قائد الطوفان قائد الطوفان

عباس يُسوق التطبيع مع (إسرائيل)

عباس يلتقي  وفداً اسرائيليًا
عباس يلتقي وفداً اسرائيليًا

الرسالة نت- فايز أيوب الشيخ

من المسلمات أن الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، بل الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم، يرفضون كل أشكال التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، غير أن ثلة قليلة هي التي تؤيد هذا التطبيع وتُسوقه على حساب الثوابت الفلسطينية.

آخر أشكال هذا التسويق للتطبيع جاء من محمود عباس رأس الهرم في حركة فتح وسلطتها برام الله، حيث التقى وفداً صهيونياً، يشمل عدداً من المتطرفين و200 طالب (إسرائيلي) في مقر المقاطعة برام الله.

وبينما لاقى خبر اللقاء استياء شعبياً وفصائلياً واسعاً، منع أمن السلطة الصحفيين من تغطية اعتصام مناهض له، فقد أثارت أيضاً تصريحات عباس -خلال هذا اللقاء- حول حق عودة اللاجئين غضباً كبيراً في أوساط الفلسطينيين والمدافعين عن قضيتهم العادلة، علماً أنه لطالما تشدق عباس بقضية اللاجئين، وزعم أنها القضية المحورية لسلطة فتح والوفد المفاوض.

وكان عباس قال "إن الفلسطينيين لا يسعون إلى إغراق (إسرائيل) باللاجئين الفلسطينيين"، مشدداً على أنه لا يريد تقسيم القدس لجعل الجزء الشرقي عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية، وهو أمر رحب به رئيس دولة العدو "شيمعون بيريز"، مؤكداً أنها تظهر "جدية" عباس في الوصول إلى السلام.

يشار إلى أن عباس ونتنياهو تبادلا في وقت سابق الدعوة لزيارة البرلمانين وإلقاء خطاب من على منبره، واعتبر حينها -ساسة ومراقبون- قبول عباس زيارة (الكنيست الإسرائيلي) اعترافاً واضحاً منه بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل).

استفزاز للمشاعر

ويرى النائب في المجلس التشريعي والقيادي في حركة حماس فتحي قرعاوي، أن زيارة الوفد الصهيوني لعباس لا تتماشى مع طبيعة الشعب الفلسطيني الحر، واصفاً تلك الزيارة بأنها "معيبة بحق الإنسان الفلسطيني من حيث طبيعة الاستقبال والجهات التي تم استقبالها والتصريحات التي أطلقها عباس خلال الزيارة".

"

قرعاوي: عباس يشرح وجهة نظره (للإسرائيليين) أكثر من شعبه

"

وأشار قرعاوي في حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أن الكلام الذي وجهه رئيس السلطة للوفد الصهيوني "استفز مشاعر الفلسطينيين ومشاعر كل إنسان حر وغيور على القضية الفلسطينية، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا والثوابت التي تمس الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والتي على رأسها حق عودة اللاجئين".

وذكر القيادي في حماس أن استمرار عباس في نهجه التطبيعي مع الاحتلال، فيه تجاهل واضح للنداءات المتكررة المطالبة بوقف كل أشكال التطبيع مع هذا المحتل الغاصب، لافتاً إلى أن عباس يفضل دائماً شرح وجهة نظره (للإسرائيليين) أكثر ما يوجهها إلى قيادات الشعب الفلسطيني وفصائله.

وتوقع قرعاوي أن تكون اللقاءات السرية التي يجريها عباس وقادة السلطة مع (الإسرائيليين) أكثر بكثير من العلنية، مبيناً أن من هذه الاجتماعات ما هو معلن ومنها ما هو سري، وهذا يدل على الاستهانة بالشعب الفلسطيني واستفزاز لمشاعره. وأردف "يقف على رأسها اللقاءات الأمنية والتنسيق الأمني الذي يدفع الشعب الفلسطيني ثمنه في الصباح والمساء".

وعبر قرعاوي في ختام حديثه عن أسفه، لاستهتار عباس بمشاعر شعبه، بينما قادة الاحتلال لا يفعلون، منوهاً إلى أن هؤلاء القادة الذين ينتمون إلى أحزاب متطرفة يتبارون ويتسابقون في السيطرة على الأرض الفلسطينية وتهويد المقدسات أرضاءً لشعبهم على حساب الشعب الفلسطيني.

مجرد وجهة نظر!

والغريب هنا أن النائب الفتحاوي حسام خضر الذي يختلف مع عباس في الكثير من المواقف، عبر-هذه المرة- عن تأييده للأخير في استقباله للوفد الصهيوني بمقر المقاطعة، ولكنه عارضه في فكرة التنازل عن حق عودة اللاجئين.

