قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: صانع الأهداف ليس هدافاً

م. كنعان سعيد عبيد

تَلدُ الشعوبُ كما الحرائِر بعد حمل يَطولُ أو يَقصُر حسب فُحولة رجالها ورُبَّ بلدٍ اُبتليت بعنين الرجالِ انتظرت دهراً ورُبَّ جبل تمخض فأراً.

لن تَجِدَ جرواً سليل فأر     و لكن تلد الأسود الجراءَ.

عاشت الشعوب العربية قرنها المُنصرف مَخاضات ثورات تحرر وانقلابات كانت تاريخ ميلاد مزَّيف لدول سجَّلت نفسها في الأمم المتحدة حرة ذات علم ونشيد وطني وهي تحمل في أحشائها سيدها الحاكم من نطفة استعمارية وضعت سفاحاً ليكون وريث الاستعمار بلسان عربي.

كأم موسى عليه السلام، عاشت الشعوب العربية تُخفي جنينها الثائر خوفاً من فرعون وهامان، وكما فرعون عاش الرؤساء خوفاً على عروشهم كأن قدر الشعوب أن تعيش عندهم عبيداً أو تموت دونهم (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(.

 كأنهن عرائسَ ليلةِ زفاف مباركة من نُطَفٍ مُباركة حملت الشعوب العربية أجنة الثورة الشرعية من ميراث الحضارة الإسلامية لتضع حملها في مخاض يَسير في تونس يوم بكى "هَرِمنا" وجاء البشير أن بن على هرب، وأنجبت في مصر توأمَ ثورة تونس بعد أن قرأ ناعي القوم "قرر الرئيس حسني مبارك التخلي عن منصبه" وتتابعت توائم الثورة في ليبيا ليموت زعيمها فأراً كما أراد لشعبه أن يكون، ورئيس اليمن هارباً بنعله ووحيد سوريا يهذي خرفاً رغم شبابه وتنذر بميلاد غير بعيد في عرب العباءات التي صنعت في غير بلادها.

كأن التاريخ بدأ تقويماً من جديد ليقلب التاريخ صفحة أُمَّة ضَحِكَت من عارِها الأمم كما يقول يوسف السباعي أو كما يقولون الثورة تَجُبُّ ما قبلها.

عام أول ليس من السنين العجاف أنهت فيه الشعوب صناعة برلمانات ومجالس شعب حاز الإخوان والإسلاميون أغلبية كانت حصاد حمل طيب مكث ثمانين عاماً بعد سقوط الخلافة  ويستعد الإخوان لصناعة الرئيس على فلسفة صانع الأهداف الذي يخشى تسجيل الأهداف حتى لو كان المرمى فارغاً وكأن الرئاسة رجس من عمل الشيطان يجتنبوه وكأن حمل ثمانين عاماً لا يكفي لميلاد رئيس.

لا تزال غزة الثورة حاضرة في فكر العمل الإسلامي المعاصر كنموذج ثورة ولدت قبل غيرها من الثورات وكشعب صنع برلمانه وحكومته, ولا تزال غزة أيضاً المحاصرة والمعاقبة حاضرة في فقه العمل السياسي الإسلامي كنموذج معاقَب يخشى الإخوان تكراره في الدول العربية وكأن الاستعمار وأمريكا شردت بغزة من خلفها من الإخوان.

من حق الشعوب أن يحكمها من يحوز على الأغلبية وأخشى أن يُشاع بين الناس أن حركة الإخوان عقرت أن تلد رئيسا وتصبح الرئاسة ماركة غير مسجلة في ميثاقهم وربما يصبح من حق الرئيس أن يصنع شعبا على عينه ليبدأ الإخوان ثمانين عاماً من جديد.

البث المباشر