في الحادي والعشرين من أغسطس ( آب ) كانت الذكرى الثالثة والأربعين على إحراق المسجد الأقصى والتي أقدم عليها إرهابي صهيوني بدعم من قيادته السياسية والعسكرية لقياس ردة الفعل العربية والإسلامية عقب العدوان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية لتقرير الخطوات التالية بعد الاحتلال كضم القدس والتخطيط لعمليات تهويد ممنهجة ومدروسة والتي نرى ونسمع عن نتائجها بعد كل هذه السنوات التي أعقبت عمليتي احتلال وإحراق المسجد الأقصى.
ويستمر الصمت العربي الإسلامي على مدى أكثر من أربعين عاما منذ الاحتلال وبعد الحرق وفي ظل استمرار المجازر بحق الإنسان والمقدسات ولم تترك الأيدي الخبيثة النجسة مكانا في القدس إلا استباحته دون أن تجد من يردعها أو يوقفها عن إجرامها المتواصل الذي وصل حد التفكير في تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين والصهاينة كما حدث في المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل وما قرار الاحتلال باعتبار ساحات الأقصى حدائق عامة إلا الخطوة الأولى نحو التقسيم.
الصهاينة يمارسون حربا دينية إلى جانب حربهم التهويدية والاحتلالية وهم يمارسون إرهابهم وفق تصوراتهم التوراتية التلمودية وهي محركهم الأول تجاه القدس خاصة والأرض الفلسطينية بشكل عام ضاربين عرض الحائط بكل المواقف والقرارات والمؤسسات الدولية وغير الدولية ماضون في مخططاتهم التهويدية طالما استمر هذا الصمت العربي والإسلامي وفي مقدمته الموقف الفلسطيني الهابط إلى درجة تصل حد التفريط وفي نفس الوقت التخويف من الحرب الدينية ويشاركهم في التخويف بعض النظم العربية التي تخشى تحول الصراع من سياسي إلى عقدي ديني لأنه ذلك يشكل خطرا عليهم وعلى مشاريعهم قبل أن يشكل خطرا على الكيان الصهيوني.
إن لم تكن المواجهة مع الاحتلال الصهيوني قائمة على العقيدة وعلى أساس ديني كمحرك لها نعتقد أن اليهود سيسيطرون على كل المقدسات الإسلامية والمسيحية وسيعملون على تدميرها وتهويد كل ما هو على الأرض وتحويله إلى أثر يهودي زورا وبهتانا طالما استمر النظر إلى الصراع على فلسطين قائما على أساس سياسي وان يكون منطلقه التقسيم والاعتراف بشرعة الاغتصاب وهذا يعني التفريط ومن يفرط بجزء تحت قانون القوة والضعف ستكون الغلبة لليهود لأنهم من يملك القوة المادية والمعنوية والاعتقاد الديني ، أما نحن الأضعف ماديا ومعنويا ومفرطين من الناحية الدينية لأن مُنطلقنا علماني يخشى الدين لذلك نحاول أن نبعد البعد الديني والعقدي عن القضية الفلسطينية الأمر الذي أدركه يهود وهم يحاولون أن يستمر الفلسطينيون والعرب بإبعاد العنصر الديني في الصراع القائم لأنهم يدركون أن القضية الفلسطينية بعدها الأساس هو ديني وليس سياسي وان الحل يجب أن يكون قائما على أساس ديني؛ لأن فلسطين وفق الفهم الديني هي ارض وقف إسلامي وعليه تحريرها وخلاصها من المحتل هو فرض عين، وأن هذا الوقف لا يجوز تقسيمه أو التنازل عنه؛ لأنه ليس ملكا لأحد بل هو موقوف لكل المسلمين وان انتفع منه جزء منهم.
وعليه إذا أردنا تحرير فلسطين لابد من نعيد لها الاعتبار الديني وان منطلق تعاملنا مع المحتل من خلال هذا البعد الديني وليس عبر البعد السياسي العلماني المفرط، لذلك الشرط الأول للتحرير هو أن يكون المنطق نحو فلسطين منطلقا دينيا وأن تحريرها فرض عين على كل مسلم ، وأن هذا التحرير لن يكون عبر التفاوض أو التقسيم بل عبر المقاومة المسلحة أو التفاوض على خروج المحتل والغاصب بشكل آمن بعد أن يدفع ثمن اغتصابه للأرض ولكن عقلية يهود لن تقبل بالفرضية الثانية وتبقى الفرضية الأولى أن التحرير عبر المقاومة الطريق الوحيد لطرد هذا المحتل ولكن بعد أن نتحصن بالبعد الديني والعقدي للصراع.