى أفضل المراكز الطبية في العالم والتي تهتم بتقديم خدمات طبية عالية المستوى وتوفر له كل ما يحتاجه، ولكن ذلك لا يتم من خلال وزارة الصحة إلا إذا كانت هناك حاجة طبية للمريض ويمكن مساعدته وإنقاذه ضمن معايير صحية وطبية معتمدة.

بعد 3 أيام من العلاج والتحاليل أرسل المريض بسيارة إسعاف عناية مكثفة حديثة لعمل فحص في مستشفى الشفاء غير متوفر في المستشفى فقط لتأكيد التشخيص ولمزيد من الراحة والاطمئنان لمريضنا العزيز ولعائلته الموقرة، أما موضوع الخبط والرقع الذي ذكرتم فهي بسبب الطريق وليس الإسعاف.

أما فحص التجلط الذي خضتم فيه بطريقتكم الصحفية فهو فحص طبي يتم إجراؤه يوميا للمريض حفاظا على حياته وحفاظا على مستوى العلاج في الدم وهي شهادة لنا لا علينا وليست مؤشرا مرضيا كما ذكر مريضنا الموقر أو ذكرتم في مقالكم الرائع والجميل.

 وما ذكرتم انه استهتار وفوضى في السجلات الطبية والتحاليل والتي كان يتم إجراؤها يوميا للمريض وجميعها موجودة وموثقة في ملف المريض حتى الآن ويمكن الإطلاع عليها عدا فحص أول يوم حيث تخثرت العينة وتم عمل عينة غيرها وهذا أمر قد يحدث حيث لم يحصل تقصير طبي بحق المريض.

أما حديثكم عن مرضى مجاورين وأقوال وشتائم قد يقولها أي إنسان مريض يعاني وحالته النفسية والجسدية تجعلنا كمتخصصين نتفهم هذه الحالة ونتعامل معها بصبر وأناة ونحاول أن نساعد المريض قدر الإمكان، لكن المريض المجاور والذي هو فعليا يعيش حالة من المعاناة والألم والقلق فلن يتفهم الأمر كما يفهمه ويفسره المتخصص ونحن إذ نحتمل ونصبر على صراخ وآلام وحتى سباب المريض ونخفف عنه لكننا لا نفسر ذكركم للأمر في المقال إلا إمعانا في التحريض وتأليب الرأي العام على مؤسساتنا الصحية وفرض وجهة نظر جانبت الصواب دون أن تكلفوا أنفسكم عناء رفع سماعة التليفون وسؤال صاحب التخصص "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ".

صاحبنا المريض لم تتدهور حالته الصحية وإنما انزعج من وجوده في غرفة مع مرضى آخرين يعانون مثلما يعاني ويتألم مثل بقية المرضى في المستشفى ولم نتمكن من توفير غرفة خاصة له لعدم توفرها حتى لا نتهم بالتحيز والمحسوبية كما كان غيرنا والحمد لله فهي أيضا شهادة لنا لا علينا.

أما أن يتمنى أن ينقل في توك توك بدل إسعاف عناية مكثفة لم تستخدم لأكثر من عامين أو ثلاثة أي ما بعد حرب الفرقان، وجميع إسعافاتنا حديثة بلا استثناء ومن كثرتها وزعت على كثير من الوزارات والمؤسسات الخيرية.

 قد اقبل هذا الرأي لو كنا نعيش في ظروف تماثل حرب الصومال أو أن أخانا احد ضحايا الثورات العربية ويحاول الهرب من رجال الأمن ليتم إخفاؤه عن أعينهم بأية وسيلة حتى لو كانت توك توك لينجو بجلده.

لا نعرف كيف نفذ بجلده كما ذكر في مقالتكم وان الأطباء نسوا أن يكتبوا له العلاج الصحيح, حيث أن المريض خرج من المستشفى على مسئوليته الخاصة وضد نصيحة الطبيب، ولم يكتمل علاجه حسب الخطة، وغادر للبيت واتصل عن طريق قريبه تلفونيا على رئيس القسم في الصباح الذي وصف له العلاج الذي يجب أن يأخذه في البيت كأقراص بعد العلاج الوريدي الذي يعطى للمريض أثناء تواجده في المستشفى كما انه يحتاج إلى علاج ومتابعة قد تحتاج إلى اشهر وهذا أمر يدركه كل مريض أصيب بالجلطة في الساق ناهيك عن طبيب متخصص .

أخي الأستاذ وسام عفيفة

سامحني إن قسوت عليك فمقالتك كانت أكثر قسوة واعلم أنني احبك وأقدرك واحترمك، ولكنني اقر بان هذه سقطة ما كان لمثلك أن يقع فيها واعلم أن خدماتنا الصحية في فلسطين وفي قطاع غزة تنافس وتضاهي كثيرا من دول المنطقة المجاورة بل وكثير من دول العالم الثالث.

من الجيد أن يتوقع منا الجمهور خدمات صحية تضاهي ما هو موجود في دول متقدمة لكن لابد أن يقترن ذلك بتقدم مماثل في جميع خدمات الوطن الفكرية والثقافية والعلمية والإدارية والمادية, كما نحتاج إلى إعلام واع يستطيع أن يبني ثقة المواطن في مؤسساته ويزيدها ويستطيع العاملون التقدم والارتقاء بما يحقق هذه الثقة, لكن أن يعيش إعلامنا على جراحتنا وآلامنا وعذاباتنا فهذا لا يبني مجدا ولا امة ولا مقاومة تعيش ظروف احتلال وحصار وانقسام.

لا ننكر أن لدينا أخطاء وتجاوزات وقصورا قد تحصل هنا أو هناك والجميع يعمل على تفاديها وتصحيحها قدر الإمكان ونحن بحاجة للكثير من الوقت والإمكانات المادية والبشرية وأنا أؤكد لك أننا كمن ينحت في الصخر لنقدم الأفضل للمريض حسب إمكاناتنا وقدراتنا المتاحة.

كل ما ذكر سابقا يعبر عن رأي شخصي بعيدا عن رأي الوزارة أو إدارة المستشفى وان كنت لا انفي وجودي ضمن هذا الإطار وأنا اعلم أن الوزارة على استعداد أن تستمع لكل شكوى وما أكثرها، وما أظن أن هناك لجان تحقيق توازي لجان وزارة الصحة حتى على أمور قد يعتبرها البعض تافهة ولا تستحق، ولكن الجميع حريص على التغيير الايجابي ويجب أن نقدر إمكاناتنا المادية والبشرية وجيد أن نحلم ولكن لا نحلق في الهواء دون إمكانات وأدوات مناسبة.

البث المباشر