قائد الطوفان قائد الطوفان

يديعوت أحرونوت : بانتظار انتفاضة ثالثة

مواجهات  في الضفة المحتلة (أرشيف)
مواجهات في الضفة المحتلة (أرشيف)

بقلم : سيما كدمون

جرى استقبال كلام جون كيري حول مسؤولية إسرائيل عن ازمة المحادثات مع الفلسطينيين في دهشة وشعور بالاهانة هنا. لأنه كيف أصبحت إسرائيل المذنبة الرئيسة في لعبة الاتهامات هذه التي كنا ننتظرها جميعا وكأنها عرض لجاستن تمبرلك في متنزه اليركون في حين توجد إسرائيل عميقا في داخل لعبة اتهامات من قبل نفسها، السلطة الفلسطينية فيها هي المذنبة الرئيسة.

وحينما أصبحنا على يقين بالضبط من أننا نجحنا في الكشف عن وجه أبو مازن الحقيقي، جاء كيري هذا فعرض تسلسل الاحداث التي أفضت إلى الازمة يوما بعد يوم، من عدم تنفيذ الدفعة الرابعة إلى نشر مناقصة الـ 700 وحدة سكنية في غيلو فكان الـ"بوف".

ولو أن الامر انتهى إلى "البوف" لما كان ذلك فظيعا. لكن التنافر بين حركة يدي كيري وهي حركة واسعة تصور التفجير وبين كلمة "بوف" – التي نُفخت بصورة ليّنة من بين شفتيه وكأنها صفير خفيف أو حتى تنهدة ما – روى القصة كلها: انفجار المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين قد يبدو الآن مثل بوف، لكنه سينتهي إلى بوم.

لأنه في اللحظة التي ينهار فيها التفاوض بصورة نهائية، ويقرر موته رسميا، سيمكن البدء باحصاء الثواني إلى الخلف إلى أن سُمع البوم: أعني صوت التفجير الذي يعلن بدء انتفاضة ثالثة، ويكون علامة على فترة جديدة بلا أفق وبلا أمل بين إسرائيل والفلسطينيين.

تنتقل لعبة الاتهام الآن إلى الساحة الأميركية اذا، ويد حكومة إسرائيل الاولى، أعني رئيس الوزراء نتنياهو، تتهم كيري في حين تحاول يدها الثانية، أعني وزير الخارجية ليبرمان، تحاول أن تصالح. ولولا أن كيري قد اشتعل رأسه شيبا لشاب بين عشية وضحاها بيقين، واضطر إلى أن يُبين رأيه أمام ليبرمان في حين يرمي نتنياهو بالأواني في كل اتجاه لكنه يحرص على ألا يكسرها: فهو يأمر الوزراء والمديرين العامين للمكاتب الحكومية ألا يُجروا لقاءات مع نظرائهم الفلسطينيين، في حين يُسمع للفني بالاستمرار على اللقاءات.

إن ما نراه هنا في اليومين الاخيرين هو محاولة اخيرة لانقاذنا مما قد يحدث هنا. فللطرفين مصلحة واضحة في أن يستمر التفاوض لا بسبب كيري فقط الذي لا ينوي أن يرى سنة كاملة من العمل الكثيف تنتهي إلى بوف. وهكذا، برغم الألاعيب والحيرة، من السابق لأوانه جدا أن نؤبن صفقة السجناء أو أن ندفن التفاوض، ومن السابق لأوانه في الأساس الحديث عن انتخابات مبكرة.

2 - أول من لاحظ

كان وزير الخارجية هو الذي أطلق الرصاصة الاولى لامكان اجراء انتخابات وهو الذي يكون أول من يلاحظ الاهتزازات في الرأي العام، دائما. ولاحظ ليبرمان ازمة المغفلين التي تصيبنا فينة بعد اخرى، أعني شعور أجزاء واسعة من الجمهور الإسرائيلي بأننا وسيلة لعب في أيدي آخرين. وتعلمون أنه لا يوجد شيء يصيب الإسرائيلي بالجنون أكثر من الشعور بأنه مغفل. وقد وجه ليبرمان الكلام إلى هؤلاء الناس الذين يردون من بطونهم والذين ضاقوا ذرعا بالشعور بأن إسرائيل تستخذي، حينما قال إن الدفعة الرابعة – التي فيها افراج عن مخربين يشملون عربا إسرائيليين – لم تعد موجودة. وأن ما كان يتم التباحث فيه قبل إجراء الفلسطينيين من طرف واحد، الذين نكثوا التزاماتهم وقدموا طلبات للانضمام إلى 15 وثيقة دولية – باطل. فاذا لم يعجب هذا أحدا ما فلنمضِ إلى انتخابات.

