قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد معركة الشجاعية

مقال: صهاينة يقرون باستحالة الانتصار على حماس

د.صالح النعامي

حتى قبل أن تضع الحرب الإجرامية التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة أوزارها، فأن النخب الصهيونية سارعت للإقرار بأن معركة "الشجاعية" التي خاضها مجاهدو "كتائب القسام"،الجناح العسكري لحركة حماس ضد ألوية النخبة في الجيش الصهيوني، التي حاولت التوغل في التخوم الشرقية للحي تعتبر من "أشرس" المعارك التي خاضها الصهاينة على مر تاريخهم. وقد وصل الأمر ببعض المفكرين الصهاينة إلى حد القول أن هذه المعركة تؤسس لمرحلة جديدة في المواجهة بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني.

فقد قال يوسي ميلمان معلق الشؤون الإستراتيجية أن معركة الشجاعية دللت على أن مقاتلي حماس الذين واجههم الجيش في هذه المعركة يختلفون تماماً عن المقاومين الذين صادفهم في الحملات البرية السابقة. وفي مقال نشره موقع صحيفة "معاريف" الإثنين الماضي، أضاف ميلمان: "لم يردع التفوق التكنلوجي لجيشنا وقوة النار الهائلة التي بحوزته مقاتلي حركة حماس، ولم يزهدوا في مواجهته، بل قاتلوا بجرأة وتصميم كبيرين".

وقد أجمع معلقون صهاينة على أن مسار الحرب على غزة يدلل على خطأ تقديرات الجيش  الصهيوني بشأن قدرات المقاومة الفلسطينية ودافعيتها القتالية. وفي مقال نشرته صحيفة "هارتس" ، كتب آرييه شافيت كبير معلقيها السياسيين أن :"تنظيماً صغيراً وفقيراً ومتطرفاً، مثل حركة حماس تمكن من تحدي إسرائيل وجيشها العظيم، ليس هذا فحسب، بل أن تكنلوجيا غزة المتخلفة تمكنت من مواجهة التكنلوجيا الإسرائيلية ذات القيمة لعالية"، على حد تعبيره.

وأوضح شافيت أن مسار الحرب دلل على عدم واقعية التقييمات الصهيونية بأن حركة حماس ضعيفة ومردوعة، منوهاً إلى أنه على الرغم من أن الهجمات الصاروخية التي شنتها الحركة على الكيان الصهيوني لم تفضي إلى خسائر كبيرة في الأرواح، إلا أن الحركة نجحت في المس بالسيادة الصهيونية. وأضاف: "لقد قالوا لنا أن لدى الجيش رد على حماس، لكن رده غير واف، ولم يكن لسلاح الجو القدرة على توجيه ضربة حاسمة من الجو".

وحمل شافيت رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو المسؤولية عن هذا الواقع، منوهاً إلى أن الكيان الصهيوني يدفع ثمن عدم استغلالها الهدوء الذي أعقب الحرب التي شنتها على غزة في نوفمبر 2012 لدفع جهود التسوية السياسية للصراع، مشيراً إلى أن هذه الخطوة كان يمكن أن يمنح الكيان الصهيوني شرعية دولية وهامش مرونة كبيرة للقيام بعمليات عسكرية.

وشدد شافيت على أن الكيان الصهيوني لا يعرف طريقة يتمكن فيها من هزيمة حماس بدون الغرق في المستنقع الغزي.

وفي ذات السياق، قال الصحافي آفي سيخاروف أن الاستخبارات الصهيونية أخطأت في تقدير قوة ونوايا حماس، حيث انطلقت من افتراض مفاده أن حماس "محطمة وستركع على ركبتيها، وفوجئت عندما ثبت العكس".ونوه سيخاروف إلى أن التقديرات الاستخبارية الخاطئة بشأن حركة حماس لم تساعد المستوى السياسي في تل أبيب على اتخاذ القرارات الصحيحة.

من ناحيتها اعتبرت صحيفة "هارتس" أن معركة "الشجاعية" تدلل على أن العملية العسكرية التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة قد تحولت إلى حرب حقيقية. ونوهت الصحيفة إلى أن هناك ما يؤشر على أن الكيان الصهيوني يتجه إلى التورط في القطاع تماماً كما تورطت في لبنان عام 1982، عندما أعلنت في البداية أن الحديث يدور عن حملة عسكرية لأيام محدودة وانتهت بالتورط في المستنقع اللبناني لأكثر من عقدين من الزمن.

وحذرت الصحيفة من أن رغبة الكيان الصهيوني الماسة في إيجاد صورة تعكس نصرها في المعركة يمكن أن تفضي إلى إعادة احتلال القطاع "حيث سيتحول القطاع إلى مستنقع  يلتهم جنود الجيش الإسرائيلي".  ونوهت الصحيفة إلى إن الكيان الصهيوني يدرك أنه شرع في هذه الحملة وهو تحظى بتأييد دعم عربي ودولي"، مستدركة أنه في ضوء المشاهد التي ينقلها الإعلام العالمي والتي تدلل على أن الجيش الصهيوني يرتكب "فظائع" ضد المدنيين فأن التأييد الدولي سيتلاشى. وخلصت الصحيفة إلى القول إنه يتوجب على الحكومة الصهيونية مساعدة الوسطاء الذين يتدخلون لإنهاء الحرب، وألا تتردد في منح سكان غزة تسهيلات اقتصادية.

