الضفة الغربية – الرسالة
بالحزن والفرح معا، استقبلت مساجد الضفة الغربية الفلسطينية حلول شهر رمضان المبارك لهذا العام، فرح بشهر الصيام والانتصارات والفتوحات العظيمة، شهر الطاعة والغفران والرحمة والإحسان، وحزن وغصة عظيمة لفراغ المساجد من روادها والمصلين فيها وأئمة التراويح الموزعين بين سجون الاحتلال وأجهزة أمن عباس.
أئمة ومصلون معتقلون
وتعيش الضفة الغربية المحتلة ظروفا أمنية بالغة التعقيد يتلاقى فيها الجهد الأمني للاحتلال مع جهد أجهزة أمن السلطة التابعة لمحمود عباس في استهداف عناصر ونشطاء حركة حماس ومن بينهم رواد المساجد وحفظة القرآن الكريم ومدرسو أحكام التجويد والتفسير الذين يتغيب أغلبهم الآن عن مساجد الضفة الغربية وهم يتوزعون في سجون أجهزة عباس، بل إن أحد المساجد في مدينة جنين المحتلة يفتقد اليوم الأئمة المتطوعين الشبان الثلاثة الذين اعتادوا على التناوب بالصلاة بالناس لعشرين ركعة خلال أيام شهر رمضان.
دروس ومواعظ ممنوعة
غياب الأئمة ورواد المساجد هو أكثر ما يضفي أجواء الحزن على مساجد الضفة في الشهر الفضيل، لكن هناك عوامل أخرى تزيد من حزن الناس والمصلين في المساجد التي تعاني أيضا تضييقات كبيرة ذات طابع أمني على الدروس والمواعظ التي عادة ما يقوم بتقديمها مشايخ من فئة الشباب وطلبة العلم الشرعي المعروفين في مناطقهم، وهذه جميعها ظواهر اختفت تحت وطأة الضغط الأمني على المحاضرات والدروس والندوات الدينية وحظرت تحت عنوان محاربة التحريض، في ظل غياب واضح للخطب الدينية الجامعة والتي تنعش حياة النفوس في رمضان، حيث يتم إعداد خطب الجمع والمناسبات للأئمة والخطباء من قبل وزارة الأوقاف التي توزع الخطب المختلفة على الأئمة في مختلف مواقعهم قاتلة الإبداع وقدرة الخطيب على خلق لغة إقناع وتواصل خاصة بينه وبين الناس.
لا إفطارات جماعية
كما تغيب عن مساجد الضفة الغربية في الشهر الكريم فرص التواصل الاجتماعي الجميل بين الناس من خلال الإفطارات الجماعية التي حظرتها حكومة فياض وعدت العمل عليها مخالفة باعتبارها تجمع الناس وتوحدهم على ثقافة المسجد.
وتحت عنوان منع فعاليات التحريض غابت عن مساجد الضفة الغربية لافتات التهاني والتبريك ورايات التوحيد التي عادة ما كانت تزين المساجد بها في رمضان، كما اختفت فعاليات كثيرة أخرى ومن ضمنها المسابقات الرمضانية المسجدية والمطبوعات والنشرات الدينية والتثقيفية.
مساجد مغلقة بعد الصلوات
وتعرض أصحاب العزيمة من رجال قيام الليل لضربة قاسية بعد منع حكومة فياض للقيام الليلي الطويل عن طريق إصدار وزارة الأوقاف مراسيم يمنع بموجبها فتح المساجد بعد صلاة التراويح، وهو ما منع الكثير من الشبان من أداء صلاة قيام الليل والتهجد الطويل الذي اعتادوا عليه.
وهكذا تسير أيام رمضان في الضفة الغربية نحو افتقاد روح العبادة المميزة وتغيب عنها الفعاليات الروحية التي طالما أحيت قلوبا وهدتها لطريق الإيمان.