قائد الطوفان قائد الطوفان

التنسيق مرتبط بالأحداث

غزة والنسر.. تعاون أمني "وقت الزنقة"

الشرطة في غزة (الأرشيف)
الشرطة في غزة (الأرشيف)

غزة - شيماء مرزوق

تاريخ ومصير مشتركان يربطان قطاع غزة بمصر التي تقف أمام مفترق طرق على كل الأصعدة خاصة على الصعيد الأمني في شبه جزيرة سيناء التي تعج بـ"الجماعات المتطرفة" نظرا إلى قلة الوجود الأمني للجيش المصري والأجهزة الأمنية وفق قيود اتفاقية كامب ديفيد مع (إسرائيل) التي فرضت عليها وجودا محدودا.

خروج سيناء من دائرة السيطرة الأمنية المحكمة جعلها مرتعا للمتطرفين وقطاع الطرق وتجار المخدرات, فأثارت العمليات التي كانت تنفذها بعض هذه الجماعات غضب مؤسسات الدولة وكانت مصدر قلق أمني باستمرار, ولكن قتل الجنود المصريين في رفح رمضان الماضي كان ضربة قاسمة مست هيبة الجيش المصري ومكانته ومثلت فرصة ذهبية لفلول النظام السابق الذين سارعوا إلى إقحام قطاع غزة في هذه الجريمة.

التعاون الأمني بين الحكومة الفلسطينية في غزة والأجهزة الأمنية المصرية لم يكن وليد تلك الحادثة التي كانت سببا قويا لتدرك الأطراف جميعها أهمية التعاون الأمني بين الطرفين لحماية الحدود ومنع تسرب هذه الجماعات عبرها من قطاع غزة وإليه.

استمرار الاتصالات

وشن الجيش المصري حملة تطهير بعد الهجوم الدموي في رفح طالت معظم شبه الجزيرة بعد أن دفع بأسطول من المدرعات وحاملات الجنود إلى المناطق الجبلية والصحراوية لأول مرة منذ حرب أكتوبر عام 1973.

وكانت جهات مصرية قد اتهمت عناصر إسلامية متطرفة تسللت من قطاع غزة بتنفيذ الهجوم، وهو ما نفته حركة حماس حينئذ والجيش المصري فيما بعد, ولكن الهجوم أظهر مدى حاجة حماس ومصر التنسيق في الجانب الأمني لضبط الحدود، لأن خطر هذه الجماعات (المتشددة) يضر مصلحة الطرفين.

هذا دفع رئيس الوزراء إسماعيل هنية إلى دعوة الجانب المصري لتشكيل لجنة أمنية مشتركة لتأمين الحدود وضبط الأوضاع في سيناء.

وأظهر إعلان جماعات مسلحة انبثقت عن جماعات سلفية مسؤوليتها عن بعض الهجمات المتفرقة ضعف السلطة اتجاه ما يحدث في سيناء.

ويصنف المتخصصون الجماعات الموجودة في سيناء إلى ثلاث مجموعات الأولى هي الجماعات السلفية الدعوية وتنتشر على طول سيناء وعرضها وتنتهج نهجا سلميا لا يميل إلى العنف، ويحظى هذا التيار بشعبية كبيرة من أبناء سيناء، وتتدرج أفكار هذه الجماعة من الوسطية إلى التشدد لكنها في معظمها لا تقبل القتال.

أما الثانية فهي الجماعات الجهادية وقد ظهرت في المدة الأخيرة وأعلنت رسميا تنفيذها عمليات ضد (إسرائيل) كجماعة مجلس شورى المجاهدين-أكناف بيت المقدس التي تبنت عملية استهداف دورية تابعة للجيش (الإسرائيلي) داخل الحدود.

والجماعة الأخيرة هي السلفية الجهادية التي تبنت إطلاق صاروخين على إيلات ونفت صلتها بمقتل حرس الحدود مؤكدة في بياناتها أن معركتها تنحصر ضد (إسرائيل).

وتبقى الجماعات التكفيرية هي الأخطر لأنها تتبنى أفكارا مبنية على تكفير الحاكم الذي يخالف شرع الله وكل مؤسسات الدولة والشرطة والجيش بل تكفر المواطنين الذين يرون أنهم تابعون لهذا الحاكم، وهو ما أوضحته منشورات عثر عليها أثناء الحملة الأمنية في سيناء، وهذا النوع لا يحظى بأي دعم أو تعاطف من الأهالي.

