لا يزال مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق يعاني من نقص شديد في المواد الغذائية، وذلك رغم نجاح منظمات إغاثة وفصائل العمل الوطني الفلسطيني بالتنسيق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) ومنظمة التحرير الفلسطينية في إدخال أول دفعة من المساعدات الغذائية منذ أكثر من 180 يوما من الحصار المطبق.
وفي هذا السياق، اعتبرت الأمم المتحدة أن قيام السلطات السورية بمنع المساعدات الغذائية من الوصول إلى المخيم يتجاوز ما يمكن وصفها بجرائم الحرب.
وقال ناشطون ومنظمة التحرير الفلسطينية إن هذه المساعدات وزعت على نحو 200 عائلة فقط، وذلك بعد أن منعت السلطات طيلة الفترة الماضية دخول المساعدات مما تسبب في معاناة شديدة نجم عنها موت العشرات من أبناء المخيم إما بالحصار وإما بالبراميل المتفجرة التي تسقطها الطائرات الحربية التابعة للنظام.
وتعرّضت قافلة للأونروا تحمل مساعدات إنسانية لإطلاق نار يوم الاثنين الماضي عندما كانت تحاول دخول مخيم اليرموك للمرة السادسة خلال أشهر.
وقال رئيس وفد منظمة التحرير الفلسطينية إلى دمشق أحمد مجدلاني في مؤتمر صحفي برام الله إن مائتي طرد غذائي أُدخلت إلى مخيم اليرموك عبر ما يعرف "بمدخل البطيخة مرورا بشارع راما" في الجهة الشمالية للمخيم، بالتزامن مع دخول جرافات لإزالة السواتر الترابية عن مداخله.
وأضاف مجدلاني في تصريحات نقلتها عنه مراسلة الجزيرة نت ميرفت صادق أن إدخال المساعدات جرى بالتنسيق مع السلطات السورية وباتصالات حثيثة مع هيئة العمل الوطني والفصائل الفلسطينية داخل المخيم, مؤكدا أن قوافل المساعدات ستتواصل الأحد بمعدلات أكبر، وستتزامن مع ترتيبات لإخراج المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة والحوامل والطلبة والأطفال ومن يرغب من أهالي المخيم في الخروج.
وتم إدخال المساعدات المحدودة, وهي عبارة عن طرود بزنة ثلاثين كيلوغراما للطرد الواحد, وتضم الأرز والسكر والزيت والخبز, لنحو 6500 عائلة مسجلة داخل المخيم بعد دخول لجنة مشكلة من الفصائل الفلسطينية بدمشق إلى المخيم الجمعة حيث التقت عددا من قادة المجموعات المسلحة الفلسطينية.
وقال ناشطون من داخل المخيم للجزيرة نت إن المساعدات دخلت إلى نقطة يسيطر عليها مسلحون تابعون للجبهة الشعبية- القيادة العامة والأمن السوري، وهناك تم تسليمها للهيئات داخل المخيم.
مساعدات محدودة
ووفقا لمدير مركز فجر للإعلام أحمد عوض فقد احتشد آلاف من الأهالي في ساحة الريجة وسط المخيم، في حين سار عدد كبير من النسوة في منطقة وقف الاشتباك وسط الدمار الهائل شمال المخيم لاستلام المساعدات. وطالب الأهالي بعدم معاملتهم كمتسولين وإدخال المساعدات بصورة إنسانية تحفظ كرامتهم, وتوزيعها بشكل منظم
وقال ناشط في اليرموك طلب عدم ذكر اسمه لوكالة رويترز إنه لم يصل إلى المخيم سوى 50 طردا غذائيا، وأضاف "دخلت الإمدادات من نقطة تفتيش خاضعة لسيطرة الحكومة والنساء يتجمعن لتلقي الإمدادات".
وكشف أحمد مجدلاني عن اتفاق توصلت إليه الفصائل مع المجموعات الفلسطينية المسلحة، ويتضمن فتح ممر آمن من حاجز البطيخة مرورا بشارع راما ووصولا إلى ساحة الريجة وسط المخيم، على أن يضمن المسلحون الفلسطينيون أمن وحماية هذا الممر.
كما تم الاتفاق على إدخال المواد الغذائية والطبية إلى الفلسطينيين المحاصرين، وتقوم باستلام وتوزيع تلك المواد هيئةُ العمل الأهلي والوطني بالإضافة إلى لجان الإغاثة الشعبية والمنظمات الأهلية داخل المخيم.
ويضمن الاتفاق إخراج المرضى ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن والحوامل والأطفال وطلبة الجامعات على دفعات بدءا من الأحد بالتنسيق مع السلطات السورية. ومقابل ذلك يتم خروج التنظيمات المسلحة غير الفلسطينية عن مخيم اليرموك.
إدانة أممية
من ناحية ثانية، اعتبرت الأمم المتحدة أن قيام السلطات السورية بمنع المساعدات الغذائية من الوصول إلى مخيم اليرموك يتجاوز ما يمكن وصفها بجرائم الحرب. وقالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة نافي بيلاي الجمعة في جنيف "إن منع المساعدات الإنسانية عن المدنيين الذين هم في حاجة ماسة إليها يتساوى مع جرائم الحرب".
وأضافت بيلاي أن الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات قامت بمحاولات عديدة خلال الأشهر الماضية لتمرير قوافل تحمل مواد غذائية وأدوية للأطفال والنساء والشيوخ الذين يعانون داخل المخيم إلا أن السلطات منعت وصولها.
الجزيرة نت