تحقيق: غزة حقل تجارب لأسلحة "إسرائيل"

صورة من العدوان الاسرائيلي (أرشيف)
صورة من العدوان الاسرائيلي (أرشيف)

غزة– الرسالة نت- مها شهوان

مازالت جثة الرضيع عمر المشهراوي – التي أصيبت بالحروق جراء القصف (الإسرائيلي)- حديث أطباء قسم الاستقبال في مستشفى الشفاء, رغم أنه جاء في الليلة الأولى من العدوان.. وقتئذ حاول الأطباء اسعافه لكن دون جدوى, فجسده الصغير كان  ينصهر في يد الطبيب وهو يحاول علاجه.

شدة الحروق التي غطت جسد الصغير لم تمكنه من البكاء, فذلك كان واضحا في فيديو منشور على صفحات التواصل الاجتماعي, يظهر فيه الصغير وهو يحاول تحريك لسانه حتى صعدت روحه البريئة إلى بارئها.

لم يكن عمر وحده من فقدته عائلة المشهراوي, فقد ارتقت أيضا زوجة عمه هبة الترك شهيدة قبل أن يمضي على عرسها خمسة شهور بل وتحمل في أحشائها طفلين، حيث كانت الشظايا التي اخترقت جسدها كافية لإنهاء حياتها دون تمكن الاطباء من انقاذها.

"

صاروخ (دليلة) من إنتاج الصناعات العسكرية الإسرائيلية "رفائيل" ويحمل رأسا حربيا وزنه 250 كجم وهو معد لمهاجمة التحصينات ويتمتع بقدرة تدميرية هائلة..

"

مجازر كثيرة خلفتها الحرب الأخيرة راح ضحيتها المواطنون العزل الذين اعتبرتهم (إسرائيل) بنك اهداف لها جعلت أجسامهم متفحمة واخرى بالكاد تمكنت الطواقم الطبية من لملمة لحمها المتناثر, مما شكل دليلا واضحا على أن (إسرائيل) استخدمت أسلحة محظورة ومحرمة.

تلك المشاهد المؤلمة حفزت "الرسالة نت" للبحث عن انواع الأسلحة التي استخدمت ومدى خطورتها على البيئة والانسان الفلسطيني.

حروق وتهشم في العظام

في قسم الحروق بمستشفى الشفاء يرقد عدد من المصابين الذي خلفتهم الحرب على اسرة.. بعضهم لف جسده بـ "شاش أبيض" من أخمص قدميه حتى الرأس, ومنهم شاب اسمه احمد يبلغ من العمر عشرين عاما كان الممرض يحاول وضع محلولا في يده عله يساعده في العودة إلى الحياة.

"الرسالة نت" اقتربت من الشاب  للحديث معه لكن الممرض رفض الكشف عن وجهه  من شدة الحروق التي محت ملامحه وقال " لا يمكنه الحديث لأنه في غيبوبة"، لكن لم يمض يوم على زيارتنا حتى فارق الحياة ليسجل ضمن قائمة الشهداء وليتضح أنه عم الصغير عمر الضحية الاخيرة لعائلة المشهراوي.

وفي جريمة اخرى لازالت ملامحها حاضرة في أذهان من تابع وسائل الاعلام خلال الحرب وشاهد الجثة المتفحة للشهيد رامز حرب 38 عاما حينما قذفته طائرة حربية بثلاث صواريخ وهو يؤدي عمله في برج الشروق .

عند وصوله لمستشفى الشفاء كان جثة لا ملامح لها أصابت أحد العاملين في قسم الاستقبال بالشفاء بحالة إغماء ، وبمجرد ان شاهده أهله علت اصواتهم بالنحيب لهول المنظر واغمي على بعضهم .

حالة الشاب حرب تشابه جثة الصحفي حسام سلامة الذي قذف بصاروخ خلال اداء عمله الصحفي تفحمت جثته على اثره.

