سلاح الملاذ الأخير

النووي "الإسرائيلي".. تفضحه سياسة التكتم

الرسالة نت- باسم عبد الله أبو عطايا

استخفت بعض الجهات الرسمية السياسية "الإسرائيلية" بالمبادرة التي قادتها  مصر التي تهدف إلى جعل الشرق الأوسط منطقة منزوعة من أسلحة الدمار, ورأت أن هذه الدعوات ليست ذات مغزى كبير, وأنه ليس في نية أي دولة في المنطقة أن تنزع سلاحها.

لكن هذا الموقف لم يمر مرور الكرام فقد احدث في" إسرائيل" هزة لم ترد أن تعترف بها علنا، وان حاولت التعامل مع هذا الموقف وفقا للسياسة المتبعة منذ زمن حول قدرتها النووية.

لكن صحيفة "هأرتس"  حاولت أن تهدئ من روع الإسرائيليين بهذا الخصوص حين نقلت عن جهات رسمية "إسرائيلية" تأكيدها أنه ليس هناك أي أساس ولو بالحد الأدنى لاتصالات في المنطقة حول هذا الموضوع, وأن الجولة الحالية من الجدل حول هذا الموضوع ستنتهي بدون أية خطوات.

وأشارت تلك المصادر إلى أن الولايات المتحدة تتمسك بالتفاهمات مع حكومة" إسرائيل " منذ عام 1969 التي تتضمن التزام واشنطن بعدم الضغط عليها من أجل الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.  

وكانت مصر قد اقترحت أن يدعم المؤتمر السنوي لـ npt اقتراحات ببدء محادثات خلال العام المقبل بخصوص تجريد المنطقة من أسلحة الدمار الشامل, علما أن إسرائيل ترفض هذه المبادرة وما زالت تمارس سياسة التعتيم على برامجها النووية.

باراك  استمرار السياسة

سياسة التعتيم المتبعة إسرائيليا حول برنامجها النووي منذ بنائه وحتى اليوم، لا اختلاف عليها في الحكومات "الإسرائيلية" المتعاقبة وهذا ما عاد إلى تأكيده وزير الحرب أيهود باراك معلنا استمرار "إسرائيل"  في سياسة "الالتباس" التي تعتمدها بشأن برنامجها النووي بدعم من الولايات المتحدة.

وتعتبر "إسرائيل" القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط ويقدر خبراء أجانب ترسانتها بما بين مائة وثلاثمائة رأس نووية، غير أن الدولة العبرية التي لم توقع معاهدة الحد من الانتشار النووي امتنعت حتى الان عن نفي او تأكيد ذلك متبعة سياسة "التباس متعمد" بهذا الصدد.

وقال باراك لإذاعة الجيش ردا على سؤال حول سياسة "الالتباس" المتبعة حول الأسلحة النووية، "انها سياسة جيدة ولا داعي لتغييرها. ثمة توافق تام مع الولايات المتحدة بهذا الشأن".

وبالرغم من دعوة  الرئيس الأميركي باراك اوباما "إسرائيل" للانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وفي نيسان/ابريل الماضي إلا انه رفض في الوقت نفسه التعليق على موضوع الترسانة النووية "الإسرائيلية".

فقد توصلت الدولة العبرية في 1969 إلى "تفاهم" مع الولايات المتحدة يمتنع بموجبه المسئولون الإسرائيليون عن الإدلاء بأي تصريح علني حول قدرة بلادهم النووية ويتعهدون بعدم القيام بأي تجربة نووية، فيما تتعهد واشنطن بعدم ممارسة ضغوط على" إسرائيل" بهذا الشأن.

غير أن التلميحات إلى هذا الملف ازدادت وضوحا في السنوات الأخيرة ولاسيما من جانب الرئيس الحالي شيمون بيريز وهو يعتبر "مهندس" البرنامج النووي الإسرائيلي الذي أطلق بالتعاون الوثيق مع فرنسا في نهاية الخمسينيات.

