الداعية د.السراج من الطب إلى الدعوة

الداعية د.حازم السراج
الداعية د.حازم السراج

غزة - مها شهوان

بهيبة رجال الدين ووقارهم يطل الداعية د. حازم السراح من خلف مكتبه الخشبي المتواضع لينصت إلى مشاكل المواطنين وقضاياهم المختلفة أيا كانت "اخلاقية أو خلافات عائلية أو مادية" وغيرها ثم يحاول مساعدتهم قدر الامكان.

الوصول إلى مكتبه ليس صعبا رغم عدم وجود "يافطة" لتحمل اسمه.. صوت القرءان الكريم يجذبك إليه فبمجرد أن تطرق الباب يفتح لك فتسرد معاناتك لتجد حلا شافيا لها.

خلال تواجد "الرسالة" جاء رجل في أواخر العشرينيات للحصول على مساعدة من أجل عيني زوجته وبعدما ظفر بنصيبه قبل رأس شيخنا ومضى، وقتئذ حاولنا استراق دقائق من وقت الداعية السراج للحديث عن مشواره الدعوي الذي بدأه في إسبانيا وهو في مقتبل شبابه.

  اسبانيا والاسلام

الحديث في حضرة السراج كان له رونق مختلف فهو يتسم بالرزينة والهدوء في حديثه المقنع الذي اعتاد عليه كل من قرع بابه لإيجاد حلول لمشكلاته أو من جلس ينصت في المساجد والمراكز لندواته لاسيما لأسلوبه الشيق البسيط في طرح القضايا كافة.

ترعرع السراج في حي الرمال بمدينة غزة لعائلة متوسطة الحال كمعظم اهالي القطاع آنذاك، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الكرمل على يد الشهيد الشيخ احمد ياسين ليزرع بقلبه وبقية الزملاء حب الصلاة والتدين ومعرفة الله.

ويقول السراج: "نشأتي مع الشيخ ياسين استمرت ست سنوات وجعلتني متفوقا وبعيدا عن تصرفات الشباب الطائشة"، مضيفا: حينما جاء اليهود الى غزة باتت تظهر الحركات التحررية وأصبح هناك فتور بالدين الذي لم يكن يدرس في المدارس الاعدادية والثانوية".

بعدما أنهى ضيفنا دراسته الثانوية ذهب إلى إسبانيا لاستكمال دراسته حيث التحق بكلية طب العيون وتميز فيها وهناك كانت بدايته الحقيقية في التعرف على الاسلام عن كثب.

ورغم مغريات الحياة فان شيخنا الجليل لم تجرفه الشهوات، وتعرف على شباب من مختلف البلاد العربية لاسيما سوريا والمغرب وكان لهم بصمة مميزة في حياته.

ابتسامة علت محيا شيخنا حينما بدأ يسترجع ذكرياته ويقول: "حينما تعرفت على الشباب العربي في اسبانيا كنت اتردد على المؤتمرات الاسلامية واقابل شخصيات كبيرة الامر الذي كان يدفعني دوما للمقارنة بين واقعنا وبين حضارة اجدادنا".

وبين السراج انه حينما ذهب إلى اسبانيا كان صغير السن وكان يتوجب عليه السير اما في طريق النسيان والغفوة أو البقاء مع الشباب العربي المسلم الذي تعرف عليه في البداية".

وروى أن حياته في اسبانيا  كانت محصورة بين الدراسة والدين والعمل فقد تحمل مسؤولية رئاسة المركز الاسلامي وامانة سره آنذاك ، بالإضافة إلى أنه كان ضمن الممثلين الشرعيين لدى وزارة العدل عن الجالية الاسلامية وتعليم الدين الاسلامي في المدارس لاسيما بعدما غدت اسبانيا لا دينية وسمحت لكل جالية أن يمثلها رجال دين.

تجربة الاحتكاك بمسلمين من مختلف الجنسيات تشعر الانسان المسلم بعظمة وعزة الاسلام كما حدث مع شيخنا السراج فهو التقى بشخصيات اسلامية عالمية ثرية -حسب وصفه- لاسيما وأن الاستماع إلى وجهات نظرهم عمل على صقل شخصيته، بالإضافة إلى أن احتكاكه بهم وتعرفه على أخلاقهم عن قرب كان يشعره وكأنه يعيش في مكة المكرمة وفق قوله.

ومن هذه الشخصيات الشيخ خورشيد أحمد والشيخ يوسف القرضاوي والمفكر الإسلامي محمد قطب والشيخ محمد الغزالي والشيخ ابو بكر الجزائري وغيرهم.

اعتناق الاسلام

كان السراج وهو يسترجع ذكرياته كمن يقلب في كتاب حياته المليء بالمغامرات والاحداث الجميلة رغم المعيقات التي كانت تعترض طريقه.

