الرسالة نت- ياسمين ساق الله
مع توقف طاحونة جولات الحوار الوطني الفلسطيني بالرغم من تواصل الجهود المصرية المبذولة لإنجاحه واستمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع, حركة المقاومة الإسلامية حماس ما زالت تواجه ما تتعرض له من الداخل والخارج؟ فما خياراتها للمرحلة المقبلة والى أين سترسو؟
وكانت سبعة جولات للحوار خاضتها الفصائل الفلسطينية في العاصمة المصرية بالقاهرة فشلت في إحراز أي تقدم يعيد الوحدة والمصالحة إلى شطري الوطن , حيث تمثل قضايا المعتقلين في الضفة الغربية وقطاع غزة وقانون الانتخابات، والقوة الأمنية المشتركة في قطاع غزة وإدارة المعابر والقوة الأمنية المشرفة على معبر رفح والتي اقترحت مصر أن تكون مكونة من دول عربية عدة، أبرز القضايا الخلافية التي تعوق التوصل لاتفاق بين الحركتين.
** شرعيات موهومة
القيادي في حركة حماس د. صلاح البردويل قال :" إن سلطة رام الله سعت لتأجيل الحوار لإعطاء فرصة للاحتلال الإسرائيلي لزيادة الحصار على غزة بغية تركيع الحكومة وحماس ".
وتابع البردويل في حديث خاص للرسالة :" التأجيلات المتواصلة للحوار تعطي الفرصة للرئيس محمود عباس المنتهية ولايته بتثبيت وضعه بمنظمة التحرير الفلسطينية وانجاز شرعيات موهومة تساعده على تجاوز حركة حماس وتشويش صورتها أمام العالم الخارجي والقفز على الانتخابات " وأضاف:" نردك كافة الألاعيب والحيل التي تمارسها فتح للهروب من استحقاقات المصالحة الوطنية ".
ويؤكد البردويل في سياق حديثه أن حماس لديها إستراتيجية ثابتة بأن المصالحة وإنهاء الانقسام ضرورة تسعى لتحقيقها للتخفيف عن معاناة المواطن الفلسطيني , قائلا:" الحصار في هذا العام يختلف عن العامين الماضيين فحماس والحكومة تعمل وما زالت على توفير الحد الأدنى من عوامل الصمود فرغم استمراره إلا أنه اقل حدة بسبب الخطوات التي اتخذتها الحكومة وحماس لتخفيف معاناة المواطن ".
ويتابع القيادي في حماس:" الحكومة وحماس خففت عن المواطن في مجالات عدة من حيث إدخال البضائع والمستلزمات الأساسية عبر الأنفاق , عدم فرض الضرائب على المواطنين , إعطاء العمال بعض المستحقات , تخفيف العبء عن السائقين وطلبة المدارس وتوفير فرص عمل لبعض المواطنين فحجم الحصار ضخم لكن الصمود أكبر بكثير ", مؤكدا أن حماس لم تقف عاجزة أمام تداعيات الحصار الإسرائيلي .
** سباق المحاولات
المحلل السياسي خليل شاهين من رام الله قال :"إن الحصار الإسرائيلي والحوار الفلسطيني قضيتان مترابطتان ,فالحصار مفروض عل جدول الإعمال اليومي لكل الفلسطينيين ليس فقط بغزة بل في الداخل الخارج والشتات , لكن سواء نجح الحوار أم لم ينجح قضية الحصار يجب أن تبقى أولوية للفلسطينيين لتشكل رافعة في سباق المحاولات الجارية لكسره".
بينما المحلل السياسي من مدينة رام الله د. عادل سمارة قال :" لا يأتي من الحوار صلح حقيقي فالتناقضات بين الطرفين حادة وما زالت التدخلات الخارجية وخاصة الأمريكية موجودة فكيف سينجح الحوار".
ويضيف :" المطلوب من حماس في هذه الآونة العمل على أعلى درجة من التصالح الاجتماعي بالقطاع وتطوير مشاريع التنمية واستثمار الإبداعات العلمية ".
يذكر أن مصادر عربية مطلعة كشفت أن القاهرة أمهلت حركتي حماس وفتح حتى الخامس من شهر تشرين أول القادم للتوصل إلى اتفاق للمصالحة بينهما ينهي حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية، وفي حال لم تنجز المصالحة فإن مصر ستطلع الجامعة العربية والدول ذات التأثير على تفاصيل الحوار ومواقف الأطراف المتصارعة دون إدانة لأي من الجانبين، وأنها أي "القاهرة" ستطلب من الجامعة العربية، تولي هذا الملف ومعالجته، مع الموقف المصري الذي يحذر من خطورة ونتائج استمرار الانقسام في الساحة الفلسطينية.
** رفض قاطع
ويضيف شاهين:" ملف الحوار مرتبط بقضايا خلافية لذا المطلوب العودة لتعديل مساره من جديد مما يستدعي عدم التركيز على ما طرح في الجلسات الثلاثة الأخيرة , فهناك إمكانية لاستمرارية الحوار شريطة التركيز على الجوانب التي تنهى الانقسام قبل الوصول لموعد الانتخابات".
