يعرف المتفقهون في اللغة كلمة أوسط ليس بأنها ما يقع بين اثنين او مجموعة من الاشياء وانما الأعدل والأحسن، وان وصف الاسلام أمة الاسلام بالوسطية بينما هو الدين الخاتم والامة التي تحمل آخر الرسالات فذلك لأنها امة العدل والحكمة والسماحة في الفكر والممارسة والسلوك.
وقد تعلمنا في صغرنا ان المتقدم على الصف في الصلاة كالمتأخر عنه كلاهما مذموم، وقد جعل الامام البنا رحمه الله الفهم الاول من أركان دعوته لان الفهم الصحيح لطبيعة الاسلام هي التي تقود بالضرورة الى تصويب السلوك والممارسة بعيدا عن المغالاة.
ثم ان تحديد طبيعة المجتمع الذي نعيشه كذلك أحد اهم الخصائص والعوامل التي نحدد من خلالها طبيعة التعامل مع هذا المجتمع، وهناك فرق كبير بين مجتمع مسلم محافظ في مختلف جوانبه مع مجتمعات اخرى طالتها امراض اصابت فطرتها السليمة وبنيتها، بفعل عوامل من التغريب حما الله مجتمعنا الفلسطيني منها فحافظ على اصوله الاسلامية حتى وان شابه بعض الخدوش التي لا تؤثر على الصورة الكلية والطبيعة العامة لهذا المجتمع.
ومن هنا فإن بعض الممارسات التي تعتقد ان الاجبار والاكراه يمكن ان يشكلا وسيلة مريحة لفرض ضوابط سلوكية انما هو نوع من التنطع ويشكل عملية مصادرة للإرادة الحرة ويخلق نوعا من العبودية الاجبارية التي قد تؤدي الى نتائج معاكسة للأهداف التي من اجلها اتخذت هذه الممارسات والتي قد تكون اتخذت بنوايا حسنة ولكن النية وحدها لا تكفي للحكم بصلاح وايجابية السلوك والممارسة.
قد لا نختلف بضرورة الالتزام بالأوامر والنواهي التي جاء بها الاسلام بل وحث الناس على الالتزام بها ولكن الاهتمام بالشكل دون المضمون اخطر بكثير من التغاضي عن بعض السلوكيات التي تتغير ايجابا مع مرور الزمن، وان استبدال القهر الانساني بديلا عن العمل الدعوي هو عنوان فشل وليس عنوان نجاح، لاننا امرنا بادخال الناس الجنة وليس اخراجهم منها، وعندما تنبع الطاعة من الانسان اقتناعا فإنها طريق له الى الجنة وعندما يمارسها نفاقا تكون طريقه الى جهنم حتى وان ارضى بها اهل الارض وشهدوا له بها.
لقد حمل المسلمون الاوائل الاسلام في قلوبهم فانتصروا به وكان الواحد منهم يحمل كلمات قليلة من الاسلام يعود واهله مسلمين ولم يكرهوا عليه بالسيف وعندما استخدم السيف لحمل الناس على بعض السلوكيات انفضوا عنها لما رفع السيف عن رؤوسهم، ونحن بحاجة الى من يحمل معنا الاسلام فننتصر وليس ان نحمله على الاسلام فيهزمنا.