مجازر الاحتلال راحت ضحيتها عائلات كاملة كالدلو وحجازي وأبو زور وأبو كميل كانت اجسامهم المصابة تختلف عن بعضها منها المحروقة المشوهة, ومنها الممزقة الأطراف, واخرى لا توجد فيها خدوش بل انفجار في الاحشاء الداخلية نتيجة القنابل الارتجاجية, مما يدلل على أن (إسرائيل) جعلت من المدنيين العزل مختبرا لأسلحتها الحديثة التي تريد من خلالها قمع المقاومة والترويج لتسويق أسلحتها للعصابات في الخارج.

"

قنبلة "SPIS" مسقطة وتزن طنا وتلقى من طائرات F15 وهي تصيب الأهداف عن بعد 60 كم لأنها موجهة بالليزر وتحمل قدرة تدميرية مضاعفة عن قنابل MK

"

هول المشاهد التي وصلت مستشفى الشفاء جعلت الأطباء والممرضين فيها يتهربون من ذكر ما شاهدوه خلال الحرب "للرسالة نت" باعتبار تلك الأيام صفحة سوداء طويت من ذاكرتهم, ومنهم رئيس قسم الاستقبال والطوارئ د. أيمن السحباني الذي ربط على قلبه وقال :" في كل عدوان تشنه (إسرائيل) على غزة تركز على استهداف المواطنين في منطقة معينة لكن هذه المرة وصلتنا حالات مختلفة كالحروق الكاملة وتهشم في الجمجمة وخروج المادة الدماغية، بالإضافة إلى حالات جديدة كاستشهاد الأطفال بسبب ضغط الهواء مما تسبب في تهتك وتمزق اعضاء الجسم".

 وأشار السحباني إلى استخدام (إسرائيل) اسلحة ثقيلة سببت المواد الكيمائية التي يحتويها الصاروخ بحرق المواطنين العزل وحولت أجسام الكثير منهم إلى جثث متفحمة وأخرى أشلاء .

وبحسب السحباني فإن الأطباء كانوا يحاولون مساعدة بعض المواطنين قبل لفظ أنفاسهم الاخيرة من خلال تزويدهم بوحدات دم لكن ذلك لم يجد نفعا لوجود ثقوب في اجسامهم يخر الدم منها، مؤكدا أن (إسرائيل) تطور أسلحتها مع كل عدوان تشنه على قطاع غزة.

قنابل نووية متناهية

في حين صنّف د. صبحي سكيك مدير قسم الجراحة في مستشفى الشفاء حالات الإصابات بالتقليدية وأخرى غير تقليدية  ضد المدنيين الآمنين، لافتا إلى أن الإصابات التي وردت لم يجد الأطباء والجراحون أي تفسيرات لها ، رغم أنهم شاهدوا جزءا كبيرا منها في حرب الفرقان 2008.

وذكر انه منذ اليوم الأول للحرب جاءت إصابات تحتوي على بتر أجزاء من الجسم، مشيرا إلى أن هذه الإصابات كانت أيضا في حرب الفرقان حيث استهدفتها أسلحة محرمة دولياً، تسمى "الدايم".

وقال سكيك:" الأسلحة عبارة عن قنابل نووية متناهية الصغر تحملها رؤوس طائرات الاستطلاع تسببت في قطوع عرضية لجسم المصاب وتفتت جزء من الجسم تؤدي مباشرة إلى بتر الطرف العلوي أو السفلي وأي جزء تصيبه تبتره مباشرة".

وأضاف:" النوع الثالث من الإصابات تنشر على جسد المصاب ثقوبا سوداء بحجم رأس الدبوس، تدخل إلى الجسم وتعمل نوعا من التهتكات داخله، وعند فتح بطن المصاب لا نجد على الإطلاق أي شظية لكن نرى تهتكا في أحشائه وتوقفا في رئته عن التنفس".

وذكر سكيك انه لا يوجد تفسير حقيقي لتلك الإصابات والشهداء  خاصة الأطفال كعائلة الدلو وأبو زور،  حيث جاء أطفال عائلة الدلو للمستشفى  دون أي علامات إصابة تظهر على  أجسادهم.

