قائد الطوفان قائد الطوفان

"إسرائيل" وأمريكيا تبحثان عن مخرج لازمة الاستيطان

باسم عبد الله ابو عطايا

بعد شد وجذب ورفض إسرائيلي لمطالب الولايات المتحدة بتجميد الاستيطان ، للسير قدما في عملية السلام  مع الجانب الفلسطيني ، شعر رئيس دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو انه لابد من إيجاد مخرج من ورطة الإصرار على القول لا لتجميد الاستيطان ، وأدرك أن إحراج رجل البيت الأبيض الرئيس الأسود اوباما ليس من مصلحته، فقرر البحث عن حلول بديلة للتمسك بالموقف الإسرائيلي بما يتماشى مع المشروع الصهيوني أولا والابتعاد عن التعنت في وجه المطلب الأمريكي ، فكانت فكرة "التجميد المؤقت للاستيطان مقابل خطوات عربية".

نتنياهو أوعز إلى وزير حربه أيهود باراك الأكثر قبولا لدى الإدارة الأمريكية بحمل هذا الاقتراح إلى واشنطن  . وعلى ما يبدو أن هذا الاقتراح وجد قبولا لدى تلك الإدارة للخروج من مأزق الإصرار على وقف الاستيطان وكان هذا واضحا من التصريحات التي عقبت لقاء بارك بالمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشيل ، و عكس البيان المشترك الذي صدر في ختام الاجتماع أجواء تصالحية. بل وأبلغ ميتشيل ايهود باراك قبل دقائق من إقلاع طائرته أن الرئيس أوباما عبر عن رضاه عن المباحثات.

** سلام .. واستيطان

يبدو أن تغيرا في الموقف الأمريكي بدأ يطفو على السطح بعد الاصطدام بالموقف الإسرائيلي الرافض للحديث عن أي وقف للاستيطان في المرحلة الحالية، فاللهجة التصالحية بين الطرفين بدأت أكثر وضوحا وهى الغالبة على حالة التوتر التى كانت سائدة قبل أسبوع وخاصة بعد أن اضطر ميتشيل لإلغاء لقاء كان مقرر بينه وبين بنيامين نتنياهو لكن باراك استطاع أن يقنع ميتشيل بان الاستيطان ليس عقبة فى طريق السلام.

 فقد عنونت صحيفة "معاريف" ، الخبر الرئيسي بقول باراك لميتشيل: في ولايتي في رئاسة الحكومة ذهبنا أبعد ما يكون باتجاه السلام بدون وقف البناء في المستوطنات". وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن البناء في المستوطنات.

  وفي السياق ذاته كتبت الصحيفة أن باراك قد قال لميتشيل إنه لا يوجد أي علاقة بين البناء الاستيطاني في الضفة الغربية وبين السلام. وذلك استنادا لحقيقة أنه عندما أشغل منصب رئيس الحكومة لم يتوقف البناء في المستوطنات. كما أشارت الصحيفة إلى أن باراك لم يقترح تجميدا مؤقتا للبناء، وأن إسرائيل والولايات المتحدة تقتربان من التوصل إلى اتفاق.

هذا الموقف المتناغم بين كل من نتنياهو وباراك  أكدته صحيفة يدعوت احرنوت التى نقلت أقوال نتنياهو خلال اجتماعه مع 27 سفيرا أجنبيا الأسبوع الماضي وجاء فيها " إسرائيليون كثيرون على استعداد لتقديم تنازلات كثيرة لفلسطينيين، ولكنهم لشيء واحد هم غير مستعدين: أن يكونوا بلهاء. لهذا، إذا كان أحد ما يريد أن أجمد الاستيطان، فإنني أتوقع أن يقدم الفلسطينيون المقابل".

وحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد عبر باراك خلال محادثاته في واشنطن عن استعداد إسرائيل للنظر في تجميد مؤقت للبناء في المستوطنات، شريطة أن يتوازى ذلك مع خطوات تطبيع من قبل الدول العربية تجاه إسرائيل. كما عرض باراك سلسلة من الشروط على الفلسطينيين.

 وقال: إسرائيل تتوقع خطوات مقابلة من الفلسطينيين، من بينها تعهد بتجديد المفاوضات حول التسوية الدائمة، مع التعبير عن استعدادهم للاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وبتعهد بأن تفضي المفاوضات إلى «نهاية النزاع»، ونهاية كافة مطالب الفلسطينيين من إسرائيل. كما عرض طلبا آخر وهو أن تفضي المفاوضات إلى إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح.

وفي مقابلة مع محطة تلفزيون "فوكس نيوز" قال باراك إن تجميد البناء "جزء من قضية اوسع كثيرا (هي) ما اذا كنا سويا مع الولايات المتحدة وجيراننا الفلسطينيين والعرب يمكننا اطلاق مبادرة سلام اصيلة يقودها رئيس الولايات المتحدة."

وأضاف باراك: "بالطبع ستكون هناك مناقشة بشأن الاحتمال الخاص بما اذا كان سيتم اطلاق مبادرة سلام كبرى فربما نفكر في نوع من التجميد الفعال لاي مبان جديدة لفترة زمنية محدودة."

