مازن حماد
يتساءل الكثيرون عما حدث لمشروع المصالحة بين حركتي فتح وحماس وهو المشروع الذي تعهد فيه الجانبان بالتقريب بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن الأسابيع تنقضي واحداً تلو الآخر دون أن تشهد أرض الواقع أي تطور إيجابي. لا بل إن المشروع متوقف تماماً ومهدد بالشطب من الساحة.
ورغم علمنا بأن هناك أطرافاً عدة تضغط في الاتجاه المعاكس، وتحاول وأد هذا المشروع، فإن الأعذار والمبررات التي تساق لتفسير هذه التطورات المؤسفة، لا تكفي لإقناع الجمهور الفلسطيني بتوقف مساعي المصالحة.
في الظاهر هناك سبب رئيسي واحد يمنع التفاهم ويتعلق بشخص رئيس الوزراء الفلسطيني المقبل. ويقول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من جهته إنه ليس لديه أي مرشح آخر لهذا المنصب سوى سلام فياض، فيما تقول حماس إنها مستعدة للتعامل مع أي شخص لرئاسة الحكومة غير فياض.
ولكن لماذا تتوقف عملية المصالحة عند شخص واحد ولماذا يتوقف كل شيء عند فياض؟ من الواضح أن سلام فياض هو مرشح الغرب لقيادة السلطة الفلسطينية بعد محمود عباس، بل ويقال أيضاً إنه يحاول منذ فترة الانقلاب على «أبو مازن» وإعلان نفسه رئيساً للسلطة. أما عباس فإن الظروف السياسية التي كبل نفسه بها لا تسمح له بترشيح رئيس وزراء مستقل، وتطالبه واشنطن بالتمسك بفياض وإلا ...!!
وإذا تعمقنا أكثر في هذا الموضوع، سنجد أن رسائل التحذير والوعيد تصل بكثافة إلى محمود عباس وتهدده بمنتهى الصراحة والوقاحة بقطع المساعدات الأميركية والأوروبية عن سلطته إذا هو تخلى عن فياض الحصان المالي الأول في الحسابات الغربية. ويقول عباس في الغرف المغلقة إنه يستحيل عليه أن يوافق على أحد غير فياض لرئاسة الحكومة، وإن أعضاء الكونغرس من شيوخ ونواب مجمعون على معاقبة السلطة الفلسطينية إذا تراخت أمام حركة حماس، وهذا العقاب يتلخص في قطع المساعدات المالية والاقتصادية الغربية عن رام الله وحدوث عجز فوري في الموازنة يحول دون دفع الرواتب لمئات آلاف من الأسر.
هذه القراءة كانت واضحة لعباس بالتأكيد قبل إقدامه على الالتقاء بخالد مشعل للاتفاق معه، على مصالحة حماس. ولكن لماذا يقدم رئيس السلطة على مغامرة معروفة العواقب كهذه؟ أغلب الظن أنه أراد أن يظهر لحماس مدى «ورطته» مع أميركا و"إسرائيل" وأن يحاول إقناعها بالتنازل إذا أرادت أن تصل الرواتب إلى جيوب الموظفين آخر كل شهر.
غير أن حركة حماس ترد بالقول إن من يريد أن يصل إلى اتفاق معها، عليه أن يعمل ويفكر بمنطق الثوار وليس بمنطق رؤساء الدول، وعليه أيضاً أن يحشد الجماهير ويعبئ المشاعر ويفضح مقايضة الغرب المصالحة بقطع الرواتب.
هذه هي القصة غير الرومانسية بين فتح وحماس، وهذه هي حكاية المصالحة المستحيلة. فماذا يتعين على الحركتين أن تفعلاه للخروج من المأزق؟ سؤال مفتوح للقراء.
صحيفة الوطن القطرية