وشدد على أن الطواقم الطبية الفلسطينية تجد صعوبة في التعامل مع المصابين بهذا النوع من  الأسلحة الغريبة والتي تسبب الحروق والبتر والتهتك في جميع أنحاء الجسم كون الأسلحة التي تتسبب بها جديدة ولا يجري استخدامها باعتبارها محظورة ومحرمة دولياً، داعيا المؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى استقدام خبراء لفحص هذه المواد ،إلى جانب ضرورة إرسال المساعدات لغزة لأخذ عينات من المرضى لدراسة نوع الإصابات.

نسبة الاعاقات 5 %

تحدث الناطق الاعلامي باسم وزارة الصحة د. أشرف القدرة راويا لـ"الرسالة" أحداثا عايشها طيلة أيام العدوان خلال تواجده في قسم الاستقبال بمستشفى الشفاء فقال :" في الأيام الأولى من الحرب استخدمت (إسرائيل) قنابل حارقة وكان ذلك واضحا على الحالات التي وصلت إلى مستشفى الشفاء، بالإضافة إلى تفحم اجساد الشهداء".

وبحسب متابعة القدرة للحالات وجد أن الطائرات (الإسرائيلية) استخدمت صواريخ حارقة عند استهدافها للسيارات وتجمعات المواطنين ، ومن ثم لجأت إلى الاسلحة الفتاكة التي من شأنها بتر الاجزاء العلوية والسفلية لجسم الانسان وكذلك تفتيت الانسجة.

ولفت إلى ان نسبة الاعاقات من الاصابات بلغت 5% ومن المحتمل زيادة العدد لاسيما ان عدد الاصابات تجاوز الــ 1400 اصابة جزء كبير منها مصاب بالرأس والنخاع الشوكي .

ويوضح القدرة أن طائرات الاحتلال استخدمت أسلحة أكثر ضراوة تسببت في اذابة الانسجة مما يؤكد استخدام (إسرائيل) انواعا جديدة اكثر تطورا وتعقيدا باعتبار غزة بالنسبة لها حقل تجارب.

وروى أنه في آخر أربعة أيام من الحرب بدأت تستخدم أسلحة ذات طابع ارتجاجي ضد المنازل السكنية تخلف دمارا شاملا.

وأشار إلى أن (إسرائيل) لها أهداف تسويقية من خلال ضربها قطاع غزة بصواريخ متطورة دوما لتثبت للعصابات في الخارج قوة الأسلحة التي تصنعها مما يساهم في ترويجها.

"

سقوط صواريخ على البيئة يترك آثارا تنعكس على الزراعة كما إن تحلل المواد الموجودة في الصواريخ ووصولها إلى الخزان الجوفي يسبب تلوث المياه بالمعادن الثقيلة جراء الدخان الذي يخرج منها..

"

وتابع: "حينما استخدم العدو جميع أنواع الأسلحة التي تحتوي داخل اجسامها على مواد سامة قاتلة كان يريد اغتيال الطفولة حيث 40 % من الاصابات أطفال و 25 % نساء و 20 % مسنين".

صواريخ مشبعة باليورانيوم

ولمعرفة انواع الاسلحة التي استخدمتها (إسرائيل) في حربها الأخيرة التي خلفت ما يقارب 175 شهيدا وأكثر من 1500 جريح ، "الرسالة" التقت نائب مدير شرطة هندسة المتفجرات الرائد حازم أبو مراد في مكتبه حيث ذكر أنهم يقومون أثناء العدوان وبعده بإحصاء ومتابعة الغارات (الإسرائيلية) ، موضحا أنه في هذه الحرب استخدم العدو الطائرات المقاتلة بأنواعها ومنها  (F15)  التي تستخدم لقصف الاماكن المحصنة.

