قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: مشعل رئيسا

أ. طاهر النونو (أرشيف)
أ. طاهر النونو (أرشيف)

طاهر النونو

مشعل رئيسا       

طاهر النونو

أتمت حركة حماس انتخاباتها الداخلية بانتخاب خالد مشعل رئيسا لمكتبها السياسي مجددا لتنهي بذلك فترة من القيل والقال والتقويل والتكهن وتقضي على إشاعات تجرعت مرارتها وقاست من افترائها غير أنها كانت تسير خطى الواثقين نحو استكمال تقاليدها الديمقراطية الشورية التي ما غابت يوما عن مؤسساتها القيادية.

وتحمل هذه الانتخابات في هذا التوقيت العديد من الدلالات التي يمكن استخلاصها على مستوى الشكل والمضمون والمكان فقد جرت هذه الانتخابات في مصر الكنانة في وقت ظن البعض وأوهموا أنفسهم بأن جملة من الإشاعات والفبركات الإعلامية يمكن أن تؤثر في طبيعة العلاقة بين حماس والقيادة المصرية بمستوياتها السياسية والأمنية وان ما يمكن صياغته في الإعلام من محاولات توتير يمكن أن تنسف الحقائق التي تؤمن بها مصر من اعتزاز بالمقاومة الفلسطينية، فقد احتضنت مصر هذا الكم القيادي من مجلس شورى حماس الذين وصلوا من مختلف الأصقاع والأقطار لينتخبوا بشكل مباشر قيادتهم وتم تذليل كل الصعاب لإتمام هذه العملية الديمقراطية بهدوء وشفافية معهودة على حركة حماس.

حماس واصلت ضربها للنموذج الديمقراطي حتى في بنائها التنظيمي وفي التصعيد القيادي من أدنى الى أعلى في مختلف المراتب القيادية والتي تمت جميعها بالانتخاب المباشر من القاعدة الى قمة الهرم في مؤسساتها وذلك يدل على مدى إيمان هذه الحركة بالديمقراطية وممارستها الفعلية وليس مجرد شعارات تتغنى بها. ومنذ بداية العملية الديمقراطية الى نهايتها انتهت بكل الحب والود دون ان يكدر صفو الإخاء التنظيمي شكل من أشكال المنافسة إذ أن المنافسة في حماس ليست على المكاسب وإنما على العطاء والتضحية وهي من الأركان التي قامت عليها ولا تزال تحكم طبيعة العلاقة بين أعضائها وقادتها.

ولعل إعادة انتخاب خالد مشعل رئيسا مجددا لمكتبها السياسي واسماعيل هنية نائبا له يقضي على كل ما كان يقال عن حالة الخلاف والتناقض التي تمنى البعض أن يروها في حركة حماس وصاغوا من اجل تأكيدها السطور والمقالات والروايات فخاب فألهم وطاش سهمهم وبقيت حماس حركة قوية متماسكة البنيان. ويمكن الإشارة هنا إلى أن مشعل الذي كان أعلن سابقا عن رغبته عدم الترشح مجددا لذات المنصب ولكن إصرار إخوانه في القيادة الأعلى للحركة أبى أن يتركه وقراره فلا زالوا يؤمنون بقدرته على القيادة والعطاء ومنحوه الثقة الكاملة والعهد والبيعة مجددا بل وتجلت معاني الإيثار في أبهى صورها بين من ظن البعض أنهم متنافسون كل يزكي أخاه ويقدمه، لقد رغب مشعل ان يأخذ بيد خليفته إلى الإعلام ويقول لا استئثار لدينا بالرئاسة والسلطان ويضرب نموذجا، فيما حرص أخوه أن يأخذ بيد مشعل ويقول إننا حركة موحدة بيننا ثقة راسخة كالجبال الشم الرواس.

انتهت حماس من انتخاب قيادتها ولكن لم تكن حماس هذه المرة تنتخب قيادة لتنظيم او حزب وانما تنتخب قيادة لفلسطين وقيادة للمشروع الوطني الفلسطيني الذي باتت حارسته الحقيقية والمؤمل منها استكماله لذلك بعدما بانت النتائج تبقى المرحلة التالية وهي الاهم وتتمثل في استكمال المشروع العظيم الذي تحمله حماس وإبداع القيادة الجديدة في تحويل الإستراتيجية إلى خطط وآليات عمل في مسارات متوازية سواء على صعيد البناء الداخلي إن كان في صفوف هذه الحركة الشماء أو في إطار الوطن لإعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني على أسس من الشراكة الحقيقية وحفاظا على ثوابت شعبنا، وفي مسار متواز استكمال عملية تحرير الأرض والإنسان وإنهاء الاحتلال وآثاره.

البث المباشر