لا نبالغ بالقول أن الرئيس مرسي يعتبر الرئيس الأثقل حملا والأشد إثارة للتعاطف على مستوى العالم أجمع.
مع دخول مرسي مقر الرئاسة المصرية دخلت مصر حقبة جديدة ذات سمت خاص وقواعد مغايرة لما ألفته طيلة العقود المنصرمة من عمر النظام الاستبدادي البائد.
تتنازع الحقبة القادمة في ظل العهد الرئاسي الجديد جملة من التحديات التي تنتصب في وجه الرئيس الجديد، وتجعل من مهمته بالغة العسرة وأشبه ما تكون بالخوض في بحر من الرمال المتحركة أو السير المترنح في حقول ألغام مترامية الأطراف.
الصلاحيات والنفوذ تشكل التحدي الأول أمام مرسي، فقد حرمه ما يسمى الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري مؤخرا الكثير من الصلاحيات الرئاسية وجعل الكثير من قراراته المفترضة ملحقة ومشروطة بموافقة المجلس العسكري، ما يضعه أمام كثير من الحرج وكثير من العوائق التي تحد من قدرته على تنفيذ برنامجه الانتخابي.
التحدي السياسي والاجتماعي يمثل تحديا آخر بالغ الأهمية في ظل التشتت السياسي والتفسخ الاجتماعي الذي أصاب حياة المصريين في الأشهر الأخيرة، فلا زالت العديد من القوى السياسية والمجتمعية المناوئة للمشروع الذي يحمله مرسي تجاهر برفضها التعاون معه أو الدخول في شراكة حقيقية لإسناده وحمل الهمّ المصري بشكل موحد، وتنتظر فشله على مذبح الأزمات التي تعصف بالواقع المصري.
التحدي الاقتصادي يبدو ماثلا ضمن سياق التحديات التي تتهدد مسيرة مرسي، فالاقتصاد المصري تسيطر عليه شبكة واسعة من الاقتصاديين ورجال الأعمال الذين يرتبطون بنظام مبارك والدولة العميقة التي يديرها المجلس العسكري، وزاد الطين بلة أن العسكر انفردوا بتقرير موازنة الدولة المصرية ضمن صلاحياتهم المقرة في الإعلان الدستوري المكمل، وهو ما يضع مرسي أمام أسئلة الاقتصاد الصعبة خلال المرحلة القادمة.
تحدي القضية الفلسطينية يمثل –أيضا-هاجسا أمام مسيرة مرسي، وخصوصا في ظل الآمال والطموحات الكبرى التي يعلقها عليها الكثير من الفلسطينيين، وفي مقدمتهم حركة حماس وأنصارها الذين يصدرون مع مرسي عن مشكاة تنظيمية وفكرية واحدة، لجهة إنهاء الحصار المفروض على غزة وفتح معبر رفح بشكل كامل ودائم ومواجهة التغول الإسرائيلي على الفلسطينيين وحقوقهم المسلوبة.
التحدي الإقليمي والدولي يجسد ذاته ضمن تفاعلات سياسة مرسي وعلاقاته المختلفة المنتظرة مع البيئة المحيطة إقليميا ودوليا، إذ على الرجل أن يحسن التعاطي مع السياسة الدولية القائمة على الكذب والنفاق والخداع والتضليل وإعلاء مبدأ المصلحة على كل القيم الأخلاقية والمبادئ القانونية والاعتبارات الإنسانية، وهذا أمر دونه الكثير من العنت والجهد والحسابات الدقيقة.
فوق ذلك يعمل البعض على تفريغ رئاسة مرسي من مضمونها عبر إلحاقها بالمرحلة الانتقالية الثانية واختصار مدتها عبر تقييد سقفها الزمني بسقف المرحلة الانتقالية، وكأنهم يريدون إخراج الرئيس من بوابة الحكم قبل أن يبدأ، ويبثون ضمنيا في أفهام الناس مواصفات مغايرة لرئيس جديد.
أعان الله الرئيس مرسي على تحمل عنت ولأواء وتحديات المرحلة القادمة.