وقال:" القت الطائرات قنبلة MK84) وزنها طن تحتوي على أكثر من مادة متفجرة كبودرة الالومنيوم التي تزيد من ارتفاع درجات الحرارة  وتسبب الدمار، بالإضافة إلى ان الكابح الصاروخي المكون من الحديد المشبع باليورانيوم له آثار سلبية على البيئة في حال اسقط على الارض"، موضحا ان تلك الاشعاعات تشكل جريمة حرب مستمرة لها اثارها التدميرية الخطيرة.

وأضاف أبو مراد :" الاحتلال استخدم الطيران الحربي (الاباتشي والكوبرا ) التي قصفت المنشآت المدنية والعسكرية رغم انها مخصصة لضرب الدروع والدبابات وليس المركبات والمباني كونها تعطي قذائفها درجات حرارة مرتفعة تنتج عنها بعد الاستهداف نيران تحرق جثث الشهداء لان المادة الموجودة بالصاروخ مشبعة باليورانيوم والألومنيوم".

ولفت إلى أن (إسرائيل) استخدمت بكثافة قنابل مسقطة موجهة بالليزر في عمليات الاغتيال عن طريق الطائرات المسيرة (الزنانة) ، مبينا أن الصواريخ التحذيرية عبارة عن قنبلة يمكنها اختراق طابقين متتاليين بالإضافة إلى أنه لا يمكن استخدامها ضد المدنيين لأثرها القاتل الذي يمزق الاجساد.

يشار إلى أن (صاروخ النمرود) التي استخدمه الاحتلال في حرب الثمانية أيام, حيث كانت تستهدف فيه الطائرات الحربية الاماكن الفارغة والتجمعات المدنية شكل خطرا كبيرا أدى إلى التدمير المباشر في المناطق المكتظة بالسكان ، بالإضافة إلى أن الصواريخ التي قذفت المدنيين تعد خصيصا لمهاجمة جيوش كلاسيكية كبيرة وليس المدنيين العزل.

وحول الفرق بين الأسلحة التي استخدمتها (إسرائيل) في حرب الفرقان وحجارة السجيل ذكر أبو مراد أن الاحتلال في المرة الاولى اهتم بالتركيز النوعي للمادة فقد كان يستهدف المواطنين بقنبلة واحدة ، بينما في الاخيرة كان يقذف ثلاثة قنابل في وقت واحد, الامر الذي ضاعف حجم التدمير والخسائر.

وأوضح أن الحرب الأخيرة كانت جوية ولم تتعرض غزة للهجوم البري الا بشكل محدود عن طريق المدفعيات التي لم تتقدم كما السابق بل اكتفت بالمناوشات من داخل الحدود واستخدام السلاج الجوي الذي اغار على غزة بـ 1500 طلعة جوية بما يقارب 160 مرة يوميا قذفت فيها القطاع بما يقارب 3000 قذيفة جوية.

وبحسب أبو مراد فإن شراسة الحرب الاخيرة على غزة أشد من حرب الفرقان على الرغم من أن عدد أيامها ثمانية لكن (إسرائيل) استخدمت فيها ذخائر أكثر خطورة على البيئة وتسببت في خلق تشوهات في اجساد الجرحى والشهداء لما تحتويه من مواد كيماوية سامة.

وفي سؤال طرحته "الرسالة نت" حول كيفية معرفة ادارة هندسة المتفجرات بخطورة الأسلحة (الإسرائيلية) اجاب :" لا يوجد لدينا مختبرات لكننا نحكم على الذخيرة المستخدمة من خلال نتائجها والاثار التي تخلفها ، بالإضافة إلى قيامنا ببعض الفحوصات الميكانيكية واليدوية على بعض المواد المختلفة ".

وعن كيفية تعاملهم مع الصواريخ التي لم تنفجر قال خبير هندسة المتفجرات :" نقوم بإزالتها من المكان لنبعد ضررها عن المواطنين ومن ثم نحتفظ بها في مكان امن للتوثيق كذخائر حرب ليتم اتلافها تحت السيطرة والتخلص منها بشكل كامل".

