بقلم: أيمن قويدر، ناشط فلسطيني متواجد في فرنسا
" ملخص المقال: مجوعة من المتضامنين يطلقون حملة " مرحباً بكم في فلسطين" بهدف تسليط الضوء على القيود المفروضة على سفر وحركة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من المقرر أن تزور فلسطين في شهر نيسان للتضامن مع الشعب الفلسطيني".
في عام 1948، تعرض الشعب الفلسطيني لعملية تطهير عرقي و احتلال عسكري أدى إلى تهجيره واقتلاعه من أراضيه لينتقل قسرا إلى عدد من الدول المجاورة ليعيش بمخيمات للاجئين و هُجٍرَ لكافة أنحاء العالم.
يفوق تعداد المُهجَرين اليوم ل5 ملايين لاجئ فلسطيني محرومون من أدنى حقوق الإنسان. منذ ذلك الوقت، يعيش الفلسطينيون بالداخل والخارج ظروفا استثنائية من اضطهاد, تهجير, استعمار, سلب أراضي, عقاب و قتل جماعي .تطبق حكومة الاحتلال الإسرائيلي سياسة منع المتضامنين والمناصرين للشعب الفلسطيني من الوصول للأراضي الفلسطينية المحتلة للوقوف بوجه الممارسات غير الإنسانية التي تُمارس بحق القيم الإنسانية ، حيث عطلت إسرائيل مرور العديد من القوافل البرية، هاجمت وقتلت العديد من المسافرين في القوافل البحرية التي حملت المساعدات والرسائل الإنسانية للشعب الفلسطيني، واعتقلت عددا ً كبيرا ً ممن حاولوا الوصول جوا إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
منذ أربع وستين ستين عاما والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة لم يتم تطبيقه و احترامه من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فمواد الإعلان التي تبدأ بحق الحياة، وحق تحقيق المصير، وحق التعليم والحركة، وكافة الحقوق الأخرى يجري انتهاكها بشكل يومي، وبوتيرة متزايدة، وإسرائيل تسعى بذلك لضرب الضمير الإنساني بعرض الحائط عبر عرقلتها لوصول المتضامنين للأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما يسمح بزيادة وتيرة النشاط الاستيطاني الذي يقضم الأرض الفلسطينية، ويحرم الإنسان الفلسطيني من أبسط مقومات العيش الكريم، وينغص حياته بشتى الوسائل.
اليوم، هناك فرصة لتغيير الواقع، عبر التضامن مع الشعوب المقهورة، وتمكينها من ايصال صوتها للضمائر الحية. هذه الأصوات المسافرة، هي ضرورة حتمية، وهي وسيلة ناجعة ليعلم العالم بحياة الإنسان الفلسطيني، التي يصعب تصديقها إذا ما نقلت عبر وسائل الإعلام حيث أنه من الصعب التصديق مثلا ً أن الفلسطيني يمر على العديد من الحواجز ليصل لمدرسته أو جامعته، بشكل يومي، ومن الصعب التصديق أن معظم سكان قطاع غزة، يعيشون حالة من العزلة الاجتماعية، والسياسية، والجغرافية نتيجة للحصار المطبق عليهم بشكل يمنعهم من التواصل، العلاج، التعليم، أو الاستجمام كسائر شعوب الأرض الإنسانية. ان كل البشر إخوة سواء اختلفوا بالدين، الجنسية، اللون والعرق، أو الجنس.
الإنسانية هي رسالة الإخاء والتضامن والعون للمظلوم، هي رسالة أخلاقية بحتة، بأن هناك ضمائر حية، تأبى الظلم، وتناكفه، وتؤيد العدالة وتحقيق المصير لشعب يرزح تحت الاحتلال لعقود من الزمان.