وفي سياق متصل، عزا رون بن يشاي المعلق العسكري في صحيفة "يديعوت أحرنوت" العدد الكبير من القتلى في صفوف الجيش الصهيوني في معركة "الشجاعية" إلى افتقاد جيش الاحتلال للقدرة على مفاجأة مقاتلي "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس.

وفي مقال نشره موقع الصحيفة  الإثنين الماضي، نوه بن يشاي إلى أن العمليات العسكرية استنفذت ذاتها،منوهاً إلى أن الجيش الصهيوني لا يملك معلومات استخبارية مناسبة حول الأنفاق الحربية التي حفرتها حماس، والتي تشكل تهديداً كبيراً للجيش.

من ناحيته حذر الصحافي يوسي فيرتير من انهيار معنويات المجتمع الصهيوني بسبب الخسائر في صفوف الجيش، مشيراً إلى أن هذا المجتمع غير قادر على تحمل وقوع عدد كبير من القتلى في صفوف الجيش. وفي مقال نشرته صحيفة "هارتس"، نوه فيرتير إلى أن المجتمع الصهيوني مجتمع "مرفه"، يريد حسماً عسكرياً كاسحاً وسريعاً، لكنه في الوقت ذاته غير مستعد لدفع ثمن كبير مقابل تحقيق هذه النتيجة.

وأوضح فيرتير أن المعارضة التي أبداها بنيامين نتنياهو لشن حملة برية في البداية تأتي لإدراكه حجم الخسائر التي يمكن أن يتكبدها الجيش الصهيوني في هذه الحملة.

وحذر فيرتير من أن نتنياهو يمكن أن يأمر بتوسيع وتعميق الحملة البرية في القطاع حتى لا تظهر القيادة الصهيونية كقيادة "مترددة"، مما يكرس الانطباع بأن حركة حماس حققت انجازاً كبيراً. وفي سياق متصل، قال يهودا بلنغا، الباحث في قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعتي "تل أبيب" و"بار إيلان" إن حركة حماس لا يمكنها الموافقة على التجرد من سلاحها، وأن كل من يتحدث بثقة عن هذا الأمر "لا يعرف عما يتحدث".

وفي مقال نشره موقع " NRG"، امس الاثنين أوضح بيلغا أن إسرائيل سبق أن أعلنت أن هدف كل حملاتها العسكرية التي شنتها على قطاع غزة منذ 2004 وحتى الآن يتمثل في وقف إطلاق الصواريخ وإلحاق ضربة قوية بحركة حماس، مستدركاً أن  الكيان الصهيوني لم يفشل فقط في تحقيق هذا الهدف، بل أن حركة حماس تمكنت من ترميم قدراتها وأصبح لديها القدرة على إطلاق صورايخ ذات مدى أبعد مما كان في السابق.

من ناحيته  هاجم المعلق بن كاسبيت نتنياهو ووزير حربه يعلون لأنهما أعطيا الانطباع خلال المؤتمر الصحافي الذي عقداه مساء أمس الأحد أن انتهاء الحرب بات وشيكاً.

وفي مقال نشرته "معاريف" ،حث كاسبت نتنياهو على مواصلة الحرب، قائلاً: "من لا يستطيع تحقيق نصر في هذه الحرب،فليس له الحق في الوجود في هذه المنطقة".

وأضاف: "الكارثة التي ألمت بنا هو أننا نظهر ضعفنا وتردنا وهذا ما تبني عليه حركة حماس"، منوهاً إلى أن ما يغري حماس على مواصلة القتال هو إدراكها أن الكيان الصهيوني غير معنية بمواصلة الحرب حتى النهاية. وفي سياق سياق متصل، نوهت صحيفة "معاريف" إلى أن موقف نظام الجنرالات في القاهرة يمنح الكيان الصهيوني هامش مناورة لمواصلة الحرب على حماس.

وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي "معني بانهيار حكم حركة حماس في غزة، لذا فهو يصر على أن تكون مصر في صورة أي اتفاق تهدئة بين الكيان الصهيوني وحماس، وهو معني بأن تفضي أية تهدئة إلى تقليص هامش المناورة أمام الحركة". وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي-وبخلاف مبارك- شن حملة كبيرة على حركة حماس وحرص على المس بشريان الحياة لجهازها العسكري المتمثل في الأنفاق،التي عبرها يتم تهريب السلاح والوسائل القتالية.

واعتبرت الصحيفة أن رفض حماس المبادرة المصرية عمق التحالف بين الكيان الصهيوني ونظام الجنرالات في القاهرة.

البث المباشر