قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: كشكول يوم في السيارة

م. كنعان سعيد عبيد 

على عادة التفكير الهندسي كانت مقالاتي مركزة محددة الموضوع ولم أكن أميل إلى تشتيت القارئ, ولكن بعد جولة في سيارتي وجدتني أغرق برزمة من الأفكار تتزاحم لتكون عنوان مقالي وكترضية كتبت كشكولاً. ليس غريباً أن يبدأ كشكولي من لحظة ركوب السيارة لأجدني أمام حملة موسمية من حَمَلات الشرطة من أَخَوات حَمَلات الدراجات النارية وأشباه حَمَلات التدقيق في رخص السيارات, حملات يتحلل منها السائق ليمارس هواية المَحظورات كَما يَتَحلل الحاجُّ بعد رجم العقبات وكأنَّه كُتِب علينا أن نكون في أواخر من ينضبط قبل الصومال أو كأن الموت بعد الحملات غير الموت الذي نعرفه.

ولم يقف الكشكول حين تَعثَرت سيارتي بحفرة في منتصف طريق مزدحم الحركة يَهتَز منها كيان براغيها  ليعلن الميكانيكي رزمة إصلاحات مثل آلاف السيارات من ضحايا حفر ومطبَّات تكلف الاقتصاد القومي ملايين الدولارات دون أن يفكر أصحاب الأمر بإغلاقها رغم قيام كثير منهم بشق طرق جديدة يحتفل بافتتاحها أمام الكاميرات وبحضرة الوزراء في مهرجانات لا يحظى بها ردم الحفر والمطبات.

ولم أجد في قاموس الحجج والبراهين جواباً لصاحب مصنع ملابس استوقفني رغم زحمة الشارع ليسألني: هل على أهل غزة حل أزمة بطالة الشعب الصيني كي أغلق مصنعي؟ شطح تفكيري خارج السيارة لأستذكر آلافا من الخياطين في غزة انضموا إلى منظومة طوابير الذل والكابونات إكراماً لخياطي الصين.

ووجدت نفسي أمام ما كان يسمى شاطئ بحر غزة الشمالي لأجد أن ميراث الشاطئ وزع على الورثة من الجمعيات والمؤسسات وعلى باقي الشعب التطفل عليهم أو الانحسار على فضلات خارج القسمة.

انتهى يومي بصلاة العشاء في المسجد ليصطدم كشكولي مع أحد رجال الإصلاح وجده مشغولاً مستنفراً لإخراج  موقوف عند الشرطة منذ ساعتين متهماً بطعن شاب كاد يقتله, في نهج إحراج لأهالي الضحية لأخذ ورقة مصالحة, على مبدأ المسامح كريم والجاني سليم، مبدأ شجع الاعتداء طمعاً بالأجاويد على رواية مختار الطبطبة.

لم يكتمل الكشكول ولكن استعداداً لأصحاب التبريرات هيأت نفسي لاستقبال المعاذير بأني لم أفهم الواقع وأن الحصار والاحتلال وراء ملف الكشكول.

البث المباشر