القدس المحتلة – الرسالة نت
تفيد معطيات متنوعة بانخفاض نسبة تجند الشباب الدروز في أراضي 48 بجيش (إسرائيل)، وبتراجع كبير في ثقتهم بها وفي مؤسساتها حتى باتت (تل أبيب) تخشى فقدانهم، في حين يفيد ناشطون دروز بأن التوجهات العنصرية الإسرائيلية ساهمت في ذلك.
وتؤكد معطيات اللجان العربية المناهضة للخدمة العسكرية المفروضة على الدروز بارتفاع نسبة الرافضين لها رغم ملاحقتهم القانونية، ويشكل الدروز ما نسبته 10% من فلسطينيي الداخل.
وكشف مؤتمر هرتزليا للمناعة القومية الثاني عشر الشهر الماضي أن نسبة ثقة المواطنين العرب الدروز في (إسرائيل) ومؤسساتها تواصل انخفاضها بنسبة كبيرة. وحذر المؤتمر الأمني الكيان في استخلاصاته من "فقدان الدروز"، داعيا إلى تجديد مساعي احتوائهم.
الخدمة العسكرية
ويوضح رئيس حركة الحرية للحضارة العربية الناشط إحسان مراد أن نسبة رافضي الخدمة الإجبارية في الجيش الإسرائيلي في تراجع مستمر لكنها ما زالت مرتفعة وتبلغ ما بين 60% و70%.
يشار إلى أن (إسرائيل) فرضت الخدمة العسكرية الإلزامية على العرب الدروز في 1956 ضمن اتفاقية وصفتها بـ"حلف الدم" بتعاون قيادتهم المتنفذة وقتها من قبل نكبة 1948.
وردا على سؤال، يشير إحسان مراد ابن قرية بيت جن الدرزية، وهو بنفسه يرفض الخدمة العسكرية، إلى أن ارتفاع نسبة الرافضين للخدمة التي فرضت على العرب الدروز عام 1948 مرده أسباب براغماتية ومبدئية.
عنصرية (إسرائيل)
ويرى مراد أن التمييز العنصري الذي تنتهجه (إسرائيل) تجاه كل من هو غير يهودي قد لعب دورا في هذه القضية، لافتا إلى أن هذه العنصرية تشمل حتى من خدم في الجيش الإسرائيلي.
ويؤكد مراد أن الجنود الدروز المسرّحين لا يحظون بامتيازات اقتصادية تمنح لنظرائهم اليهود عقب انتهاء الخدمة خاصة فيما يتعلق بالسكن.
ويشير رئيس حركة الحرية للحضارة العربية إلى أن الدروز في إسرائيل -الذين يقيمون في 16 قرية في الجليل والكرمل- يواجهون اليوم كبقية فلسطينيي الداخل ضائقة سكنية خانقة نتيجة رفض السلطات الإسرائيلية توسيع البناء منذ 1987 بعدما صادرت إسرائيل 85% من أراضيهم مما يؤدي لاحتكاكات ومواجهات تكون دامية أحيانا.
ويتابع "توقفت غالبية الشباب الدروز عن النظر للعمل في سلك الأمن كمستقبل وأخذت بالتوجه للتعليم والأعمال الحرة"، لافتا إلى دور تزايد المّد القومي والوطني ولمساهمة نشاط رجال الدين الدروز الفلسطينيين إضافة لفتاوى مشايخهم في لبنان ضد الخدمة العسكرية.
فرّق تسد
ويتفق الناشط الحقوقي المحامي يامن زيدان مع أطروحات مراد، فيوضح أن تنامي رفض الخدمة لدى الدروز ينمّ عن أسباب قومية وإنسانية ودينية، رغم محاولات (إسرائيل) طمس هويتهم العربية وخلق هوية درزية بديلة، ولاؤها للدولة، ويضيف "الدروز يستعيدون وعيهم و(إسرائيل) تفقدهم لأن الحقيقة تبقى أقوى من مزوريها".
بالمقابل يرى زيدان أن رفض التجنيد الإلزامي عند الدروز تنامى مجددا لكنه ظهر منذ فرضته إسرائيل من أجل إثارة النعرات الطائفية والمذهبية وعملا بـ"فرق تسد".
لغة الاحتضان
كما يشير زيدان -الذي خدم في الجيش الإسرائيلي وفي مصلحة السجون قبل تغيير موقفه- إلى دور إسرائيل نفسها في فقدان الدروز ثقتهم فيها نتيجة توجهاتها العنصرية لهم التي بددت أوهامهم. ويشيد بتزايد اهتمام بقية الفلسطينيين والعرب في السنوات الأخيرة بقضية الدروز والمساهمة في منع تهجينهم بالانتقال من لغة التخوين والتكفير للغة الاحتضان.
وهذا ما يؤكده الباحث مدير مركز "إعلام" د. أمل جمّال الذي يدعو فلسطينيي الداخل للانخراط في مجهود الحركات الدرزية المناهضة للخدمة العسكرية ولاستعادة الدروز حضنهم.
ويوضح أمل جمال أن (إسرائيل) استغلت ضعف المجتمع الدرزي وعدم وجود نخب ومثقفين وقتها لتوطد علاقاتها بهذا المجتمع من خلال قيادات تقليدية ومخاتير وقعوا ما عرف بـ"حلف الدم" عام 1956.
وردا على سؤال يشير جمّال إلى أن ارتفاع نسبة رافضي الخدمة العسكرية لدى الدروز وتدني ثقتهم بإسرائيل نجم عن تراجعها عن تعهداتها في قضايا الأرض والبنى التحتية ودعم العمل والتعليم وغيرها، لافتا إلى أنه يستشعر بالظاهرة في بيئته ومن خلال أقربائه.
صفقة براغماتية
وتابع جمّال "كانت تلك صفقة براغماتية بين الطرفين لم تعد مجدية للدروز الذين باتوا يدركون أن ثمنها أكثر من مردودها لا سيما وأن (إسرائيل) اليوم مصممة على هويتها اليهودية وأن المؤسسة الأمنية لم تعد توفّر مصدر دخل لهم نتيجة اعتمادها على المهاجرين الروس والإثيوبيين".
كما يشير مدير مركز "إعلام" إلى دور الانفتاح على العالم العربي عبر الفضائيات وزيارات التواصل إضافة إلى توقيع اتفاقية السلام مع مصر، واتفاقية أوسلو في 1993، لافتا إلى أن الاتفاقيتين دفعتا الدروز للتساؤل عن جدوى تحمل مسؤولية عداء (إسرائيل) للفلسطينيين والعرب، ويضيف "لأول مرة شاهدت سيدات درزيات يبكين أمام مشاهد قتل الفلسطينيين في الانتفاضة الثانية".