لطالما تساءلنا عن مسؤوليتنا كمواطنين أحرار ينتمون إلي مجتمع إنساني حر و هو نفس المجتمع الذي تنتهك أسمى معانيه يوما بعد يوم بل لحظة بعد لحظة في فلسطين. إن سياسات التطهير العرقي وسياسة الإقصاء التي لم تنفك أن تغادر حياة المواطن الفلسطيني الذي هو إنسان بالدرجة الأولى قبل أن يحمل تلك البطاقة التعريفية التي يشار إليه بها على انه فلسطيني. معاناة الإنسان الفلسطيني بشكل يومي على يد أله البطش والقتل الإسرائيلية والتي تشكل انتهاكا ليس فقط للأعراف الدولية وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني المتعارف عليه, بل إن هذه السياسة الممنهجة تشكل خطراً على ابسط معاني الإنسانية التي تتغنى بها الشعوب الحرة على وجه الكرة الأرضية. على مر العقود الستة الماضية وبتآمر دولي تتجلى صوره بالسكوت على ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي. يعاني السكان الأصليين في فلسطين مأساة خطيرة للغاية وهو الصراع من اجل البقاء على الأرض التي نشئوا فيها وعاشوا الآلاف من السنين . لا نبالغ بالقول أن ما يتعرض إليه الشعب الفلسطيني وعلى وجه الخصوص في مدينة القدس يتماشى وعلى نحو شاسع مع ما تعرض إليه الهنود الحمر الأصليين في الولايات المتحدة الأمريكية من عمليات تطهير عرقي. إن منهج السياسة الإسرائيلية في فلسطين هو نفس المنهج الذي اتبعته الولايات المتحدة الأمريكية مع الهنود الحمر حتى قضت عليهم وأصبحوا خبرا يمر علية مرور الكرام في وقتنا الحاضر.
في ظل الصمت المتآمر من بعض حكومات العالم وخصوصا الكونجرس الأمريكي الذي أضحى يشكل جزءا أساسيا من سياسة التطهير العرقي الممارسة على الشعب الفلسطيني في القدس وباقي الأراضي الفلسطينية فإن للمجتمع المدني الحر الثوري كلمته مما يحث على أرض فلسطين, أصرت على إقران مصطلح الثوري بالمجتمع المدني لإيماني ببقاء فاعليته وقدرته على المشاركة في تغيير المعادلة للواقع الفلسطيني المرير.
تلبية لنداء قطاع واسع من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني والأخذ بزمام المبادرة لتغيير هذا الواقع المرير الذي يمر به الشعب الفلسطيني ليل نهار. تأتي حملة “مرحبا بكم في فلسطين” في تاريخ 15 ابريل 2012 والتي من أهدافها ما يلي:
أولا: إن للشعب الفلسطيني كل الحق في السفر والتنقل من والي فلسطين بحرية وذلك بالتماشي مع أبسط حقوق الإنسان المعترف بها دولًيا. في نفس السياق فان للشعب الفلسطيني الحق ان يستقبل زواره من جميع أنحاء العالم دون الحاجة لأسلوب الترهيب والتخويف والتحقيق المذل المتبع في مطار تل أبيب. فليس من الإنسانية والعدالة أن يتم عزل الضفة الغربية و القدس عن محيطها العربي والدولي بفعل السياسات الإسرائيلية الإجرامية وان تغلق كافة الممرات التي تتيح للإنسان مقابلة نظيره الإنسان في فلسطين. ليس من المنطقي أن يكون المسافر إلي فلسطين في حيرة من أمره ويرتبك جدا لتقديم الحجج والبراهين والأدلة على انه لا يريد أن يزور فلسطين ويقوم باختراع الأكاذيب في كل مرة فقط لأنه ينوي زيارة أصدقاءه في فلسطين ليثبت لسلطات الاحتلال بان ينوي زيارة اسرائيل للسياحة أو لزيارة صديق إسرائيلي أو ما إلي ذلك من أسباب مبتدعة ليتمكن من زيارة أصدقاءه في فلسطين، نظام ظلم ممنهج ولم يسبق له مثيل في كثير من الأنظمة الاستعمارية السابقة
ثانيا: إن قضية الشعب الفلسطيني العادلة قضية استحقت تضامنا عربيا وعالميا لأنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى. فان التضامن وما يتضمنه من قيم أخلاقية وإنسانية يجب بالدرجة الأولى أن يساهم في أحداث التغيير في حياة الفلسطينيين وان يساهم في تغير نظام الظلم والاستبداد المرير الذي يتعرض له الإنسان الفلسطيني على مر العقود الستة الماضية والمستمر يوميا. إن التضامن العربي والدولي يشكل مكوناً أساسياً في تاريخ النضال الفلسطيني ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي المستبدة، ولكن يجب بان تكون أولوية هذا التضامن بالدرجة الأولي هي المساهمة بالتغير في حياة الفلسطينيين وتقديم إجابات لمسائل شائكة إسرائيلية يعاني منها الإنسان الفلسطيني في حياته اليومية. تأتي حملة "مرحبا بكم في فلسطين" كمبادرة لتسليط الضوء على قضية جوهرية يعاني منها الشعب المضطهد في الأراضي الفلسطينية و على وجه الخصوص الضفة الغربية ومدينة القدس وهي حرية الحركة والتنقل دون التفكير بحاجز يتحكم به جندي احتلال إسرائيلي أو انتهاكات المستوطنين الشبه العسكرية. تؤكد الحملة على حق الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية المحتلة باستقبال الزوار من شتى أرجاء المعمرة تمام كما يحق للإسرائيلي استقبال زواره.
