عادت صبحية حمدان في عقد عمرها الخامس إلى إشعال الحطب في فناء منزلها بمخيم رفح لطهي الطعام بعد أن فرغت اسطوانة الغاز نتيجة الذي تورده (إسرائيل) إلى قطاع غزة.
وتعتمد حمدان التي تطهو لأفراد أسرتها المكونة من تسعة أشخاص على "بابور" الكاز، وأحيانًا أخرى تلجأ إلى استخدام (قرص) يعمل على الكهرباء حال وُجدت.
وتشير بينما تسحب رغيف الخبز من داخل فرن صنعته من الطين قبل عقود إلى نجاح المرأة الفلسطينية في التغلب على الأزمات التي خلّفها الحصار (الإسرائيلي) على غزة منذ 7 أعوام.
وبدأت أزمة غاز الطهي بعد منع سلطات الاحتلال توريده إلى القطاع عقب اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول/سبتمبر 2000، واشتدت بعد الحصار الذي فرضه في يونيو/حزيران 2006.
وخلفت أزمة الغاز مشاكل عديدة للمواطنين الذين يعيشون في غزة، وشجعت بيع الاسطوانات في السوق السوداء رغم معارضة الأجهزة الأمنية لهذه الخطوة.
وتقول حمدان لـ "الرسالة نت" بعد ساعتين من الجلوس أمام النار: "ما في غاز في الدار من شهر (..) الحمد لله الدنيا مش حر والحطب متوفر".
وتضيف: "أعاني من مشاكل في عيني اليمنى، ورغم ذلك أضطر إلى إشعال النار لكي أطهو الطعام لأسرتي".
حتى زوج السيدة حمدان يتولى مهمة الطهي على منصب النار في بعض الأحيان، ويقول بتهكّم: "لما أزوج البنات راح اشترط أن يكون في العقد بند لا يسمح بنفاد الغاز من المنزل".
ويضيف: "أتردد بالتناوب مع أولادي منذ أسبوعين على محطة تعبئة الغاز للحصول على جرة واحد من أصل خمسة تمتلكها العائلة".
ودخلت أزمة الغاز شهرها الثاني دون حل خصوصا في ظل اعتماد سيارات نقل المواطنين (الأجرة) على الغاز نتيجة نفاد المحروقات وارتفاع أسعارها.
يصطف المئات من المواطنين في غزة منذ أسابيع أمام محطات تعبئة الغاز من أجل الحصول على السلعة المفقودة التي لا يمكن الاستغناء عنها.
أما المواطن محمد عيسى وهو رب أسرة ناشئة، يقول إنه "ينتظر منذ أسبوعين الحصول على اسطوانة غاز على الرغم من دفع ثمنها مقدما للموزع وبدل تعبئة مستعجلة قيمتها عشرة شواقل".
ويحتاج قطاع غزة يوميا لنحو مائتين وخمسين طنًا من غاز الطهي، لكن السلطات (الإسرائيلية) تورد نصف الكمية عبر معبر كرم أبو سالم التجاري.
وحمّل مسؤول في الهيئة العامة للبترول بغزة، سلطات الاحتلال وأطرافًا في حكومة رام الله المسئولية بصورة مباشرة عن أزمة غاز الطهي، خصوصًا في ظل وقف توريد أنابيب الغاز عبر الأنفاق مع مصر.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته لـ "الرسالة نت": "إن هناك حربًا مفتوحة تقف وراءها رام الله وتل أبيب والقاهرة وبعض العواصم الخليجية ضد غزة وسكانها بهدف إذلال الشعب".
واعتبر الخبير الاقتصادي معين رجب السياسات (الإسرائيلية) المتبعة بأنها عقاب جماعي يهدف إلى تأديب السكان وخلخلة اقتصادهم الذي تكبد خسائر فادحة خلال السنوات السبع الماضية بفعل الحصار والعدوانين اللذين شنهما الاحتلال على غزة.
ونبه رجب في تصريح لـ "الرسالة نت" إلى أن إثارة أزمة الغاز المباشرة تعني دخول تلك السلعة إلى السوق السوداء، أما غير المباشرة فتعني تعطل العمل التجاري والصحي ذات العلاقة بالغاز وبالتالي اشتداد الأزمة أكثر.
ويوجد في قطاع غزة 22 محطة تعبئة غاز، توقف جميعها عن العمل نتيجة نفاد الغاز الذي يصلها بصورة محدودة يوميًا.