قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: إجازة الصيف إستثمار

إجازة الصيف أطلت برأسها ووقت الفراغ يزداد، حيث نعمتان مغبون عليها كثير من الناس الصحة والفراغ، ونحن كشعب فلسطيني محاصر الأحوج إلى إعادة التوازن الروحي والنفسي والجسدي لحياتنا، وعلينا أن نحسن استغلال الفراغ؛ لأنه نعمة على أساسها يبنى الإنسان الذي هو مشروعنا ورأس مالنا وعنوان تحررنا في المستقبل الآتي القريب إن شاء الله. والأوقات التي هي رأس مال الإنسان محاسبون عليها لأنها الحياة؛ لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وشبابه فيما أبلاه. فعلينا استثمار الأوقات فتكون بذكر الله معمورة، وبطلب العلم والدعوة إلى الله مشغولة وبالقيام والرباط تسهر ليلها وبالجهاد والعلم تضيئ نهارها.

الوقت هو الحياة  أقسم الله سبحانه وتعالى به في كتابه فأقسم بالنهار وأجزائه الفجر والضحى والعصر وأقسم بالليل. رأس مالك الوقت فعليك أن تعلم أن استثماره بيدك فشمر عن ساعد الجد فإن الوقت يمضي والعمر قصير. بالوقت حفظت العلوم وتجمعت السنة وحررت المسائل وكتبت القصائد، وأنه ما من عالم رفع شأنه إلا واستغلال الوقت كان مركبه، وما من داعية رفع ذكره إلا واستغلال الوقت كان همه. والذي ميّز العلماء عن العامة استثمار العلماء لأوقاتهم. ولن يكون تأثير لك في واقع أمتك إلا بالعلم والعمل، ولن يتحققا لعشاق الدعة والكسل, فاقرأ سير أصحاب الهمم العالية. 

واستثمار الأوقات الأمثل يقتضى مضاعفة الأوقات بتقليل ساعات النوم، وتعلم الفنون التي توفر الوقت كأساليب القراءة السريعة، ولا تقرأ كل ما تقع عليه عينك، و تعلم فن اختيار الكتاب الجيد. وحذار من الوقت الضائع في الانتظار في أماكن معينة ودائماً احمل معك كتاباً نافعاً (القرآن الكريم). وفوق ذلك اعط نفسك فترة راحة بعد كل جهد، وقم ببعض التدريبات الرياضية،  مع تجنب الطعام الثقيل فانه يجهدك ويحد من نشاطك عن العمل.

كسب الوقت والعمل الجاد لايعني حرق الذات أو حرمانها من متاع الدنيا فبعض الأنشطة تجدد نشاطك وتدفعك إلى المزيد من العطاء (إجازة قصيرة، رحلة ممتعة، ممارسة هواية محببة، الذهاب إلى البحر). لذلك تعلم كيف تحول المواقف والضغوط إلى صالحك مثلاً– تكلم مع صديق من أصحاب التجربة والحكمة – اقترب من الناجحين والمفكرين – مارس بعض الرياضيات ... الخ.

كثير من الأوقات نفقدها بسبب (المجاملات الاجتماعية) فتعلم كيف تقول (لا) بشكل لبق (المكالمات الهاتفية غير الهادفة، الزيارات المفاجئة، الأعمال التي توكل إلينا من زملاء العمل والأصدقاء بدون مبرر مقنع). واجعل التقنيات الحديثة في خدمتك – استخدام الكمبيوتر في مراسلات وحفظ المذكرات فهي توفر الكثير من الوقت، خزن أرقام الهاتف، استخدام المسجل الصوتي عوضاً عن الرد على كل المكالمات. واجعل أيامك مفيدة وعامرة بالعمل الصالح واستمع أو شاهد برامج وأفلام ثقافية وعلمية، قم بزيارة إلى صديق حكيم أو عالم مفكر، مارس التدريب على الكمبيوتر، تعلم لغة جديدة، شارك في عمل خيري أو تطوعي، استمع إلى شريط أثناء قيادتك للسيارة... الخ.

إياك وقتل الوقت والحياة بسهام المعاصي فتقضي ليلك على الأطباق الهوائية ونهارك نوم عن الصلوات وهجر للجماعات. وإياك وإضاعة الوقت فيما لا فائدة فيه فتنقضي الإجازة ورصيدك العلمي والعملي والدعوي كما هو قبل الإجازة، وإياك أن تنقضي الإجازة ولم تراجع فيها قرآنا أو تحفظ فيها حديثا، ولم تقرأ فيها كتابا أو تواظب على حضور درس.

أعتقد انك راغب في استثمار إجازتك الصيفية والخطوة الأولى لذلك حدد الأهداف الكبرى التي ترغب في تحقيقها في الإجازة. ثم اجعل لكل هدف مراحل تؤدي إلى تحقيقه (أهداف صغرى) وبناء على ذلك يكون الجدول العلمي لتحقيق هذا الهدف  وهذا البرنامج يجب أن يكون معقولا بحيث يتناسب مع قدراتك وحاجاتك. وأن يكون البرنامج فيه مرونة بحيث يمكنك التصرف فيه في الحالات الطارئة وتدارك ما فات منه وأستشر أهل الخبرة.

ليكن شعارك: الإجازة فرصة لتربية النفس على العبادة والطاعة والجهاد والعلم.

وفقكم الله وسدد على طريق الحق خطاكم.

وإلى الملتقى

والسلام عليكم ورحمة الله ،،،

البث المباشر