استأنف مفاوضو السلطة و(الإسرائيليون) مساء أمس الاثنين، في واشنطن برعاية أميركية، المفاوضات المباشرة المتعثرة بينهما منذ العام 2010، بإقدام وزير الخارجية الأميركي جون كيري على تعيين السفير السابق مارتن انديك مبعوثا خاصا لإدارتها.
وسارع الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إصدار بيان يرحب فيه بتعيين انديك وإطلاق المفاوضات المباشرة، معتبراً أنها لحظة "واعدة"، لكنه حذّر أيضا مما أسماها "خيارات صعبة" تنتظر الطرفين.
وقال أوباما إن "الشق الأصعب أمام الولايات المتحدة، إنما لديّ أمل في أن الإسرائيليين والفلسطينيين سيتعاطون مع العملية بإيمان جيد وإصرار".
وكان كيري قد أعلن أمس تعيين انديك، المسؤول والمفاوض السابق في إدارات الرئيس السابق بيل كلينتون، مبعوثا خاصا لعملية السلام، مشيدا بـ "مهارته الديبلوماسية وواقعيته وعلاقته الجيدة مع الطرفين؟ الإسرائيلي والفلسطيني.
وأشاد بجهود استئناف المفاوضات المباشرة، مشيرا إلى أن جزءا كبيرا منها يعود إلى "زيارة أوباما في آذار (مارس) الماضي والتزامه القوي بهذه العملية".
ولم يقلل كيري من صعوبة عملية السلام، وقال للصحافيين: "ليس سرا أن المضي قدما عملية صعبة.. لو كانت سهلة لحدثت قبل وقت طويل".
وأضاف: "لذلك ليس سرًا أن أمام المفاوضين والزعماء كثير من الخيارات الصعبة مع سعينا إلى تنازلات معقولة في قضايا صعبة ومعقدة ومحملة بالمشاعر والقيم الرمزية".
من جانبه، قال انديك في تصريح صحافي: "أنا مقتنع منذ أربعين عاما بأن السلام ممكن". وأضاف -موجها كلامه إلى كيري- "ولأنك واثق بأن ذلك ممكن، رفعتَ التحدي في الوقت الذي كانت غالبية الأشخاص تعتقد أنك تقوم بمهمة مستحيلة".
يذكر أن انديك ينحدر من جذور استرالية، وتجمعه علاقة جيدة مع قيادة السلطة الفلسطينية التي عاصرها فترة تتخطى ١٥ عاما، واستمرت لقاءاته مع كبير المفاوضين صائب عريقات حتى بعد مغادرة الإدارة العام ٢٠٠١.
وأكد انديك أنه رغم العراقيل والصعوبات، فإنه سيبذل كامل جهوده لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
وكان المبعوث الجديد قال في مقابلة مع "الحياة" الشهر الماضي أن الجانب الأميركي بحاجة الى "وضع خطة تنبثق من المبادرة العربية للسلام" التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز عام ٢٠٠٢، لأن ذلك "يمنح رئيس السلطة محمود عباس الغطاء العربي".
وبدأت الاستعدادات الأميركية لإطلاق المفاوضات بعد إفطار رمضاني استضافه كيري في منزله بواشنطن مساء أمس الاثنين، جمع عريقات والوفد (الإسرائيلي) الذي يضم وزيرة القضاء تسيبي ليفني ومستشار رئيس الحكومة اسحق مولخو، كما حضره انديك ونائبه فرانك لونستين.
وسيتم اليوم إطلاق المفاوضات رسميا من وزارة الخارجية الأميركية بعد جمود استمر ثلاث سنوات.
ويعتمد كيري استراتيجية "الحوافز غير المعلنة" في إدارة العملية من خلال تقديم حوافز سياسية واقتصادية للجانبين باتجاه تنازلات أكبر في قضايا الحل النهائي، وذلك بعيداً عن الأضواء الإعلامية.
وتتميز هذه الاستراتجية عن سابقاتها بدور مباشر من كيري، وعلاقة جيدة لانديك مع الطرفين الى جانب الدور الإقليمي. ومن المتوقع صدور بيان مشترك اليوم بعد إطلاق المفاوضات المباشرة.
ورغم نجاح الجانب الأميركي في إطلاق المفاوضات، إلا أن الجانبين الفلسطيني و(الإسرائيلي) أظهرا شكوكا كبيرة ازاء فرص نجاح المفاوضات، في وقت أعلن كل من حركة حماس والجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية" وحزب "الشعب" رفض استئناف المفاوضات.