مقال: مخيمات الفتوة خطوة وطنية رائدة

بقلم: إبراهيم المدهون

ما يميز حكومة حماس أنها ترسم هدفا واضحا وتسير إليه بإصرار، ولا تلتفت إلى أي من "الهمهمات" هنا وهناك، ولا تتراجع أمام المعوقات والتحديات، بل تتحمل المشقة لتفرض ما تصبو إليه أمرا واقعا، فتخطو به خطوة نحو الغاية الفلسطينية العظمى.

أهم أهدافها الجلية إعداد جيل التحرير "تحرير فلسطين"، وقد يسخر بعضهم من هذا لكن المتابع الحصيف يدرك أن هناك تركيزا كبيرا على هذا الهدف، ولعلني ألتقط كثيرا من أقوال وتصريحات رئيس الحكومة إسماعيل هنية بشأن ما يدل على ذلك.

أكثر ما يميز الحكومة تركيزها المحدد على تنمية الجيل وغرس روح القتال والإيمان في نفسه، فبدأت تبني حلقات القرآن الكريم، وتكريم حفظة كتاب الله، والآن غزة فيها عشرات الآلاف من الحفظة الذين يحملون آيات الله في قلوبهم.

قبل عام من الآن، انطلق برنامج مخيمات الفتوة في مدارس الحكومة، وهو تدريب عشرات آلاف الطلاب على الفنون العسكرية والقتالية، وعسكرتهم بروح وخطوات مدروسة وإشراف متخصصين من وزارة الداخلية.

وأعتقد أن هذه من أهم الخطوات التي تُعد جيلا سيمتلك إن شاء الله روح التحرير والنصر.

برنامج الفتوة يستهدف طلاب العاشر والحادي والثاني عشر، وهذا العام سمح لأعداد محدودة من طلاب التاسع رؤية البرنامج والاطلاع عليه في نوع من الترغيب وشحذ الهمم.

مدة البرنامج ستة أيام متتالية يقضيها الطالب في صقل مهارات عسكرية وقتالية موجهة بأسلوب تربوي حداثي، فيتعلم واجباته وحقوقه، وكيف يكون خادما لأهله ووطنه لتُستثمر عطلة منتصف العام بما تفيد الطالب وتُعلي قيمته ومهاراته. 

هذا هو العام الثاني الذي تنطلق فيه المخيمات بحضور وزيري التعليم والداخلية، كما أقيمت فيما لا يقل عن 50 مدرسة على امتداد القطاع، وتغرس في هذه المخيمات الروح الوطنية لإعلاء القيم الأخلاقية والسلوكية بالإضافة إلى التدرب على ما يناسب الطلاب من فنون رياضية وكشفية.

هذه البرامج وطنية الإستراتيجية، وفي حقيقة الأمر إنها أحد أسباب حصار الحكومة وقطاع غزة ومعاناته وتكالب الجيران والأعداء عليه، فالاحتلال يقلق من هذا التوجه.

وسنجد عشرات التقارير الصهيونية التي تحذر الأوروبيين من هذه البرامج، وسنشهد صورا لطلابنا وهم مصطفون كالأسود ومكتوب أسفل الصور باللغة الإنجليزية "إعداد جيل إرهابي في غزة"، للتحريض علينا وعلى الحكومة الفلسطينية.

علينا ألا نلتفت إلى مثل هذا الترهيب والتخويف والتحريض، فهم يريدون مخيمات وفعاليات تعلم الرقص والميوعة وتهتم بالتطبيع والتغريب والانسلاخ عن قيمنا وذاتنا.

هذه المخيمات نموذج محترم عن التوجهات الإيجابية في بناء جيل يعود إلى ذاته الوطنية والمسلمة، ويتعلم ما عليه من واجبات اتجاه أمته ودينه، وصقل شخصيته بما يخدم دوره في تحرير وطنه، ويرسخ في نفسه حقوقه الشخصية والعامة ليخرُج لنا جيل متوازن قادر على مواجهة التحديات، وعنصر فعال في منظومة التحرير.

البث المباشر