الأغوار لا تقبل القسمة !

الاحتلال يهدم منازل المواطنين في الأغوار (أرشيف)
الاحتلال يهدم منازل المواطنين في الأغوار (أرشيف)

محمد بلّور- الرسالة نت

الاحتلال مستعد أن يحرق الأصابع العشر لكل من يحاول الاقتراب من ملف الأغوار، فالأبعاد استراتيجية على صعيد الأمن والاقتصاد في ملف الأغوار.

 العدو يحب كسله تحت شمس الشتاء في الأغوار إلى درجة العشق لذا لن يفرط فيها فوجوده فيها ليس ممتعاً فقط لكنه مهم للبقاء حياً , بسيطرته عليها يمتلك الوقت والمساحة الفاصلة بينه وبين أي خطر قد يفاجئه مستقبلاً من الشرق .

 ورغم أن مساحة الأغوار تقدر بـ7% من مساحة فلسطين المحتلة وقرابة ثلث مساحة الضفة إلا أن كافة المؤشرات تؤكد أن (إسرائيل) لا يمكن أن تفرط بأي شبر منها لما لها من أهمية أمنية واقتصادية فهي مانع طبيعي أمام أي تقدم معاد.

 أحدث تأكيدات (إسرائيل) على نزعها من أي مفاوضات مقبلة جاء  يوم الجمعة الماضي في مسيرة شارك فيها نحو 3 آلاف مستوطن، تقدمهم رئيس الائتلاف الحكومي ياريف ليفين ووزير الداخلية غدعون ساعار حيث قال الأخير إن "الأغوار (إسرائيلية).

كتبت "يديعوت أحرونوت" أنه على خلفية إمكانية وضع المنطقة ضمن الاتفاق السياسي المستقبلي مع السلطة الفلسطينية، فإن كبار المسؤولين في الليكود سعوا للتأكيد على معارضتهم لما أسموه "أي تنازل جغرافي في الأغوار".

فاصل طبيعي

قدرها أن تكون منطقة شاسعة تحتل قرابة ثلث مساحة الضفة الغربية المحتلة وهي غنية بكثير من الموارد التي تعد معيناً أساسياً للحياة الغذائية وأمن الوجود لدولة الاحتلال المقامة اغتصاباً فوق أرضها.

 ويقول المحلل السياسي د. عبد الستار قاسم إن الأغوار أهميتها الأولى هي عسكرية فهي فاصل طبيعي بين فلسطين والبلدان المجاورة لها حيث كانت أهم أهداف حرب 67 هي وقوف الجيش (الإسرائيلي) عند موانئ طبيعية لا تستطيع الجيوش العربية بعدها القتال داخل فلسطين.

 ويضيف: "من أجل ذلك تواصل زحفهم حتى وصلوا قناة السويس واستولوا على الأغوار ونهر الأردن والمرتفعات فتلك موانع طبيعية تعرقل تقدم أي جيش كما أن حالها الآن في ظل وجود الأردن يعزز دور الحارس على أمن (إسرائيل) من جهة الأردن لكن (إسرائيل) تخشى من بقاء هذا الحارس" .

 ويشير المحلل قاسم إن (إسرائيل) تخشى من تسلل أي مسلح عبر الأغوار إلى الداخل المحتل في الضفة و(إسرائيل) عبر الأغوار التي تتمتع بمناطق وعرة يمكن الاختباء فيها خاصة المنطقة القريبة من البحر الميت وشماله وهي اليوم خارج أي طرح لتبادل الأراضي.

أما الخبير في شئون الاستيطان خليل التفكجي فيشير إلى خشية (إسرائيل) من تكرار مشكلة "محور فيلادلفيا" التي تجسد منطقة الحدود الفلسطينية-المصرية والتي ظهرت بها أنفاق ونشط بها تهريب السلاح وأفراد غير مرغوب بهم إسرائيلياً.

 ويؤكد أن (إسرائيل) تسعى في كل مرحلة من مراحل التسوية إلى تحييد الأغوار عن النقاش والمفاوضات لأنها تريد أن تبقى الأغوار مجردة من السلاح وحامية للظهير (الإسرائيلي) .

الغذاء والدولة

ويصنف الباحث في الشئون (الإسرائيلية) ناجي البطة الأغوار بأنها المكون الثالث للتضاريس الفلسطينية بعد منطقة السهل الساحلي وسلسلة جبال وسط فلسطيني ومساحتها تقدر 7% من مساحة فلسطين المحتلة

 ويضيف: "تحمل قضية الأغوار بعداً غذائياً-اقتصادياً فهي تقدم 60-70% من سلة غذاء الضفة الغربية وفقدانها سيفقدنا كامل السلة الغذائية وسترتفع معه مستويات غلاء المعيشة إلى عشرة أضعاف".

 أما البعد الأمني فيتلخص حسب رؤية الباحث البطة في سعي الاحتلال عمل منطقة حاجزة من جبال القدس عبر حاجز طبيعي يمتد من نهر الأردن إلى البحر الميت ثم إلى وادي عربة وصولاً إلى بلدة أم الرشراش المحتلة وبعدها الأمني هنا دفاعي خشية أن تستيقظ (إسرائيل) على وجود قوات معادية لها تلج إلى المنطقة السهلية الممتدة من ميناء أسدود العسكري الثاني إلى ميناء حيفا الأول .

 ويتابع: "يحاول الاحتلال لأجل كل ما سبق ألا يتنازل عن الأغوار ويهدم حلم أي دولة فلسطينية بنزع كل العوامل الجغرافية والديموغرافية والطبوغرافية في تلك المنطقة حتى لا تكون هناك أي فرصة لدولة قابلة للحياة".

 ويعزز الخبير في شؤون الاستيطان خليل التفكجي نظرة (إسرائيل) للأغوار من الناحية الاقتصادية عندما يقول إن (إسرائيل) لا تريد شريكاً لها في المياه خاصة في "قناة البحرين" حتى لا تستفيد السلطة مستقبلاً من أي موارد مائية أو كهربية في منطقة الأغوار وتضطر لشرائها منها.

 ويضيف: "لا ننسى أن الأغوار فيها منطقة سياحية علاجية في البحر الميت وفيها مناطق زراعات مبكرة وأحواض مائية في الجهة الشرقية تسيطر عليها وعلى نهر الأردن تحتل مكانة اقتصادية".

 من أجل تلك الأهمية الأمنية والاقتصادية فإن الأغوار لا تقبل القسمة فهي إما أن تكون (إسرائيلية) بفعل الاحتلال والاغتصاب ورفض التنازل في ملف التسوية وإما أن تكون حرّة في أي مرحلة قادمة حين يأتي المدد من الضفة الشرقية وهو أمر يتمناه الكل لكنه بعيد عن الواقع في هذه المرحلة.

البث المباشر