قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: إسرائيل تقاطع ذاتها

يوري أفينيري (كاتب وناقد إسرائيلي)
يوري أفينيري (كاتب وناقد إسرائيلي)

بقلم يوري أفينيري (كاتب وناقد إسرائيلي) / ترجمة وليد محمد

هل من الممكن أن تقاطع دولة ذاتها؟ يبدو هذا سؤلا سخيفا. بالطبع, الاجابة لا!

في حفل تأبين الراحل نيلسون مانديلا لم يمثل إسرائيل أيٌّ من قادتها. الشخص الوحيد الذي وافق على حضور الاحتفال هو المتحدثباسم الكنيست (يولي إدل ستاين). بشكل عام, هو أحد المهاجريين الاسرائيليين من الاتحاد السوفيتي وهو شخصية مغمورة جداً, لا يكاد يسمع بها الاسرائيليون, حتى أن البعض يتندر قائلاً بأن والده لا يكاد يعرفه.

إذا ما السبب وراء ذلك الغياب العميق؟

أُصيب رئيس دولة (إسرائيل) شيمون بيريس بمرض متعه من المشاركة في الحفل. هذا المرض ذاته لم يمنعه من إلقاء الخطابات وإستقبال الوفود. هذا يدفعني للقول بأن هناك أنواع مختلفة من البكتيريا الغامضة!

أما السبب وراء غياب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يبدو أغرب. فقد ادعى بأن تكلفة السفر لحضور الحفل "عالية" جدا. ففي وقت ليس ببعيد, تسبب نتنياهو بفضيحة, عندما قام بحجز مقعد مزدوج بتكلفة عالية على خطوط شركة "إل آل" الجوية الاسرائيلية للمشاركة في حفل تأبين (مارغريت ثاتشر) في بريطانيا.

وبالتالي هذا يدفعنا للتساؤل, من هو مانديلا أصلاً؟!

موقفا نتنياهو وبيريس أظهرا خوفا مهينا ومعيبا.

مماذا كانا خائفين؟

حسناً, ربما خافا من صيحات الاستهجان. ففي الفترة الحالية, تم الكشف عن علاقة إسرائيل بجنوب إفريقيا – تحديدا جنوب إفريقيا "الفصل العنصري". ذاك النظام الذي قاطعته كل دول العالم, كان المستهلك الرئيس للمصنوعات العسكرية الاسرائيلية. المفارقة أن إسرائيل كان لديها القدرة على تصنيع السلاح ولم يكن لديها المال الكافي لذلك, أما جنوب إفريقيا فقد امتلكت المال ولم تكن تمتلك القدرة على تصنييع السلاح.

وبالتالي, فقد باعت إسرائيل سجان مانديلا كل ما احتاجه. وبيريس نفسه كان متورطاً.!

كان لازاماً على قادتنا أن يكونوا هناك, جنبا إلى جنب بجوار قادة العالم. فـ مانديلا سامحهم وسامح إسرائيل أيضا.

في إسرائيل, لم يجرؤ أحد على انتقاد مانديلا صراحة سوى البروفيسور (شلومو آفينيري). فقد انتقد انحياز مانديلا " بشكل أعمى" للجانب الفلسطيني. كما انتقد الــ ماهتما غاندي للسبب نفسه.

هذا غريب! كيف يتم انتقاد شخصيين عظيميين للسبب ذاته – "الانحياز الاعمى للجانب الفلسطيني" ؟

حركة مقاطعة إسرائيل تكتسب تعاطفا بطيئا. ولها ثلاثة أشكال.

أما أبرزها فتتمثل بمقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائيلية, والتي بدأت في مستوطنة (غوش شالوم) قبل 15 عاما, والان أصبحت نشطت في بلدان عدة.

أما الشكل الاخر فيتمثل بمقاطعة المعاهد التعليمية والشركات التي تتعامل مع المستوطنات, وهذه هي سياسة الاتحاد الأوروبي الرسمية الان.

أما النمط الثالث فيتمثل بالمقاطعة الشاملة. أي مقاطعة كل شي إسرائيلي وكل شخص إسرائيلي, بما في ذلك مقاطعتي أنا شخصيا.

وهذا ما تبنته الحكومة الاسرائيلية بعدم مشاركتها في حفل تأبيين مانديلا.

أما فيما يتعلق بإيران, فإسرائيل لا تستطيع التخلي عن الضفة الغربية طالما امتلكت إيران قدرات نووية. قد يتسائل البعض ما العلاقة بينهما. حسنا, العلاقة واضحة وجلية. إن إيران القوية تشكل خطرا حقيقا على أمن إسرائيل بطرق عدة. وهذا يتطلب من إسرائيل بقائها قوية, ما يعني تمسكها باحتلال الضفة الغربية.

ماذا لو تخلت إيران عن قراتها النووية جمعاء؟ هل سيكون هذا كافياً؟ طبعاً لا! فعلى إيران أن تغير سياساتها "الاجرامية" ضد إسرائيل.  وقبل أن يحصل هذا لا تستطيع إسرائيل عمل سلام مع الفلسطيين. عذراً سيد كيري هذه هي الحقيقة.

مجلة كونتر بانتش

البث المباشر