قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الكاميرا الخفية

أ. وسام عفيفة
أ. وسام عفيفة

وسام عفيفة

توقفت السيارة المرسيدس السوداء أمام القصر الجمهوري وسارع المرافقون وضباط الأمن بفتح الباب للقائد الذي خرج من السيارة متهلل الأسارير، وسار على السجادة الحمراء وهو يمني نفسه هذه المرة بلقاء مريح مع الرئيس المعين، فيما عاد الى شريط ذكرياته أيام الزمن الجميل، عندما كان يدخل هذا القصر كأنه يدخل المقاطعة في رام الله، بينما يستقبله الرئيس المخلوع حسني مبارك بابتسامة عريضة ونكتة خفيفة، ثم عناق حميمي أسخن من العلاقات السياسية بين السلطة في رام الله والقاهرة.

سرعان ما بدت الحيرة والاستغراب على وجه الرئيس أبو مازن.. فحتى اللحظة لم يظهر الرئيس المصري، والمفروض بروتوكوليا أن يكون في استقباله عند باب القاعة الكبيرة.

مسئول البروتكول الرئاسي تنبه لذلك وتدخل قائلا: الريس بينتظر سيادتك في قاعة كبار الزوار.. هو كان لازم يكون في استقبال معاليك لكن آلاما شديدة في ركبته منعته يا افندم.

على باب القاعة طلب مسئول البروتوكول من المستشارين المرافقين لأبو مازن الانتظار في غرفة جانبية لأن الرئيس المصري يريد أن يعقد اجتماعا على انفراد معه، ثم ينضم المستشارون من الجانبين لاحقا.

بدت الإجراءات والأجواء غريبة على أبو مازن وغير اعتيادية هذه المرة، لكنه قال في نفسه: ربما الظروف التي تمر بها مصر ومؤسسة الرئاسة السبب، والراجل جديد على الشغلة.

دخل أبو مازن القاعة لكن الإضاءة كانت خافتة، في نهاية القاعة وقف الرئيس وجاء صوته مرحبا.. تقدم أبو مازن وهو يهم بفتح يديه استعدادا لاحتضان الرئيس المصري، ورسم ابتسامة عريضة، ولكن فجأة تسمر الرجل في مكانه وفتح عينيه كأنه قابل شبح.

الرئيس المصري: "تفضل يا ابو مازن مالك وائف مكانك ليه يا راجل".

أبو مازن يرد بلسان ثقيل والكلمات تخرج متقطعة مرتعشة: ولكن كيف حدث ذلك، مش عزلوك، أين الرئيس منصور؟.

نزلت المفاجأة كالصاعة على أبو مازن، فقد وقف أمامه الرئيس محمد مرسي، نعم هو بشحمه ولحمه، كيف حصل ذلك؟ ومتى عاد للحكم؟ ولماذا لم يخبروه قبل ان يصل؟ لقد جاء ليبايع القيادة المصرية الجديدة، لا أن يجد مرسي مرة أخرى في وجهه.

الرئيس مرسي: أعلم أنك متفاجئ، ومستغرب، الأمور تمت بسرعة وسرية شديدة، وأنت أول واحد يعرف من رؤساء العالم، أنا لسه داخل القصر دلوقتي.

رغم أن القاعة مكيفة لكن العرق كان يتصبب من جبين أبو مازن، وشعر أنه تم استدعاء جميع أمراضه المعروفة وغير المعروفة في هذه اللحظات، وفشلت قدماه في حمله، فجلس إجباريا وبقي صامتا.

الرئيس مرسي: أنا عتبي عليك شديد، يا راجل أنا ما ازيتكش، وتعاونت معك لأبعد حد، بعدين بمجرد ما انقلبوا علي انت انقلبت معهم كمان، طيب اديني رجعت وريني هتعمل ايه.

أبو مازن بصوت حزين مكسور: تعلم أن مصلحة شعبي أجبرتني على التعاطي مع الأمر الواقع الجديد في مصر، وأطراف عربية ودولية نصحتني بضرورة التعاون مع القيادة المصرية الجديدة بعد ثورة 30 يونيو ... أقصد الانقلاب العسكري بعد 30 يونيو...

عندها قاطعت أبو مازن ضحكات مجلجلة من زاوية القاعة.. وتقدم أشخاص اتجاهه ومن خلفهم الرئيس الجديد عدلي منصور مبتسما وقال: ايه يا أبو مازن انت كنت حتعك على طول يا راجل.

أبو مازن مذهولا: ماذا يحدث؟!

يحتضنه أحدهم ويشير نحو ركن من القاعة قائلا: معاك الكاميرا الخفية.

ينظر أبو مازن نحو الرئيس مرسي، فيجده ينزع القناع التنكري عن وجهه.

الرئيس الجديد مازحا: ايه رأيك بالمفاجأة.. حبينا نعمل معاك الواجب علشان ليك معزة خاصة عندنا.

 

البث المباشر