وحديثا عن طبيعة التعاون الأمني بين الحكومة في غزة ومصر أكد إبراهيم صلاح مدير الإعلام في وزارة الداخلية-غزة أن الأمن المصري امتداد لنظيره الفلسطيني, "فتعمل الحكومة على حفظه وحمايته, ولن تسمح لأحد أن يمسّه".

وبين صلاح أن اللجنة الأمنية المشتركة لا تعمل باستمرار، "بل تفعل وفق الحاجة والدواعي الأمنية مثل قضية قتل الجنود في رفح".

وشدد على أن التعاون مستمر بين الطرفين في إطار ملاحقة الجريمة وتجار المخدرات وتهريب السيارات, "إلى جانب المستويات السياسية التي تنسق على كل الأصعدة".

وتثار الشائعات بين حين وآخر عن تدخل حماس وحكومة غزة في سيناء لدعم الجيش المصري ما أدى إلى إعلان حالة الاستنفار الأمني على طول الحدود في أوقات الأزمات ومنع دخول أي أو خروجه شخص وإحباط أي محاولات لتهريب أسلحة من داخل مصر وخارجها بالإضافة إلى ما يتناوله الإعلام المصري باستمرار عن تدخلات غزة في الشأن المصري الداخلي.

وهنا، وصف صلاح كل الشائعات التي تروج حول تدخل غزة الأمني في مصر بـ"السخيفة", مؤكدا أن كل المستويات الرسمية في مصر تنفي هذه الشائعات باستمرار, وموضحا أن من يتبناها هو "إعلام الفلول الذي كان على علاقة سيئة بحماس وغزة ويحاول زجها في الشأن الداخلي المصري".

وأشار إلى أن الحكومة تنأى بنفسها عن التدخل في الأحداث الدائرة في مصر, "وتحاول كشف هذه الحملات الإعلامية المنظمة التي تشن ضدها", مبينا أن حكومته تواصلت مع الجهات المصرية التي ثمنت بدورها الدور الفلسطيني في تأمين الحدود وحفظ الأمن القومي المصري.

اجتثاث الأفاعي

النسر القوي في مصر مهمته الانقضاض على الأفعى السامة وانتزاعها من الأرض لكنه بقي أربعة عقود يعتبر الفلسطينيين خاصة أصحاب المشروع الإسلامي ضمن الأفاعي السامة، فسعى باستمرار إلى اجتثاثها حتى جاءت الثورة المصرية وأجبرته على تغيير سياسته اتجاههم.

المخابرات العامة المصرية المعروفة بقوتها وصرامتها في مواجهة الأخطار التي تواجه الأمن القومي للبلاد كانت المسؤولة عن الملف الفلسطيني بالكامل، ما يعكس طبيعة النظرة الأمنية التي كان يتعامل بها النظام السابق مع غزة خاصة حركة حماس إلى أن جاء النظام الجديد الذي يسير عليه الإخوان المسلمون فحاول أن يغير هذه النظرة بتعديلات على بعض المناصب الحساسة فيه.

أما عن طبيعة التعاون مع جهاز المخابرات العامة فشدد مسؤول إعلام الداخلية على أن الأمن الفلسطيني يساهم في ملاحقة أي جماعات تخالف القانون أيا كانت أفكارها أو أيديولوجياتها, "فالملاحقة تكون بناء على الجرم لا الانتماء", معتبرا أن التعاون مع المخابرات المصرية اختلف كثيرا عن السابق بحكم الواقع الجديد, "لكنه لا يزال بحاجة مزيد من التغيير، فتطمح الحكومة إلى أن تعزز العلاقات بين الطرفين".

طبيعة التعاون الأمني بين غزة ومصر لم يقتصر على الأوضاع في سيناء, فقد تعاون الجانبان في المهمات الأمنية الخاصة كتسليم بعض المشبوهين.

وكانت الأجهزة الأمنية في غزة قد اعتقلت قبل عامين ضابطا مصريا كبيرا تسلل إلى القطاع لجمع معلومات عن أبناء الشعب الفلسطيني والحكومة ومهمات أخرى ثم سلمته إلى بلاده، هذا إلى جانب التنسيق للإفراج عن بعض الفلسطينيين المعتقلين في السجون المصرية.

البث المباشر