وفي حكاية رواها السراج لإسباني شغل منصب سكرتير حزب "الفضاويون"، كان يمارس كل ما يروق له بعيدا عن الدين، لكنه قرر في النهاية اعتناق الاسلام وتسمية نفسه عبد الرحمن.

واوضح السراج في تفاصيل الحكاية ان الاسباني مل حياته وقرر الانتحار حيث ربط حبل حول عنقه ووقف على صخرة عالية. في تلك الاثناء جاءه صديقه وعرض عليه الذهاب الى المغرب لإشباع غرائزهم ومن ثم يعود ويفعل ما يشاء فوافق وذهب برفقته، لكن حدث ما لم يكن متوقعا فقط عشق صوت الاذان والنور الذي يخرج من قباب المساجد الخضراء، مشيرا الى ان هذا دفعه للتعرف على دين الاسلام.

بعد عودة "الاسباني" من المغرب توجه الى السراج ليروي له ما حصل ويعرفه على الدين الاسلامي حتى اعلن اسلامه هو وزوجته وباتا اشد حرصا على اداء الصلوات لاسيما قيام الليل وقراءة القرءان.

ويذكر ضيفنا الداعية أنه وزملاءه كانوا يشعرون بحلاوة العطاء والالتزام والعظمة حينما يدخل الاسلام شباب على أيديهم.

ولزواج ضيفنا السراج حكاية اخرى، فهو عاد الى غزة في عمر الثلاثين للارتباط بفتاة محجبة رغم ان حي الرمال حيث يسكن ذووه لم يكن فيه سوى ثلاث محجبات، مشيرا الى انه اختار منهن واحدة وانجبت له اربع بنات وولدا احسنت تربيتهم وتعليمهم.

واوضح انه رغب في الزواج بعد التقائه بالداعية عصام العطار حينما كان مريضا في المانيا وزوجته بنان طنطاوي تعامله معاملة إسلامية وقتئذ تمنى زوجة تسانده كبنان.

الجهل في الدين

كثر هم الدعاة في أيامنا هذه الا ان القليل منهم من يقنعنا بأسلوبه لاسيما وان بعضا منهم يلجأ الى اسلوب التهديد والوعيد في الاخرة ما ينفر المستمعين ، بينما شيخنا السراج بعرضه الشيق يجذب الكثيرين حوله.

وعن اسلوبه الذي ينتهجه في خطبه الدينية قال بنبرة صوت رزينة :"لابد من احترام كينونة الانسان لذا أحاول الدخول الى قلوب الناس لأشعرهم بقوتهم وأنه مهما كبرت المشكلات يمكن أن تصغر".

حينما يصعد الداعية السراج إلى منبر المسجد يقلب في وجوه المصلين -حسب قوله- ويرى حجم المشكلات التي يمرون بها ، لذا فهو يحاول انتقاء كلماته للتخفيف عنهم واسماعهم كلمة "الدنيا فيها خير" ، موضحا أنه لا يقبل تحميل المصلين هموم العالم بل يدعوهم لتحمل مسئولية انفسهم .

وعن منهجه في علاج المشكلات ذكر انه يحاول ايجاد البدائل أو تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين ، لافتا إلى أنه في بعض الاحيان يواجه مشكلات فيها الكثير من الوقاحة كفتاة تعرض نفسها على شاب.

كثيرة هي المشكلات التي يعاني منها كما يوضح السراج فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك قضايا تتعلق بالجهل في الامور الدينية كالميراث ،وقضايا الشرف كزنا المحارم وكذلك المشكلات التي يجلبها الانترنت ، بالإضافة الى القضايا المالية كالمساعدات.

ومن ضمن القصص التي وصلت اليه حكاية عائلة اعتبرت ابن الجيران بمثابة ابن لها وسمحت له بالدخول عليهم دون استئذان لثقتهم به الا أنه استغل ذلك واغتصب ابنتهم في غيابهم، وعلى اثر ذلك اصيب الوالد فور علمه بجلطة دماغية جعلت الابنة تتزوج الشاب رغما عن ارادتها.

ونصح السراج الاهالي أن يتخذوا أولادهم أصدقاء لهم بدلا من أن يلجئوا لرفقاء السوء وكذلك تشجيعهم على فتح باب الخصوصية ، داعيا الى ترغيب الابناء في الدين بعيدا عن الترهيب.

هكذا عزيزي القارئ ابحرنا برفقتك مع عالم رجل تميز في مجال الدعوة لننقل لكم جانبا منيرا في حياته علها تكون لك دافعا في التفكير بعظمة ديننا الاسلامي.

البث المباشر