المصالحة في الضفة "ضحك على اللحى" !

الضفة الغربية- الرسالة نت

في السابق وكلما تناقلت وسائل الإعلام أنباءً مترامية عن قرب التوصل إلى اتفاق يحقق المصالحة الفلسطينية، تجمهر أبناء الضفة الغربية أمام الشاشات وشبكات الإنترنت تغمرهم الفرحة بقرب إنهاء حالة العسكرة الأمنية التي وضعتهم فيها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة.

ولكن الأنباء الأخيرة عن اجتماعات المصالحة وما تبعتها من خطوات لإنهاء الانقسام "المقيت" باتت لا تهز شعرة لدى المواطنين في الضفة ويصفونها بـ"الضحك على اللحى"، لإصرار الأجهزة الأمنية على مواصلة الاعتقال والإستدعاء السياسي.

"لا تهمّنا"

ولعل المتضرر الأكبر من حالة الانقسام هم أهل الضفة، فالمسيطر على أمور حياتهم اليومية سلطة تتبع للاحتلال وتستمتع بذلك بل تبرع في قمع أي صوتٍ مناهض لها ليس من حماس فحسب وإنما من الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية أيضاً.

وفي هذا السياق يقول أحد المحررين من سجون السلطة "أ.ق" لـ"الرسالة نت" إنه اعتقل ليلة توقيع اتفاق المصالحة قبل عدة أشهر، ثم تحرر وأعيد اعتقاله عشية اجتماع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل ورئيس السلطة محمود عباس.

ويصف المحرر عملية اعتقاله بالهمجية، قائلاً: "كان أفراد الأجهزة الأمنية تعاملوا معي بقسوة ووجهوا لي ضربات مؤلمة"، ولكن ما آلمه حقا كما يقول حالة الاستهتار بأي اتفاق ومدى كذب وخداع تلك الأجهزة للرأي العام الفلسطيني.

ويعتبر المحرر بأن "المصالحة في الضفة باتت صورة ممزقة لا يعيرها المواطن أي اهتمام لدرجة أن السجانين في أقبية تحقيق السلطة يشتمونها ويبينون أنه لا دخل لهم بأي اتفاق مصالحة بل يتلقون التعليمات بمواصلة الاعتقالات بحق أنصار حماس حفاظا على الأمن".

ويتابع:" الأمر الأكثر قهراً لنا هو إنكار قادة فتح لوجود الاعتقالات السياسية في الضفة، فكلما خرج ناطق لهم على شاشة التلفاز نافيا وجود اعتقالات سياسية تمنيت لو أريه مكان القيود على يدي أو علامات الشبح المتواصل".

أما شقيق المعتقل السياسي "ن، ج" فيؤكد لـ"الرسالة نت" بأن المصالحة تجاوزت منذ أيار الماضي معاناة المعتقلين وأهاليهم لدرجة أن الاعتقال السياسي يجري في ظل الجلسات المستمرة، وأنهم كلما أرادوا زيارة شقيقهم والسؤال عن موعد الإفراج قوبلوا بإجابات "لم نتلق أوامر بعد" أو "هذا الملف منفصل عن المصالحة".

ويتساءل عن أي الملفات التي يجب أن تكون ضمن المصالحة إذا كان الاعتقال السياسي بمعزل عنها، فهو أكثر ما يؤرق أهالي الضفة الذين انعدمت لديهم الثقة باللقاءات والاجتماعات المتكررة.

ويضيف:" هذا يدلل على أننا في حالة من التناقض فمعاناة الأهل تزداد والخوف أصبح أكبر، فأصبحنا نشك أنهم سيبقون مدى الحياة".

مسرحية

وعلى صعيد آخر, يصف بعض المواطنين بأن المصالحة "مسرحية" تخوضها حركة فتح لتجاوز هبّات الربيع العربي التي طالت الأنظمة المتعاونة مع الاحتلال، فأصابتها الخشية من أن تطالها رياح التغيير.

وطبقت الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة بعض الخطوات الفعلية لإنهاء الانقسام، بينما لم يجد أهالي الضفة أي تجاوب من السلطة بالضفة الغربية.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية عبد الستار قاسم لـ"الرسالة نت" بأن المصالحة في ظل التنسيق الأمني لا يمكن أن تتم إلا إذا أعلنت حماس أنها ستعترف بـ"إسرائيل" وتلقي السلاح جانبا وهذا الأمر مستبعد جداً، بينما يتعين على السلطة إذا أرادت أن تحقق المصالحة، أن تسعى لخطوات جذرية تنهي فيها التنسيق الأمني وتتحدى الاحتلال.

ويوضح قاسم بأن "المصالحة في ظل المعايير القائمة لن تتحقق أبدا مهما بلغ عدد الاجتماعات بين الفصيلين، لأن برنامجهما يختلف تماما ولأنه تعين في ظل التنسيق الأمني أن يعتقل الفلسطيني أخيه ويزج به في السجون لخدمة المحتل".

ويستبعد المحلل السياسي إجراء انتخابات في الضفة والقطاع بسبب متابعة ومراقبة الاحتلال والولايات المتحدة الصارمة لها، بحيث يريدان أن تكون نتائجها لصالحهما وليس كما حدث في 2006، الأمر الذي سيعرقل إجراءها وربما تذهب الأمور إلى عرقلة نشاط حماس قبيل الانتخابات وملاحقة كوادرها والتضييق عليها كما يحصل منذ اللحظة.

ويضيف: "أنا متأكد أن حماس ستفوز في الضفة المحتلة لأن الشعب هنا مل من إجراءات فتح وممارساتها الأمنية، والتنسيق الأمني مع الاحتلال".

 

 

البث المباشر