قائد الطوفان قائد الطوفان

في العيد

جلسات الأصدقاء يجمعها ميعاد ويفرّقها "آيباد"

مجموعة من الشباب في أحد المقاهي
مجموعة من الشباب في أحد المقاهي

غزة – الرسالة نت – أحمد طلبة

طرق أمير باب منزل أسامة.. اتكأ برهة على الحائط، في انتطار استجابة صديقه التي تأخرت على غير العادة، وبعد دقائق مضت جاء الفرج بفتح الباب وقول: "اتفضل يا باشا".

لم يخل أمير أن فتح الباب سيستغرق وقتًا طويلاً، لا سيما أن زيارة العيد تمت بناء على موعد واتفاق مسبّقين، إلا أن السبب تكشّف فيما بعد، إذ أن أسامة كان منشغلًا بإنهاء "محادثة فيسبوكية".

بدت علامات الغضب جليّةً على وجه أمير بعد فتح الباب. وحدّث صديقه المنشغل بالآيباد (هاتف ذكي) قائلًا: "سنة لما تفتح يا محترم"، أجاب لا مبالٍ وهو يلعب في هاتفه: "معلش كنت أعيّد على أخوي ع الفيس".

جلسة المعايدة بين الصديقين انتهت بسرعة ولم يمض عليها سوى بضع دقائق، والسبب هو انشغال صاحب البيت بالحديث عبر الفيس بوك، متجاهلًا صديقه الذي جاء لمعايدته.

معظم جلسات العيد وغيرها باتت تنتهي بهذا الشكل وربما لن تتكرر، في ظل سيطرة التكنولوجيا عمومًا وأجهزة الهواتف الذكية خصوصًا على تجمّعات الشباب، مما يضفي عليها جزءًا كبيرًا من الملل والرتابة.

ويقول أمير العشي (22 عامًا)، إن هذا الموقف الذي حصل معه ثاني أيام العيد، قلل من فرص الذهاب إلى منزل صديقه أسامة، ليس ذلك فحسب، إنما جعله يرفض الجلوس معه في أي مكان.

ويشترط أمير على صديقه مقاطعة التكنولوجيا وعدم استخدام هاتفه المحمول أثناء الجلوس معه. ويضيف: "الموعد هو من يجمعنا، لكننا نفتقد في جلساتنا إلى للتواصل الفعلي".

ويضيف: "لا أحد منا يستطيع انكار دور التكنولوجيا في ربط العالم وتسهيل حياتنا إلى حد كبير، لكنها اليوم أصبحت عاملًا رئيسيًا في تفكيك العلاقات الاجتماعية خاصة بين الأصدقاء".

وقبل سنوات كان أمير يجد من الجلوس مع أصدقائه متنفسًا يفرغ من خلاله عن مشاكله وما يشعر بها، إلا أن اقتناء كل واحد من أصحابه هاتفًا ذكيًا متصلًا بالانترنت أصبح يحول دون ذلك.

أما صهيب عوّاد (25 عامًا) يقول لمراسل "الرسالة نت"، إنه يجلس مع أصدقائه لفترة طويلة تصل إلى 5 ساعات، لكن الحديث الفعلي عن طريق الكلام المباشر يشغل فقط ساعة واحدة من مجمل الفترة.

ويمتلك صهيب -وكل واحد من أصدقائه- هاتفًا ذكيًا يصاحبهم في معظم أوقاتهم. ويرى أن امتلاك هذه الأجهزة خلق نوعًا من اللألفة المشهودة بين الأصدقاء المستمرة علاقتهم منذ 7 سنوات أو يزيد.

ويضيف: "جلست وأصدقائي في ثاني وثالث أيام عيد الفطر، بعد أن اتفقنا على التجمع في أحد مقاهي الشباب لمعايدة بعضنا والجلوس للحديث، إلا أن اصطحاب أجهزتهم الذكية لم تحقق مبتغاهم".

وهذا الامر يدفع صهيب إلى نشر "تعميم" بين أصدقائه قبيل التنسيق للخروج معهم في "جلسة صفاء"، مفاده عدم اصطحاب أي منهم جهازه المحمول خاصة في الجلسات التي تجمعهم.

ويحمّل صهيب مازحًا أصحاب المقاهي المسؤولية إزاء "الشرود الفيسبوكي" الذي يتسببون به بين الأصدقاء، قائلاً: "انتشار الويرلس في أماكن تجمع الشباب خلال العيد هو السبب".

وربما لا يقتصر السبب في تشتت جلسات الأصدقاء في العيد على امتلاكهم أجهزة ذكية، إنما يرجع ذلك إلى انتشار شبكات الانترنت اللاسلكي في معظم المناطق سواء في البيت أو الشارع أو العمل.

وانتشرت بين فئة الشباب في قطاع غزة –خلال الآونة الأخيرة- أجهزة الهاتف الذكية، المزودة بخدمة الاتصال بشكبة الانترنت لاسلكيًا، وباتت معظم المقاهي وأماكن تجمع الشباب توفر خدمة "الويرلس".

البث المباشر