قال الدكتور يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية، إن حماس لا تفكر بسحب الرعاية المصرية لملف المصالحة الداخلية، داعيًا القمة العربية التي ستعقد قريبًا لاتخاذ دور إيجابي نحو القضية الفلسطينية وإخراج الفلسطينيين من صراعات الربيع العربي.
وكشف رزقة أن المعطيات التاريخية تشير الى أن الأزمة الحالية التي يعانيها قطاع غزة ليست وليدة قرارات المحكمة المصرية، مؤكدًا أن الموقف العربي لم يدافع كنظام عن التهم ضد حماس وتفهم الموقف "الاسرائيلي" الأمريكي عبر التاريخ.
وأوضح رزقة خلال ندوة نظمها "نادي الإعلاميين الشباب" بغزة الأحد، أن مصر وعبر التاريخ تواجه حماس، مستشهدًا بالمؤتمر الدولي الذي عقد في شرم الشيخ إبان الانتقام للشهيد يحيى عياش واتخذاها قرارات، أهمها وضع حماس على قائمة الارهاب, مرورًا بكامب ديفيد وأسلو التي لم تحظ إحداهما بتأييد الحركات الاسلامية .
وأثار قرار محكمة الأمور المستعجلة في مصر حظر نشاط حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والتحفظ على مقراتها استياء فلسطيني فصائلي.
ورد رزقة على سؤال كيف تتعامل حماس مع الواقع المفروض: "ينبغي أن تلتزم بالدبلوماسية الصابرة والحذر لأن السياسية متحركة والواقع المصري من أشد البيئات قبولًا للتغيير" .
وكشف النقاب عن أن حماس أدركت بأنه لابد أن تخطط لسياسة لينة تقوم على الدبلوماسية في التعامل مع المتغير المصري وتداعياته بعد أحداث يوليو سواء في الساحة المصرية أو العربية ".
وبين رزقة أن أحد العناصر الذي استند إليه الحكم هو مقتل 16 جنديًا مصريًا على الحدود المصرية مع القطاع، واصفًا الأدلة القانونية بالضعيفة جدًا وأن حماس لم تحظ بحق الدفاع عن النفس.
وأضاف: "يكفي ما أصابنا من اتهامات باطلة نتجت عنها صور التحريض والحرمان من السفر", داعيًا الشباب الفلسطيني لتفعيل دورهم عبر وسائل الاعلام الجديد للدفاع عن حقوقهم ومناقشة قضاياهم الوطنية ودحض الشائعات ضد غزة.
وشدد المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني على أن علاقة حماس بمصر عبر التاريخ لم تكن علاقة تحالف أو ودية، معتبرها علاقة دون المستوى العادي بين الأنظمة .
وتابع رزقة خلال الندوة: "لم تكن الأنظمة صاحبة فضل على حماس فالخيار العربي تجسد لصالح منظمة التحرير"، مبينًا أن مصر تعاملت مع الملف الفلسطيني للحركات الوطنية والاسلامية عدا فتح بصورة أمنية عبر المخابرات العامة.
وتعقيبًا على علاقة حماس بالإخوان بين بأنها امتداد فكري للإخوان المسلمين ولا توجد علاقة تنظيمية بينهما.
لم نشهد تغيُّرًا!
ونبّه المستشار السياسي الى أن مسألة انفراج العلاقة بين مصر وحماس نسبية عازيًا ذلك الى أنها واجهت ولازالت التضخيم اللامعقول وزج حماس في أحداثها عبر الاعلام المصري .
وبين أن الإعلام المصري نسب معظم مشاكل المجتمع المصري كانقطاع التيار الكهربائي والسولار إلى غزة وحركة حماس فيها .
وبعد ثورة يناير اتُّهم الرئيس محمد مرسي بانحيازه لحماس وبدأت وسائل الاعلام بتضخيم الفكرة، وقال في نفس السياق: "لم نشهد تغيرًا جوهريًا إبان حكم مرسي إلا بانفراجات بسيطة من خلال الضغط على الطرف المصري ".
وتابع: "مرسي كان يرى أنه لابد لغزة أن تصبر إلى أن يصل النظام في عهده الى استكمال المؤسسات الدستورية ومنها مجلس الشعب ليعرض خلاله القضايا التي تخص حماس".
وحول موقف دول الخليج العربي أشار الى أنها تلتزم الصمت ولا تدخل عادة في معارك إلا بحسابات دقيقة، مستغربًا من أن التحفظ تحول إلى قوة مواجهة مدعوم ماليًا وفكريًا .
وأشار رزقة الى أن قطر في سياستها مثّلت خروجًا عن قاعدة التحفظ ومارست دورًا مساندًا للحركة الاسلامية في مصر وفلسطين وتونس وسوريا بعد الربيع العربي, موضحًا أن الأطراف الممثلة للأنظمة القديمة لم تتقبل ذلك إلى أن خرجت قطر بخسارة دبلوماسية على صعيد الخليج العربي.
ارتباك ومصالحة
بدوره، فإن المحلل السياسي طلال عوكل أوضح أن حماس تجد نفسها في حالة عراك مع مصر، منوهًا الى أنه ضد مصلحتها في حين أن ردود الفعل غير المحسوبة تصب في اتجاه تعميق الأزمة.
وبين عوكل بوجود ارتباك في الخطاب السياسي لحركة حماس في الأشهر الأخيرة , مشيرًا بأن الاستعراض العسكري لحماس خطأ كبير حيث قدّم رسالة تفهم من الجانب المصري على نحو مختلف , مبديًا امتعاضه من دور الإعلام المصري وأساليبه في تأليب الوضع .
وقال خلال ندوة "نادي الاعلاميين الشباب" :" نحتاج الى أقصى درجات الهدوء والمظاهرات الأخيرة في القطاع أمام السفارة المصرية لا تساعد في الوصول إلى حل", منبهًا الى أنه لا يوجد أي خيار لمعالجة الوضع إلا المصالحة الفلسطينية .
وأشار المحلل السياسي إلى وجود خيار التصعيد مع العدو "الاسرائيلي" لمعالجة الوضع الحالي "إلا أنه مكلف جدًا بالنسبة لحركة حماس", مشيرًا الى أن التصعيد سيعمل على إحراج السلطة وضربة للمفاوضات .