وشرح خضر لـ"الرسالة نت" وجهة نظره فقال "إذا كنت أختلف مع عباس في الكثير من المواقف، إلا إنني أؤيد مثل هذه اللقاءات التي من شأنها إيصال وجهة نظرنا سياسياً للإسرائيليين وخاصة للأجيال الشابة منهم، ولكن على قاعدة التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية!".

ورغم أن خضر عبر عن معارضته لفكرة التنازل عن حق العودة واعتباره حقا فرديا وجماعيا مثلما هو حق قانوني وسياسي للشعب الفلسطيني، إلا أنه يرى بأن يُترك حق العودة لحينه ولمفاوضاته، على حد تعبيره.

وحول الغالبية العظمى الرافضة لرأيه السابق بخصوص اللقاءات مع (الإسرائيليين) قال خضر "أحترم كل رأي في الشعب الفلسطيني سواء كان مؤيدا وهم قلة قليلة وأنا منهم، أو معارضا وهم الغالبية في فتح ومن شعبنا، إلا أن هناك هدف سياسي ومن حقنا أن نستخدم كافة الوسائل المشروعة لتحقيقه".

"

خضر: نحن مع حالة التفاوض والاشتباك سياسياً وجماهيرياً

"

وأردف "التفاوض مع (الإسرائيليين) أحد هذه الوسائل، تماماً كما أن المقاومة بكل أشكالها وسيلة(..) فأنا مع حالة التفاوض والاشتباك سياسياً وجماهيرياً"، وفق رأيه.

ولم يخفِ خضر أن التنسيق الأمني وحالة التفاوض الجارية مع (إسرائيل) منصوص عليها في الاتفاقيات، وأن كل ما هو على الأرض نتاج حالة مفاوضات، في حين عبر عن معارضته للمفاوضات الحالية بسبب أن المفاوضين ليس لديهم منطلقات وطنية في التفاوض. وأضاف "القضية ليست أن أفاوض أو لا أفاوض، ولكن القضية كيف أدير مفاوضات ناجحة".

كما أعرب خضر عن رفضه القاطع لأية لقاءات أو مفاوضات سرية، أو التسليم بأن المفاوضات هي الخيار الوحيد كما يريد عباس، مؤكداً أن لدى الشعب الفلسطيني خيارات كثيرة ومن حقه أن يستخدمها في الوقت الذي يحقق أهدافه الوطنية والمتمثلة حالياً في إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.

مسلسل خيانة

من ناحيته، فقد اعتبر عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح، أن اللقاء الذي جرى بين عباس وأطراف (إسرائيلية) في المقاطعة هو "جزء من مسلسل الخيانة"، مشيراً إلى أن ذلك لا يعد جديداً في عُرف حركة فتح وسلطتها بعد الاعتراف بـ(إسرائيل) والتنازل عن كل حقوق الشعب الفلسطيني.

وذكر قاسم لـ"الرسالة نت" أن حق العودة شُطب عام 1988عندما اعترف المجلس الوطني الفلسطيني بـ(إسرائيل)، مشيراً إلى أن المعادلة بذلك تكون بسيطة وهي "عندما تعترف بكيان للاحتلال فإنك تعترف بسيادتها وهي عضو في ميثاق الأمم المتحدة وتلتزم بميثاقها".

"

قاسم: جزء من مسلسل الخيانة بعد الاعتراف بـ(إسرائيل)

"

ووصف قاسم المؤيدين والمدافعين عن موقف عباس في استقباله (للإسرائيليين) بأنهم "المستفيدون من الخيانة، والذين يحصلون على رواتب عالية وامتيازات من السلطة و(الإسرائيليين) (..) ضاعت البلاد والعباد وهم يدافعون، وحتى لو ضاع الوطن العربي كله نجدهم يدافعون"، على حد تعبيره.

أما المعارضين والمستنكرين لموقف عباس في استقباله (للإسرائيليين)، فقد انتقد قاسم إصدارهم لبيانات التنديد دون عمل، بل واعتبر أعمالهم في اليوم التالي معكوسة وتتناسب مع ما يريده عباس والسلطة.

وفي السياق، استنكر قاسم على الفصائل الفلسطينية إصدارها بيانا تصف فيه خطوة عباس بأنها  "موقف شخصي لعباس"، متسائلاً ومجيباً في نفس الوقت "هل هناك أسخف من ذلك؟.. إذا كان موقفا شخصيا لعباس فعليه أن يقوله في بيته وليس وهو رئيس سلطة!".

البث المباشر