العديد أعرب عن ارتياحه لرحيل فياض عن الحكومة في الضفة المحتلة وبرأيي ليس هذا مربط الفرس وإنما ما تركه الرجل من نهج خطه منذ تقلده مقاليد الحكومة في الضفة في العام 2007، فهو عمل على ثلاث خطوط الأول إضفاء التبعية الكاملة للاحتلال على عقلية الأجهزة الأمنية هناك والثاني القضاء على ما تبقى من الاقتصاد الفلسطيني والثالث محاولة محو الثوابت من الذاكرة الفلسطينية .. وما القبضة الأمنية على الضفة وإنهاء أي حالة للمقاومة وإغلاق عدد كبير من المصانع في الخليل وغيرها وإغراق الموظفين بالقروض وظاهرة أكبر طبق حلويات وأطول ثوب فلسطيني إلا خير دليل على ما ذكرت.
وبالتالي استقالته لا تعني ارتياحا وإنما عبء ثقيل لما تركه من موروث نكد على قضيتنا الفلسطينية تتحمل مسئوليته حركة فتح باعتبارها شريكا له بغض النظر عن حالة الطلاق التي حدثت بينهما بسبب تعارض المصالح والصلاحيات فيما بينهما.
وما جرى من تدخلات أمريكية وحتى صهيونية لإبقاء فياض في منصبه يدلل على أن الرجل لم يألُ جهدا في تنفيذ سياستهم ليأتي على ما تبقى لشعبنا في الضفة من ثوابت واستمساك بالوطن، ما جعل حركة فتح تنقلب عليه لا لشيء وإنما لأنه لم يترك لها شيئا من الحكم إلا وسيطر عليه فالأمن والاقتصاد والمال بيده لا بأيديهم.
فلم يتأخر عباس في إعلانه أنه سيستصدر مرسومين رئاسيين خلال الأيام القادمة أحدهما متعلق بالانتخابات والثاني بتشكيل حكومة جديدة، فما كان من فياض إلا استباق ذلك بإعلان استقالته وتقديمها لأبو مازن الذي لم يتوانَ في قبولها على الفور.
وربما يكون رحيل فياض مؤامرة لإفساح المجال لتنفيذ خطة دولية لإنهاء القضية الفلسطينية وهذا ما يدفعنا إلى القلق من إقدام عباس على إعلان المرسوم المتعلق بالانتخابات التشريعية دون توافق مع حركة حماس وبالتالي يلجأ عباس إلى تنفيذها في الضفة دون غزة كما فعل من قبل بخصوص الانتخابات المحلية، ومن ثم يصبح قطاع غزة خارج السياسة الفلسطينية التي يرأسها عباس وتصبح غزة منفصلة عن شرعيتهم وتعلن إقليما متمردا يوجب عليها كل القرارات الدولية التعسفية.
ولكن إعلان مثل هكذا ترهات قد ينهي الأمل بتحقيق المصالحة الوطنية ويؤدي إلى انفصال حقيقي عن الضفة بقرار رسمي من حركة فتح، وربما تكون خطة لإجبار مصر على تحمل مسئولية غزة بالكامل وتطبيق الكونفدرالية بين الضفة والأردن وما توقيع اتفاقية الوصاية الكاملة على المقدسات الإسلامية في القدس والضفة إلا مقدمة لذلك، وربما تكون هذه الخطة الأمريكية التي حذر منها هنية لإنهاء القضية الفلسطينية.
ليكنْ ما ذُكِر سابقا مجرد أوهام ولكن علينا الحذر منها وأن نجعلها أمامنا حتى نمنع تنفيذها لا قدّر الله.