خلود.. فلسطينية اختارها سرطان نادر من بين مليون

خلود
خلود

الرسالة نت- حمزة أبو الطرابيش

أنهت خلود غزل قطعة صوف كانت تعدها لمولودها الذي ستضعه خلال أسابيع  بعد ساعات  عمل طويلة لاسيما أنها تعلمت حديثًا حياكة الصوف من جارتها.

حالة الإرهاق سيطرت على جسدها نتيجة عملها المتواصل في الحياكة وأوجاع الحمل المستمر, ما استدعى أن تخلد للنوم سريعًا علّ تجد الراحة.

وعلى حين غرة شعرت بألم شديد في ثديها الأيمن, دخلت بسببه في موجة بكاء شديدة وراح يتصبب العرق من جبينها.

خلود  تقطن وسط مخيم جباليا شمال غزة هي وأطفالها الستة الذي انهك الفقر أجسادهم, أكبرهم قمر"12عامًا" وأصغرهم محمد لم يبلغ عامه الأول زوجها متعطل عن العمل, يستر حالها وأطفالها جدران منزل أشبه بكومة من الخردة.

لم تطمئن الشابة التي دخلت في منتصف عقدها الثالث من الألم الذي أصابها فتوجهت إلى مستشفى الهلال الأحمر وسط مدينة غزة .

وتروي خلود لـ "الرسالة نت" قصتها, قائلة: "أجريت الفحوصات وجرى تصويري (صورة مقطعية) ليتبين أن كتلة من الألياف الذهنية  تكونت في ثديي الأيمن لم تعرف طبيعتها".

وبعدما اكتشفت أن هناك كتلة مجهولة في صدرها, طلبت الجهات الطبية من خلود أن تتوجه  بسرعة إلى مجمع الشفاء الطبي ليجري متابعتها من الأطباء المختصين ويحدد ماهي طبيعة كومة الدهون في  صدرها.

 ذهبت الشابة على عجلة من أمرها إلى مستشفى غزة, و مزيج من علامات الخوف والاستغراب رسمت على وجهها ذو البشرة القمحية منتظرة ما هو مقبل لها.

تقول: "وصلت إلى المستشفى وتوجهت إلى قسم الأورام وقابلت طبيب هناك, كان رده غريب  أدخلني في موجة من الحيرة ".

وعندما أجرى الطبيب الفحوصات قال لها: " كتلة عادية في صدرك, شوفي نسوان غزة بتلاقي معظمهم بعانوا مثلك".

عادت إلى منزلها يراودها وسواس حول الشيء الغريب الذي يسكن صدرها, ويجتاحها ألام تارة من صدرها وأخرى من أحشائها حيث يسكن جنينها.

بدأت الأورام تظهر على صدر خلود بعد أيام أجبرتها  أن تعود مرة أخرى إلى مستشفى الشفاء, وتقابل الطبيب نفسه الذي أصر على أن الورم ناتج عن حساسية طبيعية وليس هناك داعٍ للقلق.

تضيف الشابة: "فقدت الأمل في الذهاب إلى مجمع الشفاء وأنا انظر إلى الكتلة التي في صدري تكبر يوم بعد أخر".

 في كل مرة  كانت تذهب إلى جاراتها تستدين بعض الشواقل لتستقل بهما مركبة توصلها إلى المستشفى.

 بعد أسبوعين أنجبت خلود طفلًا أطلقت عليه اسم محمد , منعها الأطباء من إرضاعه, بسبب الأورام الموجودة في صدرها خوفًا على صحة المولود.

وتتابع " بعدما أنجبت محمد توجهت إلى مستشفى العودة, فأشرف علي طبيب  وقال لي أني حالتي يرثى لها , وطلب مني أن احضر صورة رنين مغناطيسي بأسرع وقت".

وتحتاج صورة الرنين إلى مبلغ مالي قرابة  الـ500 شيقل  الذي يصعب على الشابة توفير , مما اضطرها  لبيع أكياس الطحين والسلة الغذائية التي تقدمها لها وكالة الغوث "الأونروا", وتستدين من بعض الجيران.

تمكنت خلود من جمع المال وأجرت أخيرًا صورة الرنين المغناطيسي لتبين أن تكوين الأورام والكتلة على صدرها نتيجة إصابتها بمرض سرطان الثدي, وأن وضعها الصحي متأزم. وفق ما قال لها الطبيب.

وتردف لـ الرسالة نت " قال لي الطبيب أنني احتاج لعملية جراحية سريعة لاستئصال الثدي قبل أن يتمكن المرض مني وأن هذا نوع  نادر يصيب شخص من كل مليون".

خلود لا تمتلك ثمن العملية, لاسيما أنها احتاجت 3 أيام لجمع مبلغ 500 شيكل, وتقول "حالة هستيرية أصابتني حول كيفية توفير مال العملية, مش متخيلة أموت وأترك أطفالي".

جلست الأم مع أطفالها ساعات طويلة تحتضن كل طفل على حدى والحسرة كانت لا تكاد ان تفارق ملامحها,  وفجأة .. اتصال من رقم مجهول على هاتفها  كان مفاده, أن تذهب إلى مستشفى بلسم الواقع شمال غزة بعد يومين, لإجراء عمليتها الجراحية.

تبين أن من تكفل بالعملية هو طبيب أسنان, علم قصة خلود عن طريق "الصدفة".

نجحت العملية بإشراف مجموعة من الأطباء ذوو كفاءة عالية, كونها الحالة الأولى في غزة تحمل هذا النوع من السرطان.

وتحتاج خلود إلى أن تواظب على علاجها للتخلص من شوائب السرطان خوفًا من تأزم حالتها, إلا أن الفقر وقلة الحيلة يهددان حياتها لاسيما أنهما يعرقلان توفير العلاج.

بعدسة : محمود أبو حصيرة

البث المباشر