وكشف أبو مراد عن استخدام الاحتلال لنوعين جديدين من الصواريخ في العدوان الاخير الأول (دليلة) من انتاج الصناعات العسكرية (الإسرائيلية) "رفائيل" ويحمل رأسا حربيا يزن 250 كيلو جرام معد لمهاجمة التحصينات ويتمتع بقدرة تدميرية هائلة فقد استخدم لقصف جسر وادي غزة وملعب اليرموك.

بينما الثاني –حسب أبو مراد- فكان قنبلة "SPIS" وتزن طنا وتلقى من طائرات F15 وتصيب الاهداف عن بعد 60 كيلو متر كونها موجهة بالليزر وتحمل قدرة تدميرية مضاعفة عن قنابل الـ MK  ، مشيرا إلى ان تلك القنبلة ضرب بها مجلس الوزراء ومبنى الداخلية وقيادة الشرطة.

مخلفات الكترونية سامة

بعد اعلان حالة الهدنة وعودة سكان قطاع غزة لممارسة حياتهم الطبيعة اشتكى كثير منهم من الغثيان عند خروجهم إلى الشوارع نتيجة الدخان الذي خلفته الصواريخ مما يدلل على ان الأسلحة التي تستخدمها (إسرائيل) لضرب غزة دائمة التطور مما يؤثر على البيئة بمكوناتها كافة .

تساؤلات عدة طرحتها "الرسالة نت" أمام رئيس سلطة البيئة د. يوسف إبراهيم للإجابة عليها ويقول:" الحروب لها تأثيرات على مكونات البيئة حيث ان الدراسات أوضحت أن معظم الاسلحة التي تستخدمها (إسرائيل) حديثة تحتوي على مواد كيميائية ومشعة مما يسبب خطورة على مكونات النظام البيئي".

"

في الحرب السابقة أخذوا عينات من أجسام الشهداء والتربة والمياه وأثبتت المختبرات أن المعادن الموجودة في الصواريخ أكثر من القدر المسموح به دوليا وذلك طبقا لمعايير منظمة الصحة العالمية..

"

وتابع :" الصواريخ (الإسرائيلية) تترك اثارا على الزراعة وبالتالي تحليل المواد الموجودة في الصواريخ تصل إلى الخزان الجوفي مما يؤول إلى تلوث المياه بالمعادن الثقيلة بسبب الدخان الذي يخرج منها " ، موضحا أن القذائف التي يطلقها الاحتلال من البوارج البحرية تؤثر على الثروة المائية والسمكية في قطاع غزة.

ولفت إبراهيم إلى ان (إسرائيل) تستخدم في صناعة صواريخها مخلفات الكترونية كالتراسيستور وغيره من المواد السامة ، مشيرا إلى أن المعادن الثقيلة التي استخدمت ضد الفلسطينيين يقارب عددها 30 عنصرا ساما.

وأوضح أنهم في الحرب السابقة اخذوا عينات من اجسام  وشعر الشهداء وايضا من التربة والمياه حيث أثبتت المختبرات أن المعادن الموجودة في الصواريخ بنسبة كبيرة أكثر مما هو مسموح به دوليا وذلك حسب معايير منظمة الصحة العالمية.

وخلال حرب الثمانية أيام كان واضحا من استهداف (إسرائيل) للأراضي الزراعة والمساحات الفارغة وحول ذلك يعلق رئيس سلطة البيئة: "حينما يقصف الاحتلال يتذرع بأن الارضي فارغوة وتحتها ممرات أو انفاق يستخدمها المقاومون ، لكن حقيقة الامر أنهم يتعمدون قصف البيئة وتعريض الأجيال القادمة لمخاطر تلك المواد الاشعاعية الثقيلة التي تتحلل في التربة ومن ثم إلى جسم الانسان".

وأكد أن خبراء البيئة أثبتوا أن المواد الثقيلة التي استخدمتها (إسرائيل) في صواريخها ضد الغزيين لا تظهر اثارها السلبية بشكل سريع على الإنسان، مشيرا إلى أن مفعولها يبدأ بما لا يقل عن ثلاث سنوات في الوقت الذي ينسى الانسان سبب مرضه.