في حين يرى المحلل سمارة أن المطلوب من حركة حماس الانفتاح الاجتماعي والتكنولوجي بشكل نموذجي يغري أصدقاء القضية بالخارج لإقناعهم بأن حماس ليست نموذجا لطالبان بل حركة تحرر وطني ومرنة مع المجتمع, قائلا:" أعتقد أن حماس ذكية في تعاملها مع الجميع فهي لا تريد فتح معارك مع النظام المصري على الرغم من استمرار إغلاق معبر رفح وفي علاقاتها السياسية الداخلية والخارجية تحاول قد الإمكان تجنب الصراع ".
وأشارت المصادر أن القيادة المصرية حذرت من استمرار الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة والصراع بين فتح وحماس لأن ذلك سيوفر لإسرائيل هامشاً مريحاً في مواجهة أية ضغوطات سياسية خارجية لتحقيق تقدم كبير نحو اتفاق دائم وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وهذا ما يفسر تمسك إسرائيل بالحلول المؤقتة بالنسبة للقضية الفلسطينية حتى يتغير الوضع الحالي في غزة.
ويشير المحلل شاهين إلى أن المطلوب تحقيق توافق ينهي الانقسام الداخلي ويضمن التوجه لانتخابات على قاعدة توفير عنصرين: الأول يكمن بوحدة الفلسطينيين جميعا والثاني الإلتزام بمرجعيات وطنية عليا والتوافق عليها قبل الانتخابات لنضمن الإقرار بنتائجها ", منوها إلى أن الشعب الفلسطيني أمام مفترق خطير في حال فشل الحوار مما يدلل على إعلاء وزن الأجندات الخارجية والتدخل في مستقبل القضية الفلسطينية .
بينما يضيف سماره:" حماس لم تنتبه لقضية تطبيع الضفة الغربية مع الاحتلال الإسرائيلي , لذا عليها –حماس - التركيز على رفض التطبيع لأنه بالضفة أكثر قضية تهز السلطة المحلية طالما أنها غير قابلة للتعامل مع حماس ", مؤكد على عدم وجود اتفاق حقيقي طالما السلطة ذاهبة تجاه التسوية الأمريكية .
وتابع المحلل شاهين:" في الفترة الحالية الأمر يتطلب عدم التركيز بحالة فشل الحوار على قضية السلطة ومواقع النفوذ فيها بل إعادة بناء الحركة الوطنية وسيبقى دائما الحفاظ على حماس وفصائل العمل الوطني الفلسطيني أهم بكثير من الحفاظ على السلطة ",مشيرا إلى أن حماس بغزة قادرة رغم ما تتعرض له من ضغوطات داخلية وخارجية على حمل الهم الوطني والإنساني للمواطن الغزي.
وقال مصدر فلسطيني في القاهرة إن حماس وفتح كانتا تستعدان لإرسال وفدين إلى القاهرة في الموعد المحدد، وعندما أعلن الرئيس محمود عباس المنتهية ولايته نيته عقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني طلبت حماس من القاهرة الضغط على فتح وعباس للتراجع عن هذه الخطوة حتي ينجح الحوار الفلسطيني، إلا أن إصرار فتح وعباس دفع حماس للتشكيك في إمكانية نجاح جولة الحوار التي كانت مقررة قبل يوم واحد من عقد جلسة الوطني وهو الأمر الذي دفع الراعي المصري إلى تأجيل الجولة القادمة إلى ما بعد شهر رمضان المبارك لإتاحة الفرصة لمزيد من الجولات المكوكية للوفد المصري حتى يمكن تقريب وجهات النظر خلال شهر رمضان المبارك.
** ما المطلوب..؟
ويختم المحلل السياسي شاهين حديثه قائلا:" ترك قطاع غزة يواجه مصيره بعد الفشل المتوالي لجولات الحوار يتطلب من حماس والفصائل الانتباه إلى ضرورة إعادة بناء حركة التحرر الوطني على مقاس الوطن الفلسطيني حيث غزة والضفة معا وفقا لاستراتيجيات عمل قادرة على إحباط اى مخططات تحاول فرض حلول على الفلسطينيين أخطرها الدولة بالضفة الغربية".
في حين يختم المحلل سمارة قائلا:" المطلوب من حماس التمسك بالمقاومة وعدم الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي ومحاولة إصلاح الوضع الاجتماعي في قطاع غزة قدر الإمكان ودعم مشروع المقاومة ووقوف فصائل المقاومة بجانب حماس لإصلاح ما تم تدميره ".
وكانت إسرائيل أغلقت كل المعابر الحدودية لغزة إثر سيطرة حماس على السلطة في القطاع في يونيو 2007، وفرضت قيودا على الصادرات والواردات ليبدأ مشوار الحصار الإسرائيلي المستمر على مدار ثلاثة أعوام على قطاع غزة.