القدرات النووية

وحتى منتصف الثمانينيات كانت معظم تقديرات المعلومات الاستخبارية تقول أن إسرائيل لا تملك إلا حوالي ستين قنبلة نووية. لكن الكشف الكبير الذي قام به مردخاي فعنونو وهو تقني يعمل في مفاعل ديمونا, هذا الكشف قلب الأمور رأساً على عقب وجعلها تتغير بين ليلة وضحاها.

وفي عام 1986 نشرت قصته في لندن على صفحات صحيفة صنداي تايمز حيث كشفت الوثائق السرية التي أظهرها فعنونو أن إسرائيل تملك 200 قنبلة نووية مصغرة متطورة. وأظهرت معلوماته أن قدرة مفاعل ديمونا تزايدت أضعافا" وأن إسرائيل كانت تنتج كميات يورانيوم كافية لصنع من عشر إلى اثنتي عشرة قنبلة في السنة الواحدة.

وتشير التوقعات المتعلقة بترسانة إسرائيل النووية إلى امتلاك إسرائيل بين 200 قنبلة كحد أدنى و 500 كحد أقصى, ومهما يكن العدد فما هو مؤكد أن أسلحة إسرائيل النووية هي من بين أكثر أسلحة العالم تطوراً وأن جزءاً كبيراً منها مصمم كقنابل من أجل خوض الحروب في الشرق الأوسط.

والركن الأساسي في ترسانة إسرائيل النووية هو(القنابل النيوترونية) وهي قنابل نووية مصغرة مصممة لتنشر الإشعاع بحيث يقتل الأفراد دون أن يؤثر على سلامة الأبنية, وتتضمن كذلك صواريخ باليستية وقاذفات قادرة على الوصول إلى موسكو, وصواريخ كروز وألغام (زرعت إسرائيل في الثمانينيات ألغاماً أرضية نووية في مرتفعات الجولان ) وقذائف مدفعية بمدى 45 ميلاً.

وفي حزيران عام 2000 أطلقت غواصة إسرائيلية صاروخ كروز أصاب هدفه على بعد  950ميلاً جاعلاً إسرائيل ثالث دولة في العالم تمتلك هذه الإمكانيات بعد الولايات المتحدة وروسيا.

وسوف تجهز إسرائيل ثلاثاً من تلك الغواصات بحيث تحمل كل منها 4 صواريخ كروز.

يتدرج حجم القنابل من حجم (مدمرات مدن) أكبر من تلك التي أسقطت على هيروشيما إلى قنابل نووية تكتيكية صغيرة.

تملك إسرائيل أيضاً ترسانة كاملة من الأسلحة الكيميائية و البيولوجية, وحسب صحيفة صنداي تايمز فقد أنتجت إسرائيل أسلحة كيميائية وبيولوجية مع إمكانية إطلاقها باستخدام برامج متطورة ومتقدمة.

 الاستراتيجية النووية الإسرائيلية

في المخيلة الشعبية, القنبلة الإسرائيلية هي سلاح الملاذ الأخير تستخدم فقط في اللحظة الأخيرة لتجنب الفناء. والكثيرون من أصحاب النية الحسنة المخدوعون من أنصار إسرائيل ما زالوا يصدقون بأن هذه هي الحقيقة. ولكن الحقيقة التي تتضح يوماً بعد يوم أن الترسانة النووية الإسرائيلية ترتبط بالاستراتيجية العسكرية والسياسة التوسعية ارتباطا لا ينفصم.

فإسرائيل أطلقت تهديدات نووية ضمنية لا تحصى للدول العربية, ومن أمثلة ذلك ما ورد على لسان أرييل شارون رئيس الوزراء الحالي حين قال : (قد يكون لدى العرب النفط , ولكننا نملك أعواد الثقاب).

وحسب إسرائيل شاحاك فان (إسرائيل تحضر لحرب نووية لو دعت الحاجة من أجل درء ومنع أي تغير داخلي في بعض دول الشرق الأوسط لا يناسبها من الواضح أن إسرائيل تحضر نفسها علناً لتسيطر سياسياً على كل الشرق الأوسط.... بدون تردد لاستخدام كل الوسائل المتاحة من أجل هذا الغرض, من ضمنها الأسلحة النووية.

البث المباشر