أطلق صدام حسين تسعة وثلاثون صاروخ "سكاد" نحن المراكز السكانية في "إسرائيل" في يناير-فبراير 1991 خلال حرب الخليج الأولى, ولم تُلحق الصواريخ ضرراً كبيراً في المباني، ولكنها ألحقت فزعاً كبيراً في أوساط الجمهور، وفر الكثير من الإسرائيليين ووجدوا ملجأ لهم في القدس وفي إيلات.
أمس، على خلفية صور المواطنين الفزعين الذين أموا محطات توزيع الكمامات تذكرت ما قلته في حينه: "لا يوجد أي كيميائي، ولن يكون أي صاروخ كيميائي, ويخيل لي أن ما كان صحيحاً في حينه، صحيح اليوم أيضاً, وأجرؤ على القول أنه من غير المتوقع هجوم كيميائي على أهداف في "إسرائيل", وعليه فمن الأفضل لنا أن نهدأ وأن نهدئ الآخرين.
أصحاب القرار، كما ينبغي القول، يستعدون بالحذر اللازم لسيناريوهات متنوعة, ولا توجد أي جهة جدية تشير إلى إمكانية أن يتجرأ بشار الأسد على إطلاق صواريخ ذات رؤوس متفجرة كيميائية نحونا.
ينبغي التمييز بين الاستعداد المسؤول للجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن في ضوء التوتر في المنطقة وبين ما من شأنه أن يظهر كسلوك هستيري ليس له ما يستند إليه.
الحرب الأهلية في سوريا دون صلة بنا، تتدحرج نحو مرحلة الحسم, لقد استخدم الأسد نوعاً من السلاح الكيميائي تجاه مواطني بلاده لأنه شعر أغلب الظن بأن أيامه معدودة, ولكن حتى الآن نمط سلوك الأسد تجاه "إسرائيل" بث حذراً شديداً, فقد دمرت "إسرائيل" منشآت نووية بناها الأسد في الخفاء في العام 2007، وحسب منشورات أجنبية أصابت طائرات سلاح الجو أهدافاً في سوريا في السنة الأخيرة لأن الطرف الإسرائيلي رأى في هذه الهجمات حاجة إستراتيجية, ولكن الأسد رد بضبطٍ للنفس, ولا يوجد ما يدعو إلى الافتراض بأنه الآن – بعد أن يتلقى ضربة متوازنة من جانب الأمريكيين – سيوجه السلاح الكيميائي الذي لديه ضد "إسرائيل".
ومع ذلك، ينبغي القول أن الدولة لا يمكنها أن تقف جانباً في الوقت الذي يوشك فيه الأمريكيون على توجيه ضربة إلى سوريا, ولا ريب أن "إسرائيل" ستتلقى تقريراً مبكراً من الأمريكيين عن الخطوة الهجومية التي ستنفذ تجاه سوريا, الأمريكيون، كما يمكن التقدير، يحثون "إسرائيل" على التصرف بضبط النفس حتى في حالة إطلاق صواريخ من جهة سوريا إلى هنا.
إن التاريخ يعيد نفسه وليس عبثاً: ففي الغرف المغلقة يذكرون ضبط النفس الذي اتبعه "اسحق شمير" في حرب الخليج الأولى في أنه منع الجيش الإسرائيلي من الرد على هجوم الصواريخ التي أطلقها صدام حسين, ضبط النفس – درج "أريئيل شارون" على القول في ذروة عمليات المقاومة الفلسطينية – ضبط النفس هو قوة, ونأمل أن يتبنى قادة اليوم النهج الذي اتخذه رئيسا الوزراء من الليكود.