قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: النفخ في المستقلين

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

ما أن بدأ الحديث عن انتخابات تشريعية أو مجلس وطني حتى تبارى البعض نحو توزيع توجهات الجمهور الفلسطيني تجاه القوى والفصائل الفلسطينية وميل هذا الجمهور لها، وإمكانيات الفوز وأسباب الفشل أو النجاح، متناسين أن الرأي العام ظاهرة غير مستقرة ومتغيرة بسرعة كبيرة ومتأثرة بالحدث الأقرب والذي يشكل عامل دفع للرأي العام تجاه جهة الحدث ومن يقف خلفها.

الغريب في الحديث هو محاولة البعض النفخ في قربة المستقلين واعتبارهم الجهة الأوفر حظا في أي انتخابات قادمة، واعتقد أن هذا مجاف للحقيقة؛ فالمستقلون ليسوا الجهة الأكثر ثقة لدى الجمهور الفلسطيني الأكثر ميلا تجاه القوى والفصائل والأحزاب، وإذا أصاب هذه القوى بعض الخلل أو التراجع، فالمستقلون لا قواعد ثابتة أو قوية يمكن لهم يمكن أن يتكئوا عليها، وهم بنيان هش ومصاب بأمراض شتى، ولا ادري على أي أساس يتم النفخ في جسم مليء بالثقوب وهو كالثوب البالي الذي لن ينفع معه رتق.

المستقلون من وجهة نظري هم من فئة أصحاب المصالح، وهم خليط من أصحاب التوجهات السياسية الرخوة وغير المنضبطة بمعايير، إضافة إلى أن واقع الشعب الفلسطيني في هذه الفترة الزمنية لا يقبل بالمستقلين وسيلة لتحقيق الأهداف والمصالح العليا للشعب الفلسطيني، الذي يعيش حالة تحرر وحالة التحرر بحاجة إلى من يملك أدوات التحرير، والمستقلون لا يملكون هذه الأدوات لذلك لن يكون لهم من وجهة نظر المواطنين دور حتى لو كان موقف الجمهور تجاه القوى والفصائل قد أصيب بخيبات كبيرة؛ ولكن سيكون الاختيار لها وفق برامجها التي تعتمد على أدوات تحقق مصالح وحقوق الفلسطينيين، والمستقلون لا يملكون هذه البرامج وفاقد الشيء لا يعطيه.

وهنا أضرب مثالا بكبير المستقلين، وكبير الرأسماليين في فلسطين ألم يستقبل كبير المستوطنين الرأسماليين (رامي ليفي) في بيته وهو صاحب أكبر مؤسسة في الكيان الصهيوني لتسويق منتجات المستوطنات سواء في الداخل أو الخارج، من يكون على هذه الشاكلة هل يملك مشروع تحرير أو أدوات تمكنه من تحقيق مصالح وحقوق الفلسطينيين وعلى رأسها التحرير؟.

قد يكون هذا المستقل يملك مالا؛ ولكنه مال ليس للشعب الفلسطيني؛ بل هو مال شخصي، وإن أنفقه فمن أجل تحقيق مصالح خاصة وان أصاب به العام، وعادة تظهر ظاهرة المستقلين في أي مجتمع مستقر ونظم سياسية كاملة التشكيل، لسنا دولة ذات كينونة مستقلة نحن ارض محتلة بحاجة إلى برنامج تحرير ومن يملك هذا البرنامج هو من سيقنع الناخب الفلسطيني، وقد يخفق صاحب البرنامج في مرحلة من المراحل، ولكن يبقى برنامج التحرير هو البرنامج الأفضل والأنجع وسيأتي اليوم الذي يؤتي فيه ثمارا ويتم من خلاله التحرير وإقامة الدولة وهي معادلة كونية، وعندها تكون ظاهرة المستقلين ظاهرة يمكن أن يعتد بها ويكون لها حظوة في الشارع الفلسطيني.

المستقلون لا يشكلون حالة إجماع، ولم يقدموا شيئا للشعب والقضية حتى وإن أخفقت القوى في تحقيق مطالب الجمهور، لذلك النفخ في المستقلين مضيعة للوقت وحديث في غير مكانه وعلينا ألا نمارس التحريض الخفي ونعمل على شيطنة القوى الفلسطينية ونظهر عوراتها وكأنها كلها أخطاء وتجنب الحديث عن ايجابيات قامت بها سواء اتفقنا معها أو اختلفنا، فلا يوجد في السياسة والمقاومة والتحرير نجاح مائة بالمائة، كما أنه لا يوجد فشل مائة بالمائة ويستمر العمل حتى تتحقق الأهداف.

في الختام صحيح يوجد لدينا مستقلون؛ ولكن نحن شعب في غالبه مؤطر، والمستقلون من وجهة نظر الجمهور نفعيون، ولا يحملون برنامجا، وان هذا ليس زمانهم، ولكن بعد التحرير وإقامة الدولة سيكون هناك متسع لهم، وأنصح ألا نضيع الوقت وأن نعمل على الدفع نحو انتخاب الأنفع للشعب والقضية، والعمل على أن يكون هناك تقيم موضوعي للجميع وأن نميل حيث وجدت مصلحة الوطن.

 

البث المباشر