** نعم ولكن

هذا الشروط التعجيزية التي وضعتها إسرائيل إنما تدلل على ألا نية لديها في وقف الاستيطان ولا تريد أن تعطى شيئا إلا بعد ان تحصل على كل ما تريد ، وهى تدرك جيدا إن مثل هذه المطالب لا يمكن تلبيتها أو على الأقل تلبية غالبيتها.

الإدارة الأمريكية حاولت أن تتماشى إلى حدا ما مع الموقف الإسرائيلي ولم ترفض هذا الطرح بل حاولت أن تلتقطه وتسير بنفس اتجاه المركب الإسرائيلي وبدلا من ممارسة الضغط على نتنياهو وحكومته حولت دفة الضغط على الدول العربية وعلى ما يبدو أنها وكالعادة نجحت في الحصول على نتائج من هذا الضغط فقد اخبر ميتشيل ايهود باراك بان  الولايات المتحدة، ومقابل تجميد البناء في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، تقترح تمكين الطائرات الإسرائيلية من التحليق فوق الدول العربية. وأنها تتعهد بأن تقوم دول عربية بالسماح للطائرات بالتحليق فوق أجوائها، ما يعني تقصير الرحلات إلى الشرق الأقصى بثلاث ساعات وهبوط أسعار الرحلات الجوية. كما تضيف أن عددا من دول الخليج وشمال أفريقيا سوف توافق على إعادة فتح مكاتب المصالح التجارية الإسرائيلية.

وكتبت صحيفة يدعوت  في تفاصيل النبأ أن الإدارة الأمريكية حصلت على موافقة دول عربية على تحليق الطيران الإسرائيلي فوق أراضيها مقابل تجميد أعمال البناء في المستوطنات،

وعلاوة على ذلك، تضيف الصحيفة، إنه في مقابل هذا فإن إسرائيل سوف تتمكن من إعادة فتح مكاتبها التجارية التي كانت تعمل في الماضي في شمال أفريقيا وفي دول الخليج، والتي اضطرت إلى إغلاقها في السنوات الأخيرة. يذكر أن مثل هذه المكاتب كانت موجودة في المغرب وتونس وعمان وقطر.

وتابعت الصحيفة أن إسرائيل قد أبلغت صراحة بأن الإدارة الأمريكية قد حصلت من دول عربية معينة على تعهدات أولى لتنفيذ هذه المقترحات، كخطوات أولى في إطار التسوية السياسية الشاملة. كما جاء أن المصادر الأمريكية قد صرحت بأن الولايات المتحدة لا تنوي عرض هذه المقترحات بشكل رسمي طالما لم تتخذ إسرائيل خطوات عملية لتجميد البناء في المستوطنات.

** مزيد من الاستيطان

فى الوقت الذى كان ايهود باراك يلتقي بميتشيل كان العمل فى اسرائيل يجرى على قدم وساق فى ابتلاع مزيد من الأراضي والتى تجعل من حلم قيام دولة فلسطينية ضربا من الخيال فقد ذكرت صحيفة هارتس ان  إسرائيل تنوى  الإعلان عن حوالي 2% من أراضي الضفة الغربية كأراضي (دولة) لإسرائيل.

وعلق النظام الأمني الإسرائيلي على هذه الأخبار: "الحديث يدور عن أراض في منطقة البحر الميت ومحيطها, وهدف الإعلان جاء لمنع السيطرة عليها من عناصر خاصة أو تجارية".

وفي غضون تناقل وسائل الإعلام لهذه الأخبار صرح مكتب المسئول عن تسجيل الأراضي في "معاليه ادوميم" التابعة للإدارة المدنية, أن المسئول عن أملاك الدولة قدم طلبا لمكتب تسجيل الأراضي لتسجيل عقارات لم تسجل من قبل بأنها أراضي (دولة).

وحسبما ذكرت المصادر الإعلامية أن مساحة الأراضي المقصودة هي حوالي 138500 دونم من الأرض.

وأضاف مكتب تسجيل الأراضي أن كل من يدعي الملكية لهذه الأراضي عليه أن يقدم الدليل أمام الإدارة المدنية حتى مدة أقصاها 45 عاما.

وهذا يؤكد أن إسرائيل لا زالت تعمل  على  مصادرة الأراضي الفلسطينية وإقامة مستوطنات إضافية.

وادعى مصدر امني إسرائيلي "أن المناطق التي أعلن عنها في الأخبار التي نشرت موجودة حول البحر الميت والحديث يدور عن أراض كشفت بفعل تراجع مياه البحر عنها, مضيفاً أنه مهم  أن يعلن عنها أراضي (دولة) خوفاً من الاستيلاء عليها من أية جهات أخرى". 

هكذا أصبح واضحا أن لعبة شد حبل تدور بين واشنطن وتل أبيب وان الحديث عن وقف الاستيطان هو للاستهلاك الإعلامي فقط والوقائع على الأرض تثبت أن ما يقال شيء وما يحدث شيئ آخر وان المراهنة على الموقف الأمريكي والمراهنة على الخلاف الأمريكي الإسرائيلي ما هو إلا حلم الضعفاء وحتى نستفيق من هذا الحلم سيكون الحديث عن أراضي فلسطينية لإقامة الدولة المزعومة عليها مسألة تدعو للسخرية ومسرحية هزلية لابد لها من نهاية عاجلة .

 

البث المباشر