قائد الطوفان قائد الطوفان

نتيجة زيارة "موفاز"

الحراك الشعبي ينذر بثورة في رام الله

الرسالة نت - لمراسلنا

لم تكن تعلم قيادة السلطة الفلسطينية أن أغنية (من أبو فواز إلى موفاز) التي نشرها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الشباب- تهكما على مبدأ قبول رئيس السلطة محمود عباس بزيارة زعيم حزب كاديما الصهيوني "شاؤول موفاز" التي كانت مقررة مطلع الأسبوع الحالي إلى رام الله- ستكون مقدمة لحراك شعبي واسع قاد إلى مظاهرات وتنديدات ميدانية.

وهذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها مدن الضفة المحتلة احتجاجات ضد السلطة التي تتطلع إلى اقامة دولة وفق المقاييس (الإسرائيلية)- الأمريكية، لكن ما فاقم من حدة التوتر اعتداءات اجهزة أمن السلطة على المتظاهرين وقمعهم والتجرؤ على النسوة.

المظاهرات التي انتهت بالقمع في المرة الأولى، تجددت أول أمس مع خروج نحو 500 مواطن متجهين إلى مقر المقاطعة دون مقاطعة أجهزة الامن لهم، حاملين الشعارات المنددة بالمفاوضات والحاثة على اتاحة حرية الرأي والتعبير.

هذه الاحتجاجات صاحبها موجة من الاستنكارات في الوسط السياسي الفلسطيني، لكن رئاسة السلطة لم تأبه بها، والتفت مباشرة على الحراك الشعبي محاولة امتصاص موجة الغضب بفتح تحقيق في حادثة الاعتداء على المتظاهرين.

بدأت تدور

وفي ضوء الحراك القائم قال النائب المستقل في المجلس التشريعي حسن خريشة، إن السلطة تعيش حالة من التخبط وعدم القدرة على ضبط الأوضاع في مدن الضفة.

وأوضح خريشة أن تعامل أجهزة أمن السلطة "الوحشية" ضد المتظاهرين في رام الله دليل واضح على حالة الفلتان التي تعيشه تلك المؤسسة، وعدم وجود رؤية واضحة لها للتعامل مع الأوضاع الفلسطينية الداخلية.

"

خريشة يقول إن السلطة تعيش حالة من التخبط وعدم القدرة على ضبط الأوضاع في مدن الضفة

"

وعزا تخبط السلطة في اتخاذ قراراتها المختصة بالشأن الداخلي، إلى اختلاف المرجعيات التي تحكم عملها، مؤكدا أن الوضع القائم في الضفة وحالة الإرباك التي تعيشها الساحة "سيُعزز فرص اندلاع انتفاضة شعبية، ستكون نتائجها إيجابية ولصالح الفلسطينيين، خاصة في ظل استمرار الانقسام الداخلي وفشل عملية السلام وتمسك السلطة بنهج المفاوضات" كما قال.

ولفت خريشة إلى أن الربيع الفلسطيني اقترب كثيراً من تحقيق أهدافه ولكن يحتاج إلى قوة فصائلية وشعبية دافعة له، موضحاً أن الذرائع التي وضعتها السلطة مؤخراً لتبرير قمعها للمواطنين كانت استخفافا بعقولهم وغير مقنعة.

ورغم أن عجلة الحراك الشعبي قد بدأت بالدوران، فإن استاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية عبد الستار قاسم، لايزال ينظر لهذا الحراك على أنه باهت وبسيط، في ظل استهتار السلطة بالشعب الفلسطيني، قائلا: "هناك جبن شديد".

وشكك قاسم في توجهات الشباب قائلا :"إنهم منهمكون إما في الدفاع عن فصائليتهم أو بمغريات الحياة، وأغلب المثقفين يرون في الدفاع عن مصالح الوطن تضحية بأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية".

وتساءل: "هل شباب فلسطين أقل شجاعة من شباب تونس؟ ألم يحملوا على أكتافهم هموم الوطن سنين طويلة؟ أيعجزون الآن عن المساهمة في تصويب المسار؟".

وفي غمرة الاضطرابات التي تعيشها مدن الضفة، اصيب سامي الشامي النائب عن حركة فتح في جنين، بعيارين ناريين في ساقه، وسجلت القضية ضد مجهولين.

"

المحلل المصري يرى أن الحراك الشعبي يمثل انتصارا للإرادة في ابطاله لزيارة "موفاز"

"

وقال النائب الشامي في تعقيبه على الحادث "الهدف كان قتلي لان معظم الرصاصات اصابت ابواب السيارة اضافة الى رصاصتين اصابتا فخذي الايمن".

على ضوء الاعتداءات الحاصلة طالب استاذ العلوم السياسية بضرورة أن يتحمل كل شخص مسؤوليته ولو بدرجات متفاوتة، وقال: "علينا أن نرفع صوتنا في مواجهة الخذلان والاستهتار والزيف والتسويف والتزوير (..) السياسـي الـذي يساوم أو يهادن ويفرط بالحقوق ليس باق، الأرض باقية.. من لا إرادة له، لا وطن له".

انتصار ارادة

في المقابل ينظر المحلل السياسي هاني المصري إلى الحراك الشعبي على انه يمثل انتصارا للإرادة في ابطاله لزيارة "موفاز" التي جرى الحديث عن تأجيلها إلى أجل غير مسمى.

وقال المصري :"لقد انتصرت الإرادة الشعبية جزئيًّا، ويمكن أن تنتصر كليًّا إذا تحلى الحراك الشعبي بالمثابرة والإصرار والابتعاد عن الاستعجال وحرق المراحل والعنف والتخوين والتكفير، لأنه بعد الثورات العربية التي انطلقت في تونس ومصر حلّقت روح ميدان التحرير في السماء العربية، ولن يستطيع أحد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء".

ويرى أن المطلوب هو أن يكون إلغاء الزيارة جاء كمقدمة للإقلاع عن النهج المرتبك الذي تسير عليه قيادة السلطة.

وشدد على أنه لا داعي للمفاوضات، خصوصا أنها تمس بمصداقية السلطة التي تسعى لاستئناف المفاوضات على اساس أن "الحياة مفاوضات".

ولفت المصري إلى أن حل الازمة التي تعيشها السلطة "لا يكون بالادعاء بتأمين حرية الرأي والتظاهر في الوقت الذي شهدت فيه الضفة قمع المتظاهرين ومنعهم من الوصول إلى مقر المقاطعة من أشخاص مدنيين يحملون المسدسات، ويندسون بين المتظاهرين؛ لتبدو المسألة أنها خلافات بين المتظاهرين". كما قال.

وأشار إلى أن الصورة الآنفة تعيد للأذهان بلطجية مصر وشبيحة سوريا، مبينا ان حراك المتظاهرين نابع من خوفهم على المصلحة الوطنية، "وليس من أجل أجندات خارجية ولا ينشدون الفوضى وفقًا لتصريحات الناطق باسم الأجهزة الأمنية".

وجاء الترتيب لزيارة "موفاز" في ظل مواصلة (إسرائيل) للاستيطان ونهب الأرض الفلسطينية، والاستمرار في تهويد القدس، ما زاد من حالة الاحتقان الشعبي ضد السلطة.

وتدب المخاوف في أوساط قيادة السلطة من أن يكون عقد اللقاء الذي جرى تأجيله بين عباس وموفاز، بمثابة الشعرة التي تقسم ظهر البعير، ويشهد العالم ثورة فلسطينية جديدة تنطلق من رام الله.

البث المباشر