أم حسونة على بساطتها لديها طموح وأحلام كبيرة, فهي ترى في ابنها الوحيد الذي خرجت به من الدنيا مشروع المستقبل وأملها في الرزق الوفير.
ولم يخذل حسونة أمه، وتفوق في دراسته، وبقي على تخرجه في الجامعة ساعات قليلة, لهذا كثفت الأم دعواتها وتضرعها إلى الله أن "يناولها اللي في بالها".
أم حسونة لها دعاء "مفصل" خصيصا لابنها النجيب, وقبل أن تعتمد صيغة دعائها الذي تترنم به كل صباح أجرت ما يشبه المسح الإحصائي حول أهم الوظائف في البلد, فتتبعت أخبار أصحاب المناصب الرفيعة والمقامات العالية, لذلك أصبحت لديها خريطة طريق تأمل أن يسلكها حسونة لينال السعد في الدينا, وتصبح "أم السعد" لا "أم حسونة الغلبانة" فقط.
بداية دعاء أم حسونة ورجائها لابنها ديباجةٌ ورثتها عن أمها تحصن فيها ولدها من الحسد تقول فيها: "النبي ارقي واسترقي، من كل عين زرقا، ارقيك واسترقيك من عين اللي ما يضرك ولا يأذيك، عين الضيف فيها سيف، عين الحسود فيها عود، عين المرة فيها مرمرة عين اللي ما تصلي على رسول الله تنقلع".
"حوطتك بالله، من عين خلق الله، من عين امك ومن عين ابوك، ومن عين عمتك، ومن عين اختك، ومن عين الجيران، ومن عين اللي حسدوك، عين الصبي فيها نبي، عين الذكر فيها حجر، عين الحسود فيها عود، طبخنا عدس سقينا عدس، المرة عزمت والرجل عبس، اخرجي يا عين كما خرج المهر من بطن المهر، اللهم صل على سيدنا محمد، اخرجي يا عين كما خرجت الشعيرة من العجين".
ثم تنتقل "أم حسونة" إلى الدعاء والأمنيات المصحوبة بالوصايا التي بات يحفظها ولدها عن ظهر قلب لكثرة ترديدها لدرجة أن حسونة بات مقتنعا بضرورة تنفيذ الوصايا لنيل بركة الدعاء: "يمّه يا حسونة، إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه.. ربي يرزقك بوظيفة كبيرة في الحكومة تشوف على وجهها راحت البال.. قبضه آخر الشهر تحميك من عثرات الزمن".
"يا حسونة: العب بالمقصقص تيجيك الطيار.. رجلك في الحكومة وعينك على الجامعة.. ربي يعطيك من كرمه واشوفك استاذ كبير.. في جيبك الأول راتب بشيكل والجيب الثاني دينار يقهر الغيرانين ويخلي قلوبهم نار".
"يا ابني يا حبيبي: يموت المعلم ولا يتعلم.. ربنا يرفع من شأنك ويكرمك "بالدال" قبل اسمك".
"الله يجعل الدال مفتاحك للبواب العالية.. وتجلس على كراسي غاليه.. وتسافر وتلف البلاد الباردة والدافيه.. وربنا ينعم عليك بالنثريات, وتركب أفخم سيارات".
بعد ذلك يسخن دعاء أم حسونة مع ارتفاع درجة الأحلام والأمنيات, وتنتقل مع حسونة إلى مرحلة متقدمة من الخير، فتقول: "ربي يكرمني واشوفك مستشار.. وتصير تقبض بالدولار مع الدينار".
"ربنا يوزع الرزق على أيامك: يوم حكومة, ويوم جامعة, ويوم مجلس إدارة, ويوم في البنك محتار.. تدخر المصاري ولا تشتري كمان دار".