وأفاد أن عددا من الأطباء الأجانب حينما يأتون غزة يأخذون بعض عينات الشهداء الى بلادهم لاكتشاف خطورة السموم المتواجدة في صواريخ الاحتلال وبعد الفحوصات تدين النتائج (إسرائيل) لانتهاكها حقوق الانسان الغزي ، لافتا إلى أن الاجانب يكتفون بعرض النتائج على الجهات المعنية من الفلسطينيين دون اعلانها عبر وسائل الاعلام كي لا تمنعهم حكوماتهم من المجيء لغزة حفاظا على العلاقات بين حكوماتهم و(إسرائيل) .

ومن الامراض التي تسببها القذائف (الإسرائيلية) ذكر إبراهيم: أمراض الدم والغدد (الدرقية) ومشاكل في الجهاز الهضمي ، إلى جانب التشوهات التي تصيب الاجنة في بطون امهاتهم وكذلك أنواع معينة من السرطانات.

وفيما يتعلق بالأسلحة الحديثة التي استخدمت في الحرب الاخيرة على غزة أوضح أن (إسرائيل) استخدمت متفجرات مكونة من معادن ثقيلة ومواد مشعة ومواد سامة كالألمونيوم والكادميوم والراديوم والرصاص والزرنيخ والتنغستون الذي يمنع لمسه ، مبينا ان عنصر الالومنيوم يسبب ضمور الجهاز العصبي وفقدان الذاكرة وعدم القدرة على الانتباه والارتجاف الحاد .

وعن مادة الزرنيخ بين إبراهيم أنها تعمل على استثارة المعدة وانخفاض انتاج الجسم من خلايا الدم  وتغيرات في الجلد.

وحول عدم وجود مختبرات في قطاع غزة لتحليل المعادن التي تقذف على الفلسطينيين قال :" نقص الاجهزة الحديثة يعود إلى أنها باهظة الثمن لذا بدأنا تشكيل مختبر بيئي لمتابعة ومعالجة قضايا التلوث التي تخلفها صواريخ الاحتلال".

وأضاف :" في حرب الفرقان استعانوا بخبراء اجانب حيث اخذوا عينات من التربة والمياه وذهبوا بها إلى بلادهم لتحليلها وأثبتت أن هناك مواد سامة"، متابعا: في الوقت الحالي نفكر في الاستعانة ببعض الدول العربية لمساعدتنا في تحليل اثار العدوان على غزة من الناحية البيئية.

واعتبر إبراهيم أن كثافة القصف تزيد نسبة التلوث لاسيما القصف الافقي ( مساحة واسعة) وانتشار حجم المقذوفات، مؤكدا في الوقت ذاته ان المواد الناتجة عن الصواريخ تحتاج لوقت للتأثير على الإنسان والنباتات والمياه.

ولفت إلى ان (إسرائيل) " تستهدف في كل حرب الابار ومياه الشرب وشبكات الصرف الصحي ومحطات معالجة المياه لتؤثر على صحة المواطن الفلسطيني ليعيش في بيئة ملوثة.

ونوه إلى أن تركيز (إسرائيل) على ضرب المنطقة الحدودية في رفح يظهر الآثار الخطيرة للحرب لكلا الجانبين المصري والفلسطيني في محاولة لتلويث البيئة .

القذائف الانشطارية

وعلى الصعيد العسكري اعتبر الخبير إبراهيم حبيب أن عدوان (إسرائيل) يتطلب ادانة دولية لما استخدمته من اسلحة محرمة دوليا ، مشيرا إلى ان دولة الاحتلال حينما فشلت في اضعاف المقاومة حاولت ردع المواطنين العزل وبدأت تقتلهم بأسلحة محرمة دوليا .

وقال :" استخدمت (إسرائيل) اسلحة سامة ستظهر نتائجها في السنوات المقبلة من خلال فحص الهواء والتربة والمياه"، مضيفا في حال ثبت تسمم البيئة الغزية سيكون هناك تداعيات خطيرة على الصحة العامة ويتوجب اتخاذ مواقف دولية ومحاسبة (إسرائيل).

