قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: سلطة في العناية المركزة

تصرفات سلطة رام الله بدءاً بحملات الاعتقال لمئات الفلسطينيين، وإعادة اعتقال المحررين من سجون الاحتلال، والتخبط في الوصول لبرنامج تصحيح اقتصادي يرضي الدول المانحة ويعيد فتح صنبورة الضرائب الفلسطينية التي يجمعها الكيان الصهيوني من الفلسطينيين وتحكم حكومة نتانياهو قبضتها عليها، ويخفف في ذات الوقت الاحتقان الشعبي في الضفة الغربية، كل ذلك لن يفتح أفق الاستقرار لحكومة فياض ولسلطة رام الله، ذلك لأنه لا يمكن لسلطة لا تملك سيادتها الوطنية وتعيش على حقن المساعدات التي تعطيها لها الدول المانحة والكيان الصهيوني العنصري أن تخرج من غرف الإنعاش الاقتصادي الذي تتحكم في أنابيبه تلك القوى.

الحل الجذري للوضع الاقتصادي المزري في الضفة الغربية هو التحرر من التبعية والخنوع للكيان الصهيوني والذي يتحكم حتى في مزاج الدول المانحة، وذلك من خلال تحقيق الاستقلال الاقتصادي الفلسطيني، والذي يمكن الفلسطينيين من الفكاك من الخضوع للاقتصاد (الإسرائيلي) وبناء قاعدة مادية تقنية متطورة، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون التحرر الوطني التام وامتلاك السيادة بأشمل معانيها، إذ أن الاحتلال واستكمالا لسياسته في إفراغ فلسطين من أهلها، ينزع كل مقومات التنمية الحقيقية عن الشعب الفلسطيني، ويعوق إمكانية حصول الفلسطينيين على اقتصاد مستقل وللأسف فإن نهج أوسلو شرعن من خلال بروتوكول «باريس» الموقع عام 1994 حالة التبعية الاقتصادية الفلسطينية للاقتصاد الإسرائيلي، الأمر الذي جعل السلطة شريكاً في تردي الحالة المعيشية الراهنة للفلسطينيين، ودفع إلى حالة الاحتقان التي تبلورت بالتظاهرات الأخيرة والتي تحاول سلطة رام الله تحميل مسؤوليتها للمقاومة الفلسطينية وهو ما يفسر هستيريا الاعتقالات التي تمارسها أجهزتها الأمنية في الفترة الأخيرة على اعتبار أن التظاهرات ضد حكومة فياض هي نتيجة حالة تحريض، وليست نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية التي باتت تهدد الفلسطيني في آخر رغيف خبز يمتلكه بسبب حالة التبعية المفرطة للاقتصاد الصهيوني الذي بات يحل أزماته الاقتصادية على حساب اقتصاد الفلاح والعامل الفلسطيني من خلال تحكمه بالموانئ والمعابر الفلسطينية وكافة مقومات التنمية.

ورغم الوهن الاقتصادي الفلسطيني، وانسداد آفاق استثمار فلسطيني حقيقي مستقل، لإدراك الكيان الصهيوني أن الاستقلال الاقتصادي قد يؤدي إلى استقلال سياسي حقيقي، فإن هناك سببا آخر لحالة التردي الاقتصادي التي يعيشها الفلسطينيون في مناطق سلطة رام الله تتمثل بالفساد الطاغي الذي يعشش في أروقة حكومة وسلطة رام الله، والسرقات المتواصلة للمساعدات والتي تجعل حكومة فياض غير الشرعية عاجزة عن تسديد ما يترتب عليها من فواتير حتى للكهرباء والماء أحيانا، الأمر الذي تنعكس آثاره على حياة الفلسطينيين.

إن استمرار هذا الوضع يعني المزيد من تخلي الفلاحين عن مشاريع استصلاح أراضيهم بعد تبدد أوهام التنمية الاقتصادية التي روجتها سلطة أوسلو، والعودة لرفد الاقتصاد (الإسرائيلي) بعمالة فلسطينية رخيصة، مما يسهل التوسع الاستيطاني الصهيوني في تلك الأراضي.

صحيفة الوطن القطرية

البث المباشر