ثالثا: إن تسارع عجلة التطهير العرقي في مدينة القدس الشريف وعمليات اجتثاث سكانها الأصليين من ديارهم وأراضيهم هي في صلب وجوهر حملة "مرحبا بكم في فلسطين". إن المشاريع الاستيطانية المتنامية بشكل يومي في ظل الصمت وعدم مبالاة المجتمع الدولي يدمر الحياة الفلسطينية بكافة أشكاله تاريخيا وثقافيا واجتماعيا. ففي ظل هذه المتغيرات الديموغرافية الخطيرة على الأرض، تأتي الحاجة الماسة الدولية لتكثيف الجهود للمساهمة في وضع وحد للانتهاكات الإسرائيلية التي لا ترحم الحجر والشجر في مدينة القدس. لذا فمن الضروري اتخاذ إجراءات وأنشطة عالمية مثل حملة “مرحبا بكم في فلسطين” لإيقاظ الضمير الإنساني العالمي للانتهاكات الإسرائيلية اليومية في الأراضي الفلسطينية.
تؤكد حملة "مرحبا بكم في فلسطين" على حق الفلسطيني في حياة كريمة، و حقه في ممارسة نشاطه المدني والسياسي بدون تهديد لشتى سبل حياته و تؤكد على حق الضمير الحر العالمي بالحركة والدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بدون رقيب، وبدون الحاجة إلى استخدام الحجج والطرق الملتوية, كما تساهم الحملة في التأثير على حكومات الشعوب في شتى أنحاء المعمورة لدعم حق الفلسطينيين المتأصل في تحقيق مصيرهم، والمناصرة والضغط لتحسين حياة الفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال بما يتفق مع الأطر القانونية والأخلاقية في العالم.
القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، فهي ليست مقصورة على دين بعينه أو عقيدة أو عرق أو قومية فحسب، بل إنها تشكل قضية الإنسان الحر الذي يكره الظلم والاستعمار ويحب العدل والمساواة. إن من واجبانا في الوقت الحاضر هو أن نرفض جميع أشكال الاضطهاد والظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني وان نكشف المعايير المزدوجة
نؤيد « نحن الموقعون أدناه » مبادرة مرحبا بكم في فلسطين 2012 » التي تدعو تمكين ناشطي حقوق الإنسان والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني من التنقل بحرية في فلسطين في نيسان 2012.
ليس هنالك طريقة أخرى لدخول فلسطين إلا من خلال نقاط التفتيش الإسرائيلية التي حولت فلسطين إلا سجن كبير و لكن لكل أسير حق استقبال الزوار
لهذا فإن قافلة مرحبا بكم في فلسطين ستتحدى سياسات اسرائيل التي تهدف لعزل الضفة الغربية في ظل استمرار المستوطنين و الجيش ارتكاب جرائمهم البشعة في حق المواطنين الفلسطينيين العزل
إننا ندعو الحكومات دعم حق الفلسطينيين في استقبال الزوار و حق مواطنيهم زيارة فلسطين بحرية
المشاركين في قافلة مرحبا بكم في فلسطين ٢٠١٢ يطالبون بالسماح لهم بالعبور من خلال مطار تل ابيب دون عرقلة حركتهم إلى الضفة الغربية من اجل المشاركة في مشروع ضمان حقوق الأطفال الفلسطينيين في التعليم.