قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: انجاز لحماس وللشعب الفلسطيني ايضا

رأي القدس

ما زالت تفاصيل صفقة الافراج عن الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليط يلفها الغموض بسبب عدم اعلان الاتفاق الذي جرى التوصل اليه بشأنها بين حركة المقاومة الاسلامية ’حماس’ واسرائيل بصورة رسمية، ولكن الافراج عن الف اسير فلسطيني من مختلف الفصائل، وبما يؤدي الى تحريرهم من الاسر وانهاء معاناتهم وجمع شملهم مع احبائهم هو انجاز لا يمكن التقليل من شأنه.

كنا نأمل ان يكون بعض القادة الفلسطينيين مثل الاسيرين مروان البرغوثي (فتح) واحمد سعدات (الجبهة الشعبية) من بين هؤلاء الاسرى المحررين، خاصة ان قيادة حركة ’حماس’ اكدت طوال الاعوام السابقة ان الافراج عن هؤلاء هو على رأس سلم اولوياتها، ولا بد ان اسباباً قوية نجهلها تماماً، ادت الى التحلي ببعض المرونة في هذا الخصوص.

السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة ’حماس’ اكد في الخطاب الذي القاه واعلن فيه عن توقيع الاتفاق، ان 300 اسير من المحررين هم من المحكوم عليهم بالسجن المؤبد في السجون الاسرائيلية، ويمثلون جميع الفصائل الفلسطينية، وهذا تنازل لم تقدم (اسرائيل) على مثله في صفقات مماثلة سابقة.

توقيت هذه الصفقة مهم بالنسبة الى حركة ’حماس’ لانها جاءت تكليلاً لاضراب معتقلين فلسطينيين في السجون الاسرائيلية لعدة ايام في اطار ثورة الاسرى التي انطلقت لتركيز الاضواء على مأساة عشرة آلاف اسير سياسي فلسطيني يقبعون خلف القضبان ويعاملون معاملة سيئة على ايدي السجانين الاسرائيليين، ابشعها السجن الانفرادي في زنازين العزل غير الانسانية.

نختلف مع الكثير من التكهنات التي تحاول ان تشوه هذه الصفقة او بالاحرى تقلل من قيمتها، سواء بالقول انها لم تشمل الاسيرين البرغوثي وسعدات او بالايحاء بانها جاءت من حيث توقيتها لتسرق الاضواء من انجاز آخر حققه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالذهاب الى مجلس الامن الدولي لنيل الاعتراف بعضوية كاملة لدولة فلسطين في المنظمة الدولية على اساس حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967.

الجهاد الفلسطيني حلقات متكاملة تصب جميعها في الهدف الاساسي وهو استعادة جميع الحقوق الفلسطينية المغتصبة دون نقصان، وممارسة اكبر قدر ممكن من الضغوط على المحتلين الاسرائيليين للارض الفلسطينية. فالرئيس عباس اكد في جميع خطاباته، بما فيها الاخير الذي القاه في الجمعية العامة للامم المتحدة على ضرورة الافراج عن جميع الاسرى الفلسطينيين، وتطبيق قرارات الامم المتحدة المتعلقة بحق العودة للاجئين الفلسطينيين والتقسيم.

ان هذه الصفقة تستحق الاحتفال ليس فقط من قبل اسر الاسرى المفرج عنهم بمقتضاها، وانما من قبل جميع الفلسطينيين بغض النظر عن ايديولوجياتهم التي يعتنقونها او اماكن تواجدهم، لان كل اسير يجري تحريره هو انتصار للشعب الفلسطيني ومسيرته النضالية الطويلة من اجل الاستقلال والكرامة.

حركة ’حماس’ تصرفت بذكاء سياسي ومسؤولية عالية عندما قدمت هذه الصفقة هدية للثورة المصرية وابطالها وقيادتها الجديدة، وتحلت بكل انواع المرونة مع وساطة المجلس العسكري المصري الحاكم للتأكيد على اهمية التلاحم وعمقه بين الشعبين المصري والفلسطيني.

ولا يفوتنا في هذه العجالة التنبيه الى الجهود الخارقة التي بذلتها حركة حماس طوال السنوات الماضية من اسر الجندي شاليط، للحفاظ على سرية مكان احتجازه، وافشال محاولات اسرائيلية عديدة للوصول اليه او اي معلومات يمكن ان تفيد اي عملية عسكرية للافراج عنه. فليس من السهولة الاحتفاظ بسر اعتقاله ومكانه في قطاع صغير لا تزيد مساحته عن 150 ميلاً مربعا، ويزدحم بالجواسيس والعملاء ويتعرض لرقابة على مدى اربع وعشرين ساعة من قبل طائرات التجسس الاسرائيلية.

ختاماً نقول ان هذا الانجاز الذي نهنئ حركة ’حماس’ والشعب الفلسطيني كله بالتوصل اليه، ما كان ليتحقق لولا المقاومة الشرعية للاحتلال التي هي امضى الاسلحة واقواها، ولا ننسى بهذه المناسبة الشهيد جمال ابو سمهدانة (ابو عطايا) الذي كان احد ابرز مهندسي عملية الاسر هذه، ودفع حياته ثمناً لها لاحقاً.

البث المباشر