وبحسب حبيب فإن الاسلحة التي يمكن استخدامها في الحروب هي التقليدية كالقذائف الصاروخية والدبابات وذلك ضد العسكريين  بالإضافة إلى القذائف الانشطارية في المواقع العسكرية، الا ان (إسرائيل) استخدمت اسلحة محرمة دولية كالغازية والكيماوية والفسفور الابيض والاصفر .

الاتفاقيات الدولية

استهداف (إسرائيل) المواطنين العزل في قطاع غزة وضربهم بالأسلحة الثقيلة يؤكد أنها تضرب بعرض الحائط الاعراف والقوانين الدولية دون اكتراث ، "الرسالة" تحدثت مع المحامي راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان  ليعقب  قانونيا على ما اقترفته دولة الاحتلال من جرائم  ضد الإنسانية ويقول :" غياب المحاسبة الدولية لـ(إسرائيل) بعد عملية الرصاص المصبوب دفعها لإعادة العدوان".

وأوضح أن مليون ومائة ألف مواطن في قطاع غزة كان في مرمى نيران (إسرائيل) حيث استهدفتهم على مدار الثمانية أيام ، لافتا إلى انه لم يكن هناك أي مكان امن في القطاع .

وعن قتل النساء والأطفال ذكر الصوراني أن ما مارسته دولة الكيان يعد أكبر دليل على تعمدها قتل المدنيين الفلسطينيين وتدمير منازلهم ومكاتبهم الصحفية وغير ذلك مشيرا إلى أن (إسرائيل) دوما تعلن قطاع غزة "مختبر" تجري فيه تجارب اسلحتها الحديثة كونها الدولة الثالثة عالميا في تصدير السلاح.

وأكد من خلال متابعة مركزة لحالات الشهداء والجرحى أن (إسرائيل) استخدمت أسلحة جديدة مثل الزنانة وطائرات الـ F 16   ، إلى جانب الزوارق البحرية وكذلك المدفعية والدبابات بريا ، لافتا إلى أن استخدام الاسلحة السابقة لمدة ثمانية أيام في قطاع غزة الأكثر اكتظاظا على مستوى العالم يعد جريمة حرب.

ونوه  الصوراني إلى ان الطائرات الحربية احيانا كانت تستخدم اسلحة ليست بالضرورة محرمة دوليا لكن قذفها في الأماكن المدنية يعتبر أمرا غير مقبول كاستخدام قنابل بوزن طن ، مبينا أن القانون الدولي واضح في تجريم ما مارسته (إسرائيل) لذا دعا حقوقيو غزة خبراء عسكريين لفحص بعض الأسلحة غير القانونية .

وعن الاتفاقيات الدولية لتحديد نوع الأسلحة التي يمكن استخدامها في الحروب قال مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان:" لا يوجد بين الطرفين الفلسطيني و(الإسرائيلي) أية معاهدات فيما يتعلق بتحديد نوعية الأسلحة لوجود معاهدات دولية ليست بحاجة لاتفاقيات ثنائية بين الدول "، متابعا : قوانين الحروب تنظم المعارك وتحدد نوعية الأسلحة التي يتوجب استخدامها .

وفيما يتعلق بعدم معاقبة (إسرائيل) دوليا بسبب جرائمها المتكررة ضد الفلسطينيين ذكر الصوراني أن الامر ليس مرتبطا بالقوانين بل بغياب الارادة السياسية لدى الدول لاسيما امريكا وأوروبا الذين يتجهون لتوفير الحصانة للاحتلال.

وفي ظل التهاون الدولي ستبقى (إسرائيل) متخذة من المواطنين الغزيين بنكا استراتيجيا لأهدافها تفرغ فيه شراسة أسلحتها الفتاكة لغياب أية عقوبة دولية تردعها ، مما يحول البيئة إلى حقل تجارب من شأنه بث المواد  السامة الباعثة على الأمراض.

 

البث المباشر