قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الطريق إلى الشراكة الوطنية

الطريق إلى الشراكة الوطنية لا زال طويلا ،الشراكة الوطنية وليس الشراكة السياسية فحسب ما يجب أن نتقصّده وطنيا خلال المرحلة المقبلة.

الشراكة السياسية تعالج جزءا من المشهد الوطني، فيما الشراكة الوطنية تضع المجتمع الفلسطيني بأسره في قلب دائرة المعالجة والاستهداف.

الشراكة السياسية تعنى بترميم وتطوير العلاقات بين القوى والفصائل السياسية في إطار النظام السياسي الفلسطيني، بينما تغرس الشراكة الوطنية جذورها القوية في أعماق المجتمع ونسيجه الحيوي، وتجعل من النخبة السياسية والثقافية والاقتصادية والمجتمعية، إلى جانب المواطن، شركاء جنبا إلى جنب في التكاتف الوثيق نحو تحمل مسئولية وهموم الوطن والقضية.

المطروح حاليا في إطار ملفات المصالحة الداخلية لا يتعدى شراكة سياسية في إطار مجتزأ على المستوى النظري، فيما يتضاءل كثيرا حيز وحظوظ الشراكة لدى إنزالها منزل التطبيق على المستوى العملي.

ثقافة الشراكة الوطنية غائبة تماما هذه الأيام عن التفكير الفصائلي، وما يتم تداوله عن استدعاء قيم ومفاهيم الشراكة السياسية يراوح –فقط- في إطار الشعار المجرد لأغراض الاستهلاك الداخلي، والنتيجة أننا أمام واقع مؤسف تغلب عليه ثقافة الهيمنة والاستحواذ والرغبة في إقصاء الآخرين.

تجربة السنوات الماضية بما حوته من مآس وآلام ومصائب في ظل الانقسام لم تكن كافية لإعادة صياغة التفكير الفصائلي باتجاه موجبات الشراكة الحقّة، ويبدو أننا لا زلنا بحاجة إلى مخاض أكثر شدة وعمقا كي نستقيم على رؤية وطنية شاملة تعلي المشترك الوطني العام على الاعتبار الفصائلي الضيق، وتنزل عند حدود المصلحة الوطنية العليا أيا كانت الكلفة أو الأثمان المترتبة عليها.

كم من الوقت نحتاج لتعبيد طريق الشراكة الوطنية التي تشكل القاعدة الصلبة والأساس المتين في مواجهة الاحتلال وتحدياته الجسام؟! وكم من الوقت نحتاج كي نتعلم من أخطائنا وخطايانا، ونأخذ العبرة من تجارب ومصائر الآخرين؟!

بإمكاننا أن نجعل التوافق على تشكيل حكومة التوافق الوطني بداية الطريق إلى الشراكة الوطنية، وبإمكاننا –أيضا- أن نجعل منها البداية والنهاية على السواء.

فلسطين ليست حكرا على حماس وفتح وبقية الفصائل، فالوطن وطن الجميع، وإن شئنا المزيد من الدقة والصراحة والوضوح فإن علينا الاعتراف بأن النهج والسياسة الفصائلية الحالية تضر الوطن وقضيته العادلة أشد الضرر، وتباعد بينه وبين تلمّس آفاق النصر والحرية، وتعيده سنوات طويلة إلى الخلف.

مَنْ يقرّر في شأن الوطن وقضاياه الكبرى، ومَنْ يبتّ في المصير الوطني، يجب أن يكون الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه في الداخل والخارج أولا، ولا قيمة لأي ادعاء أو محاولة للتزلف إلى الشعب بشعار جميل أو ألفاظ براقة ليس لها من الواقع نصيب.

الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ليس مجموعة رعاع كما يتصور البعض، بل هو توليفة من الشرائح والمؤسسات والشخصيات ذوي القدرة والفهم والكفاءة، وهي تركيبة واسعة قادرة على حشد الدعم لأي قرار هام أو سياسة كبرى، وتبنيها والدفاع عنها من الألف إلى الياء.

باختصار.. حاجتنا إلى الشراكة الوطنية كحاجتنا إلى الماء والهواء، ولن نتنسم عبير النصر والحرية ما دامت الشراكة خارج أجنداتنا الملحة وأولوياتنا الكبرى.

البث المباشر