ليس بعيدا عن المواقع الإخبارية، وشاشات التلفزة، ينشأ عالم جديد من المؤثرات على الرأي العام، من خلال الاعلام الجديد مثل الفيس يوك و"تويتر" واخواتها من مواقع التواصل الاجتماعي التي تتمدد وتتطور ويزداد تأثيرها كل يوم.
فكل من يحاول الوصول الى عوالم اخرى لترويج البضائع والافكار، عليه ان يتقن فن الترويج على مواقع التواصل الاجتماعي، عندها لن يكون الأمر مجرّد نكتة مضحكة.
الصور الكثيرة والشائعة عن الجرائم الصهيونية في غزة والضفة والقدس، تصلح ان تتحوّل إلى صور يومية، تنشر بوتيرة سريعة، ومن حساب واحد، إلى آلاف الحسابات للمناصرين والمؤيدين وأحرار العالم الذين ممكن ان يكونوا جنودا افتراضيين في جيش الحقيقة.
وإذا قام "تويتر" او غيره بفعل الضغط الصهيوني بقفل حساباً "لمخالفته شروط الاستخدام" سينبت مكانه عشرات الحسابات، وبذا لن يستطيع تويتر أواليوتيوب" أو غيره ان يحجب فيديو لإحدى جرائم الاحتلال، حيث يجب اعداد عشرات المواقع الجاهزة لعرض الفيديو، من دون حذف اي مشهد، ومع الترويج له.
عندما نشاهد فيديو لأبو عبيدة الناطق باسم القسام، والذي تحول الى ايقونة للمقاومة الفلسطينية وهو يخطب بالمجاهدين، يجب ان تبذل جهود ترويجية ودعائية ضخمة لتصوير الخطاب كحدث جلل، واشغال كل المواقع والصحف لتحليل هذا الظهور، ليس المكان والزمان ودلالات الشكل ولغة الجسد فحسب، لكن رسائل ما وراء الكلمات ايضا.
اذ على المقاومة الفلسطينية اعادة الاعتبار للنماذج الفردية في اطار سياسة صناعة الابطال، من خلال تحويل كل مجاهد في المقاومة الى ايقونة، والى نموذج حري بالاقتداء على مواقع التواصل، ولنا في تجارب الاسرى المحررين في اطار صفقة وفاء الاحرار كنز مهدور يحتاج إلى من ينفض عنه الغبار.
وبذا تصبح كل تغريدة، جدية كانت ام مجرد تهديد افتراضي، فتيل يشعل تأهّب أجهزة الاستخبارات المعادية.
اذا كانت حدود المقاومة معروفة في غزة المحاصرة او في الضفة المحتلة او في القدس الصامدة، فان حسن توظيف المقاومة لمواقع التواصل الاجتماعي يجعل باستطاعة المقاومة الفلسطينية مد حدودها لتلامس اطراف الارض الاربع.
توجه المقاومة الفلسطينية سلاحها إلى العدو الصهيوني على الأرض الفلسطينية فقط، لكنها بالخط المتوازي تماماً عليها ان تتعلم كيف تتمدد افتراضياً، وان تجعل من "تويتر" مثلا طائرة حربية نفاثة تخترق بها حدود كل الدول، وان تجعل من مواقع التواصل بوابات لتجنيد المناضلين للقتال ضد العدو الصهيوني، اذ ان القتال بالأفكار وبالتوعية وببيان الحقائق وبفضح الجرائم لا يقل اثرا عن القتال بالبنادق، اذ هكذا كون اللوبي الصهيوني مناصرين له حول العالم.
جميل جدا ان يكون لدى دوائر اعلام المقاومة اقسام خاصة بالإعلام الجديد، لكن الاجمل ان يوكل بهذه المهمة الجليلة المحترفون من المتخصصين في توظيف الفضاء العالمي، اصحاب رؤية انفتاحيه لا تشلها المحذورات الامنية، فالطبيب الحاذق لا يستطيع رغم مهارته الطبية ان يشيد برجا من زجاج...
صواريخ التويتر العابرة للقارات بحاجة الى ربابنة مهرة لا تنقصم الشجاعة ولا الجراءة ولا تكبلهم اصفاد البيروقراطية، كي يكونوا مؤهلين ليس للمنافسة بل والفوز في معارك هذا الميدان الفسيح والتي لا تقل اهمية باي حال عن المعارك العسكرية.
وكي نشحن صواريخ التويتر العابرة للقارات بالوقود اللازم للانطلاق يلزم ما يلي:
- قيادة اعلامية منفتحة ذات افق بلا سقف للإبداع.
- ادارة محترفة تتقن فن استخدام وتوظيف الفضاء الافتراضي تماما كما يتقن الجراح البارع استخدم المبضع الالكتروني عن بعد.
- افكار ومعلومات وحقائق واضحة جلية حية، مدعومة بكل وسائل الايضاح والتوثيق بالصور والارقام والبيانات الملونة الجذابة القابلة للترويج دون شرح او تفسير.
- جنود مبدعين، اصحاب رسالة وليس مجرد موظفين، يصلون الليل بالنهار وهم يرتقون صهوة الافكار والمعلومات والحقائق ضمن خطة محكمة لتحقيق التواصل مع جميع الناس وملامسة اطراف الارض الاربع.
- تسخير كافة الامكانات اللازمة المادية والتقنية والمعنوية الكفيلة بنجاح بل والابداع في اختراق كافة الحواجز والحجب للوصول الى الهدف المطلوب والتواصل مع انحاء العالم وايصال الحقائق لها من نقطة الصفر.