هذا الكلام الذي قاله ليبرمان من نيويورك انتشر انتشار النار في الهشيم. وعلى غير حق لأنه لم يكن تهديدا، فلا يوجد شيء ليبرمان أبعد عنه الآن من الانتخابات. إن كل ما فعله هو وصف الحال وذاك أن الصفقة كما هي لن تجوز؛ وأبو مازن لن يوافق على تفاوض دون افراج عن سجناء؛ واذا لم يوجد تفاوض فسيكون ضغط على لفني في داخل حزبها لترك الحكومة؛ وسيكون البديل عن حزب الحركة إدخال الحريديم؛ وليبرمان يعارض بشدة إدخالهم في الائتلاف الحكومي بزعم أن الثمن الذي سيجب دفعه إليهم من جهة سن القوانين والمال سيكون مجنونا. واذا لم يحدث كل ذلك فلن يكون مناص من الاتجاه إلى انتخابات.

ونقول بعبارة اخرى إن ليبرمان لا يقول إنه سيسقط الحكومة، فهو لا يهدد. وهو لا يعرض انذارا بل يقول فقط إنه لأنه لا يمكن تأييد الصفقة بعد خطوات أبو مازن من طرف واحد، قد نتجه إلى انتخابات. وهذا ما جعله يسارع إلى ايضاح رأيه، فهو برغم توجه الفلسطينيين إلى الامم المتحدة يؤيد الاستمرار على التفاوض. لكن ذلك يعني الاستمرار عليه دون تنفيذ الدفعة الرابعة. وفي مقابل ذلك اذا وافق الفلسطينيون على سحب الطلبات فهو لا ينفي تنفيذ الدفعة برغم معارضته الافراج عن عرب إسرائيليين. ويقول إنه اذا كانت اكثرية في الحكومة فسنحترم ذلك.

3 - الخروج للمعارضة

لكن حينما يتم بدء الحديث عن انتخابات يشغل الجميع أنفسهم بذلك. فقد زعم عضو الكنيست عمرام متسناع هذا الاسبوع أنه لا يجب أن تكون عبقريا كي تدرك أن الحزب الذي نشأ ليدفع بالاتفاق قدما، لن يبقى اذا لم ينجح الاتفاق. ويزعم في مكالمة هاتفية من مكان تواجده عند حدود فيتنام – كمبوديا أنهم في الاشهر التسعة الاخيرة تمززوا الوقت وتحدثوا عن نعم أو لا للاعتراف بدولة يهودية ووضعوا العقبات واحدة بعد اخرى: من الاعلان بأننا سنبقى في غور الأردن، إلى استمرار البناء كالمجانين في المناطق، وهم لا يبلغون إلى الغاية التي هي رسم حدود دولة إسرائيل. فلماذا يتقدم شخص ما معنا، يسأل متسناع.

وسألته أهذا انتقاد لليفني، فقال لا في الحقيقة. فهي لم تكن تستطيع أن تدفع بالمسيرة قدما بصورة أفضل. لكن جلس معها المحامي مولخو مدعوما من نتنياهو. وعلى طريقتهم ستوجد هنا بعد بضع سنوات دولة واحدة بين البحر والاردن. وسألته ما الذي ينوي أن يفعله. فقال سننتظر إلى نهاية هذا الشهر ونرى إلى أي اتجاه يتجه الأمر. وسأحاول اقناع اصدقائي بأن نخرج للمعارضة ونستعد للانتخابات التالية.

ليس متسناع هو الوحيد في الحركة الذي فقد الصبر على المحادثات العقيمة مع الفلسطينيين. فعمير بيرتس ايضا لم يجلس ساكنا. وقال عضو الكنيست اليعيزر شتيرن هذا الاسبوع إنه حينما تستنفد المحادثات نفسها سيجلس اعضاء الكتلة الحزبية ويتحدثون عن ذلك، فهو شخصيا لم يتجه إلى السياسة من اجل المسيرة السياسية.

