قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: قصة فشل

كنعان عبيد

لا يفهم من مقالي إن تحدثنا عن محطات فشل أننا ننكر الفضل لأهله ولكنها تذكرة بين يدي تقييم الذات للاستدراك وليست للشماتة، تلك قصتنا الصغيرة بعيدة عن السياسة واعلان الدولة ومناكفات انتخابات الضفة الغربية عربون المصالحة من عباس، قصتنا في دوار الشيخ رضوان آخر شارع الجلاء مشتت دمُها بين دوائر الحكومة والبلديات، ولا يعني الحديث عنها انها وحيدة من نوعها وفريدة عصرها، ولكنها نالت ملاحظات يومية من صاحب المقال الذي فشل أن يكون سائق جرافة يغير بيده لا بمقاله حين أبلغ عن القصة اصحاب الامر وهدد بالمقال منذ اكثر من عام، ولكلٍ قصة فشل يرويها ان لم يمنعها مقص الرقيب بعد مقالي.

وبصراحة، الكاتب لا يمكن ان يدعي أن القصة من ملفات مآسي الحصار او ضحايا الاستنكاف او جرائم الحرب او المؤامرات او كل ما يخطر على بالك سوى ان تلك البؤرة ليست من اولويات اصحاب القرار لحلها وليست من تلك التي يستلزم لها مؤتمر صحفي وحفلة زفاف أو افتتاح ولقاء بطولة على فضائية الاقصى لأصحاب المعالي والسعادة وربما تستحقر الصحف الحديث عنها، علما بان الدوار والشارع من اكبر المنظرين وذوا لسان سليط ضد الحكومة والبلديات وسفيران سيئا الصيت.

ربما تشوق القارئ كي ابلغه ان مأساة الدوار في كون نصفه الشمالي جبالي والجنوبي غزاوي وانه يكاد يكون لكل سيارة حفرة عن اليمين والشمال، وان الحفر مقسوم عليها الا تذوق طعم الاسفلت، رغم ان البلديات رصفت عشرات الطرق بالاسفلت، وان الدوار أخذ عهدا من كل السيارات لتقف طوابير تلقي عليه تحية الدوار العظيم، وله تصميم يقسم اهل العلم في الطرق والمواصلات وعلم المطبات والحفر انه دوار الضرار وانه أذى على الطريق وجب ازالته.

وليس بعيدا عن القصة شرطة المرور تراقب المشهد بعين المراقب مثل دولتنا المراقبة حين تمتلئ الشوارع وتنزعج البلد بمزامير منتظري الفرج وتلعن الحكومة الف لعنة منتظرة ان ينهي الشرطي مكالمته او قصته مع زميله وربما ينتهي من تسبيحه أو حساب مرتبه بالدولار وان شئت فقل لعله يحب الحريات فيعطي كل سيارة الحرية ان تفعل ما تشاء فقد سئمت السيارات دكتاتوريات اشارات المرور.

ولا يخفى على ذي بصيرة شلالات المياه والمجاري المنسابة بنكهات الدم والفلافل والسمك مخلوطة بمجاري صرف صحي ومنها كل شئ غير المياه الصالحة للشرب في الشيخ رضوان،

ولا يغيب عن الناظر ان كارات الحمير صديقة البيئة من بقايا حرب التكتك مع الحمير تحتجز ركنا ثابتا من الجهة الغربية للشارع ربما تذكر وفود التضامن بمأساة أزمة الحصار والأدوية والوقود. ولا تنتهي قصتنا عند من يبيعون السجائر للاطفال رغم قرار الحكومة بمنع بيعها في بسطات متنقلة تنذر بمشاريع ميلاد تجار مخدرات، ولكن ربما يكون دوارنا منطقة حدودية حرة مثل فيلم الحدود لدريد لحام فلا نعرف من الفاشل فربما يكون المقال على حكم من يقول "إبعِد عن الشر وغنِّي له".

البث المباشر