"أبو نصر" استقبل رفات الشهداء ورحل

خانيونس- الرسالة نت-

لم تعلم والدة الإستشهادي المجاهد أحمد أبو نصر أن فلذة  كبدها الذي أصر على مساعدتها بعمل البيت قبل يوم على تنفيذ عملية ضد الاحتلال "الإسرائيلي" شرق خانيونس جنوب قطاع غزة يريد أن يترك بصمة بالمنزل قبل رحيله.

أخبر الإستشهادي أبو نصر أمه أنه سيسافر يوم الخميس الماضي ولم يفصح لها عن وجهته, واكتفى بالقول "بعد أيام ستعرفين يا أمي".

قالت أم أحمد لمراسل "الرسالة نت" إن نجلها خرج يوم الخميس من البيت مبكراً  للمشاركة في العرض العسكري الذي نظمته سرايا القدس الذراع المسلح لحركة الجهاد الإسلامي لاستقبال رفات الشهداء الفلسطينيين.

وسلمت "إسرائيل" الخميس المنصرم جثامين 91 شهيداً فلسطينياً كانت تحتجزهم في مقابر الأرقام بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

واوضحت والدة الاستشهادي أبو نصر أن ابنها عاد بعد صلاة العشاء وطلب منها ان تجهز له وجبة العشاء, وخرج في تلك الليلة ثلاث مرات قبل أن يعود للبيت ويخلد للنوم بعد منتصف الليل.

مع حلول ساعات الفجر الأولى دق منبه الهاتف المحمول الخاص بالاستشهادي أحمد فاستيقظ وانطلق من غرفته صوب باب المنزل إلا أن أمه استيقظت قبل أن يخرج وسألته أين يتجه فأخبرها أنه ذاهب لتأدية مهمة جهادية.

بلغ قلب أم أحمد حنجرتها خوفاً على حياة ابنها لكنها لم تقف بوجهه وتركته يحقق أمنيته في أسر جنود الاحتلال وتحرير الأسرى الفلسطينيين, بحسبها.

حد أحمد سكينه وأمسك "قطاعة أسلاك" وجهز ملابس تمويه خاصة للمناورة أمام الاحتلال الذي يمتلك تكنولوجيا متطورة في رصد الحدود.تذكرت الأم حديث أحمد عن "السفر" وفهمت مقصده منه عندما امتشق سلاحه وارتدى جعبته المدججة بالرصاص والقنابل.

فرت الدموع من عيني أم أحمد وهي تراقب حركات ابنها لكنها تركته يحقق ما يطمح به خاصة بعدما طلب منها ألا تخبر والده.

يلف الصمت أرجاء البيت إلا من حديث أم أحمد لمراسل "الرسالة نت" عن لحظة الوداع الأخيرة مؤكدة أنها خرجت خلف إبنها الاستشهادي لتتبع خطواته بصعوبة لان الظلام لم ينقشع بعد.

ساعة الصفر

قالت أم أحمد إنها سمعت إطلاق نار كثيف بعد خروج أحمد من البيت بقليل فانطلقت صوب الشارع تنادي عليه دون مجيب.

وأضافت "جلست أدعو الله أن يثبه ويمكنه من رقاب أعداء الدين الذين يقتلون الأطفال والنساء ويحرمون الأسرى من أبسط حقوقهم".

استيقظ والد أحمد لأداء صلاة الفجر فأخفت الأم معالم الخوف والقلق على حياة إبنها عندما سألها عن أحمد وبررت تأخره عن العودة للبيت بأنه ينتظر تأدية صلاة الشروق كعادته في كل جمعة.

ونفذ الإستشهادي أحمد أحمد أبو نصر 22 عاماً عملية بطولية قرب معبر كيسوفيم العسكري يوم الجمعة الماضي وقتل جنديا "اسرائيليا" من لواء النخبة –جولاني- وأصاب آخرين في كمين محكم قبل أن يرتقي شهيداً.

بدأت وسائل الإعلام الفلسطينية المحلية تداول خبر العملية وذكرت أن مسلحاً فلسطينيا قتل جندياً قبل أن يتمكن الاحتلال من قتله فصرخت أم أحمد وهرعت صوب زوجها وهي تقول "إنه أحمد إبني".

حاول زوجها أن يهدئ روعها إلا أنها أقسمت له أن أحمد هو من نفذ العملية وكشفت لوالده أنه أخبرها بنيته قتل جنود الاحتلال وأسر أحدهم.

جلس والد أحمد أمام منزله لاستقبال المعزين باستشهاد ابنه مستقبلاً المئات من الفلسطينيين الذين حضروا لمباركة العملية والثناء على بطولة منفذها.

قال أبو احمد ان "الشهادة كانت تسيطر على قلب ولده احمد وكان دائما ينشدها شوقا في لقاء الله".

وحصل أحمد في الثانوية العامة على معدل 75 % وكان يدرس المحاسبة في جامعة الأقصى.

كان والد أحمد يدفعه دائما لإتمام دراسته كي يعمل ويحقق أمنيات العائلة إلا أن نجله اختار طريق الشهادة بحسبه.

وقال أبو أحمد إنه "حتى الساعة العاشرة صباحا لم يصدق بأن احمد هو منفذ العملية لكن إغلاق هاتفه المحمول كان يبعث شعوراً مضاداً لديه".

شريط الذكريات

وأوضح الوالد أنه حينما تيقن من استشهاد أحمد عاد به شريط الذاكرة للوراء عندما رزق به وحتى أصبح رجلاً.

وسلم الاحتلال جثمان الاستشهادي ابو نصر مساء الجمعة عبر معبر بيت حانون شمال قطاع غزة .

تتساقط العبرات على خدي أبو أحمد وهو يؤكد أن ما صبره على استشهاد ولده أنه أوجع الاحتلال "الاسرائيلي" وقتل منهم قبل أن يرتقي شهيداً.

ودعا المقاومة الفلسطينية للعمل على قدم وساق من للانتقام من الاحتلال لأنه لا يعرف سوى لغة القوة.

البث المباشر