ويقول إن مشكلتنا الأصعب هي أننا دفعنا أثمانا باهظة على مر السنين لصنع سلام. لمن دفعنا؟ للحريديم في الأساس، يقول، كي يكونوا في الائتلاف الحكومي. وفي نهاية المطاف لم نأت بالسلام وحطمنا الطابع اليهودي الديمقراطي للدولة.

ويقول شتيرن: آمل أن أنجح في فعل ما جئت لفعله في السياسة وهو اجازة قوانين التهويد وقوانين الاحوال الشخصية والسبت وقوانين الطعام الحلال وما أشبه. فاذا جاء السلام في الطريق فحبذا هو.

من الواضح للجميع أن بقاء لفني في الحكومة مؤثر حاسم في بقائها. فاذا تركت لفني فقد يسقط الائتلاف الحكومي مثل برج من الورق لأنه سيصعب على يوجد مستقبل البقاء في حكومة تعترف بفشل التفاوض، ومن المؤكد أنه سيعارض ضم الحريديم. وقد سألت في هذا الاسبوع رئيس الكتلة الحزبية عوفر شيلح ما الذي ينوون فعله.

يقول شيلح إن التفاوض مهما يكن الامر لن يستطيع أن يعود إلى وضع كان مترددا، وأن يكون شيئا يُمضون فيه الزمن فقط. ويقول إنه بعد تسعة اشهر المحادثات لم نصل حتى إلى بدء توضيح للامور فضلا عن اقتراب من الموضوع الجوهري الرئيس وهو الحدود. ويرى شيلح مرشح يوجد مستقبل لرئاسة لجنة الخارجية والامن أنه يجب على إسرائيل أن تعلن أن اختيار الافراج عن السجناء شرطا لدخول التفاوض لم يكن صحيحا – لا أخلاقيا ولا موضوعيا – وأن كل تسوية ممكنة مع الفلسطينيين ستكون على حدود 1967 مع تعديلات حدودية ووقف البناء خارج الكتل الاستيطانية. هذا ما يجب على إسرائيل أن تفعله بدل الدفعة الرابعة ليكون تحريكا للتفاوض من جديد.

وسألته: ماذا سيفعل "يوجد مستقبل" إذا وقف التفاوض؟

يقول شيلح: لا أريد الحديث عن سيناريو نظري. قال يوجد مستقبل طول الطريق إن التفاوض والسعي إلى اتفاق هما جزء جوهري من وجوده في الحكومة، فاذا لم يتم ذلك فسنضطر إلى أن نتباحث فيما نفعله.

ويقول: اذا تركنا الحكومة فستسقط، لهذا يجب تناول الأمر بحذر.

ما العجب اذا أن يُجهد ليبرمان نفسه في هذا الجو، وهو الذي ليست له أية مصلحة في تفكيك الحكومة، كما قلنا من قبل، بارسال نصائح إلى صديقيه الطيبين لبيد ولفني.

جلست ليفني هناك في الداخل، قال هذا الاسبوع لمن تحدث إليهم، وكنا على بعد ساعتين عن إتمام الصفقة فقلب أبو مازن الطاولة. يجب عليها (تسيبي) أن تروي الحقيقة وأن تقول إن الذي خطا هذه الخطوة الحاسمة هو أبو مازن، فقد هدم كل شيء. فلماذا تستقيل اذا؟ يجب على تسيبي أن تقوم وأن تقول استنتاجاتها وأن تروي ما حدث وأن تبقى في الائتلاف الحكومي نفسه.

ينطبع في النفس أنه ينقض على باب مفتوح، فلا أحد من الشركاء يريد انتخابات. وقد لا تتجاوز لفني نسبة الحسم التي صوتت هي نفسها تأييدا لرفعها. ويحتاج لبيد إلى بضعة اشهر اخرى كي يبرهن على جدوى إصلاحاته ومشاريعه. ويحتاج هيرتسوغ برغم عمله الجيد رئيسا للمعارضة إلى زمن كي يعيد حزب العمل إلى منزلة منافس محتمل على رئاسة الوزراء. أما حال البيت اليهودي فحسنة لا تقل عن جنة عدن. وفي يهودا والسامرة يبنون بلا حساب، ووزير الاسكان اوري اريئيل يعوق متى شاء التفاوض بل إن الأميركيين يذكرون اسمه بأنه مُحدث الأضرار.

البث المباشر