الشاب السحار.. ريشة تختزل الجمال الكوني في لوحات

غزة - فادي الحسني

من السهل على الإنسان أن ينسج بريشة ألوانا وخطوطا، ولكن من الصعب أن تجتمع تلك الألوان لتفرز لوحة زاهية يجتمع فيها الخيال مع الواقع وتمتزج فيها الحكاية لتنتج صورة طبيعية لنهر متدفق وأشجار شاهقة تصطف على جانبيه، وكوخ صغير يعلوه الغيم والطير المحلق.

هذه اللوحة الناصعة واحدة من عشرات اللوحات التي أعدها الفنان التشكيلي الناشئ أحمد السحار صاحب الاثنين والعشرين ربيعا.. ذو اللحية الكثيفة والظل الخفيف.

يعشق الشاب السحار الريشة فيطوعها لخدمة أفكاره الوردية باستخدام الألوان الزيتية ليعبق شذى الزهر في اللوحات ويحكي حكاية الطبيعية، ولاسيما أنه يعشق الجمال الكوني ويصور عظمته بالفن التشكيلي.

ويكمل الشاب تعليمه الجامعي ومشوار الفن التشكيلي معا، فهو طالب في المستوى الثاني بكلية العلوم الأمنية والشرطية في جامعة الأمة ولديه طموح بأن يصبح ضابطا فنانا.

وعن فارق المساحة بين دراسته وموهبته يقول السحار: "الهدف من دراستي أن أعيل نفسي وابني مستقبلي، والفن التشكيلي في نهاية المطاف موهبة أسعى لتطويرها وتنميتها".

وبدأت موهبة السحار مذ كان طالبا في المرحلة الابتدائية لكنه اتجه إلى تنميتها بعد أن أنهى المرحلة الثانوية، ويقول عن بدايته إنها كانت بسيطة.. "لوحات سلسة غير مبنية على قواعد الفن التشكيلي"، بيد أنه اتجه فيما بعد إلى التواصل مع ذوي الخبرة من الفنانين من أجل تطوير اتجاهاته الفنية.

ويضيف: "توجهت للإنترنت وبحثت عن القواعد الأساسية للفن التشكيلي، وجمعت أكثر من 4000 لوحة لفنانين عظام بالإضافة لأنني جمعت قرابة 250 مشهد فيديو تقوم على شرح الرسم".

مع نهاية العام قبل الماضي انضم الشاب السحار إلى رابطة الفانيين الفلسطينيين، والتي بدورها ساعدته في صقل مهارته وقامت بتوجيهه وهذا ما حفزه للانتقال من رسم اللوحات إلى الجداريات.

وقف السحار أمام لوحة فنية كبيرة معلقة على حائط غرفته نسج فيها نهرا طويلا منسابا من علو وعلى إحدى جنباته أشجار يافعة وزهور منثورة، وقال: "هذه اللوحة من أجمل اللوحات التي قمت برسمها واستغرقت مني قرابة 12 ساعة متواصلة وحظيت بإعجاب الجميع، ولكني لم أحسن إعادة رسمها رغم محاولاتي العديدة".

وعن اعتماده على أفكار معينة في نسج رسوماته أوضح أنه في أغلب الأحيان يشرع برسم اللوحات دون أن يكون قد وضع فكرة رئيسة في ذهنه، وقال: "في الأغلب تكون الرسوم شبه عشوائية، أي غير مبنية على أفكار معينة".

وتغلب على لوحات الفنان الشاب الطبيعية بأشكالها المختلفة وتتنوع بين (البحر، والجبال، والأشجار)، ويعزو ذلك لميل عامة الناس إلى الفن الواقعي أكثر من ميلهم للفن التجريدي، "وأنا أميل لتقديم الفن الذي يحظى بإعجاب الناس لا ما ينفرهم"، كما قال.

وأكد السحار أنه شارك في تنفيذ قرابة الألف جدارية كانت في مجملها تصور الطبيعة والتراث، "وتعالج ظواهر سلبية وتدعو للحفاظ على البيئة بالإضافة إلى الجمالية".

واعتبر أن شهادة شكر بالنسبة له أفضل من الكثير من المال، مبينا أن الفن يعتبر خدمة مجتمعية وأسمى من أن يقدر بالمال، وقال: "العائد المادي لا يدوم طويلا لكن بصمة الفنان تبقى حتى نهاية العمر".

وأشار الفنان الشاب إلى أن موهبته ما تزال حتى اللحظة مطموسة ولم ترتقِ إلى المستوى المطلوب، معبرا عن طموحه بأن يقيم معرضا خاصا يقدم فيه فنا راقيا يحظى بإعجاب الجمهور الفلسطيني.

في الوقت نفسه عبر السحار عن امتعاضه من عدم الاهتمام بالمواهب الفنية في قطاع غزة، ولكنه عبر عن عميق شكره لأسرته التي ساندته ولم تزل تقدم له الدعم وتوفر له الأجواء المناسبة.

وفي إطار محاولات الفنان الشاب الارتقاء بموهبته قام بإنشاء صفحة خاصة عبر موقع التواصل الاجتماعي الشهير (الفيس بوك) لنشر لوحاته، حيث عرض نحو 250 من بين جدارية ولوحة، "وجميعها حظيت بإعجاب زوار الصفحة".

وأكد أن الاتجاه إلى عرض اللوحات عبر (الفيس بوك) يعتبر محفزا بالنسبة له وقدم له الفائدة لكونها تعرض للنقد تارة عبر رواد صفحته الشخصية والتوجيه تارة أخرى.

ورغم أن السحار يحب اللون الأسود كثيرا فإنه يتطلع لأن يكون مستقبله ناصعا زاهيا، ويعمل على ذلك باتخاذه من الفنان التشكيلي الفلسطيني "فتحي غبن" نموذجا وقدوة يتطلع للوصول إليها.

 

البث المباشر